توقيت القاهرة المحلي 22:17:51 آخر تحديث
  مصر اليوم -

رؤية مصر 2025

  مصر اليوم -

رؤية مصر 2025

بقلم - عبد المنعم سعيد

لابد من التفكير فيما يجب التفكير فيه، وهو أن نخلق من الظروف الصعبة الراهنة فرصًا كثيرة، خاصة أن السجل المصرى الحالى يمنحنا قدرات كبيرة لتحقيق هذه الغاية. المسألة ضرورية لأننا على شفا انتخابات رئاسية، وفى مثل هذه الأجواء فإن كثيرًا من النسيان المتعمد جائز لحقائق الأزمات التي واجهتها مصر من قبل وتجاوزتها وفق قاعدة أنه لابد من استمرار التنمية المصرية حتى ولو كان الإرهاب مشتعلًا، أو كانت «الجائحة» قائمة، فالحقيقة هي نجاح مصر خلال السنوات الثمانى الماضية في تحقيق درجة عالية من التقدم ظهرت في معدلات النمو الإيجابية التي استمرت، حتى في سنوات «الجائحة»؛ وفى زيادة مساحة المعمور المصرى؛ وظهرت في التقارير المالية الدولية، التي أعطت لمصر تقديرات إيجابية. خرجت مصر من الاحتجاز حول نهر النيل في اتجاه بحارها وخلجانها، وتماسك ذلك كله بشبكة بنية تحتية قوية ربطت بين الوادى والصحراء، والوادى وشبه جزيرة سيناء.

لكن مع نشوب الحرب الأوكرانية وتفاعل مضاعفاتها مع نتائج أزمة الكورونا وإنتاجها لأزمة اقتصادية عالمية، ظهرت معالم ضغوط كبيرة على الاقتصاد المصرى، حتى بات يواجه صعوبات كبيرة في التعامل مع التضخم المتزايد، الذي بلغ مستويات مرتفعة خلال الفترة الأخيرة، وما ظهر من صعوبات للوفاء بالتزامات مصر إزاء قروضها وديونها الداخلية والخارجية. والأخطر أن الصورة الإيجابية لمصر في التقارير الدولية للمؤسسات المالية الدولية، مثل صندوق النقد الدولى، والتقارير الخاصة بالمؤسسات الاقتصادية الدولية الخاصة مثل «موديز» و«فيتش» و«استاندرد آند بورز»، أصدرت تقديرات سلبية ومتراجعة عن الحالة المصرية واقتصادها. ولكن ولحسن الحظ ونتيجة الإنجازات التي تحققت خلال الأعوام الماضية لم تؤدِّ الأزمة بعد النجاح إلى قلق واضطراب سياسى كما هو شائع في العلوم السياسية.

.. ورغم استخدام جماعات معادية للأزمة واعتبارها فرصة للانقضاض على المشروع الوطنى الجارى، فإن الشعب المصرى في عمومه، ومع سخطه وغضبه، فإن قراره هو التمسك بالاستقرار السياسى وعدم السماح بالعودة إلى التجربة القاسية السابقة قبل عقد من الزمان. تجربة البلدان العربية القريبة في التمرد السياسى قادت إلى حالات يصعب إصلاحها سببت عنتًا وآلامًا يصعب الشفاء منها.

المسألة هنا هي أنه على مصر استمرار التقدم إلى الأمام وليس التراجع إلى الخلف كما جرَت العادة التاريخية المعبرة عن دورات من التقدم تتلوها دورات أخرى من التراجع كما حدث منذ نشأة مصر الحديثة في عهد الوالى محمد على حتى جرى التراجع الكبير بالفوضى وحكم الإخوان في مطلع العقد الثانى من القرن الحالى. ولذا، فإنه من الضرورى وضع المرحلة المقبلة من رؤية «مصر ٢٠٣٠» في إطار زمنى وعملى محدد يمكّن من خلال المتابعة والتركيز من تجاوز الأزمة الراهنة، والمضى قدمًا في تحقيق أهداف مصر الطموحة.

أول ما يجب فعله هو استعادة الثقة في الطريق الذي جرى اختياره في ٣٠ يونيو ٢٠١٣، فلا عودة إلى الفوضى ولا الإخوان. ولكن استعادة الثقة على أهميتها ليست كافية لانطلاقة كبيرة قادمة لا تقل في فاعليتها وطاقتها عن تلك التي سبقت؛ ما لم ترتبط بها رؤية تنفيذية لما سوف يحدث خلال الفترة من الآن إلى ٢٠٢٥، أي قرابة عامين ونصف العام يكون الهدف الكبير فيها «تشغيل التغيير»، الذي تم في مصر خلال الأعوام السابقة سواء كان ذلك المدن التي بُنيت، أو البحيرات التي أُعيد خلقها وتجهيزها، أو مشروع «حياة كريمة» الذي يأتى بالريف المصرى إلى القرن الواحد والعشرين. في هذه المرحلة يمكن أولًا الانتهاء من إدخال ٣.٨ مليون فدان مصرى في الصحراء الغربية وسيناء إلى مرحلة التشغيل الكامل وكذلك التصدير. وثانيًا استكمال ١٧ منطقة صناعية إلى مرحلة التشغيل الكامل عن طريق القطاع الخاص المصرى والأجنبى. وثالثًا بدء التشغيل والتعمير الكامل لما تم الانتهاء منه من المدن الجديدة، وفى المقدمة منها العاصمة الإدارية الجديدة.

وثانى ما يجب فعله هو معرفة أن ما يحدث في مصر هو برنامج إصلاحى واسع النطاق يمثل «العلامة التجارية والسياسية المصرية Brand» إزاء نفسها، وإزاء العالم الخارجى. وهو إصلاح يليق بأمة عريقة، ودولة ذات جذور عميقة لا تدخل في منافسات عقيمة مع دول المنطقة التي أخذت بالفكرة الإصلاحية هي الأخرى، وإنما تسعى إلى التكامل معها. مصر هنا لديها علامتها الحضارية والتجارية والسياسية الخاصة أو باختصار «براند» فعال إقليميًّا ودوليًّا، يضيف ولا ينقص، ويصون ولا يبدد. الحركة المصرية لا تأتى في إطار المنافسة وإنما في إطار طرح أفكار جديدة لم تعرفها المنطقة من قبل كما فعلت مع منتدى شرق البحر الأبيض المتوسط؛ وفى إمكانها أن تدعو إلى مشروعات مشابهة مثل منطقة شمال البحر الأحمر للتنمية والرخاء المشترك.

ثالث ما يجب فعله ربط كل ما سبق بمشروع قومى عملاق يقوم كله على قدرات القطاع الخاص المصرى والاستثمارات الأجنبية سواء بالملكية الكاملة، أو بحق الانتفاع طويل المدى، ويقوم على الاستغلال الأمثل للجزر المصرية، حيث توجد في نيل القاهرة وحدها ١٥ جزيرة، وفى النيل المصرى كله توجد ١٤٤ جزيرة منتشرة أمام ٨١٨ قرية ونجعًا ومركزًا في ١٦ محافظة (أسوان- قنا- سوهاج- أسيوط- المنيا- بنى سويف- الجيزة- القاهرة- القليوبية- المنوفية- الغربية- كفر الشيخ- البحيرة- الدقهلية- دمياط- الأقصر). وهذه الجزر موزعة من أسوان حتى قناطر الدلتا (٥٥ جزيرة)، وفرع رشيد (٣٠ جزيرة)، وفرع دمياط (١٩ جزيرة)، وتبلغ مساحة الجزر ١٥٥٠ كم مربع، أي مثلين ونصف مثل دولة سنغافورة، وأكثر من ثلاثة أمثال دولة البحرين، وأكثر من مثل ونصف مساحة مدينة هونج كونج الشهيرة، وأكثر من ٢٥ مثلًا قدر جزيرة مانهاتن الشهيرة أيضًا في نيويورك، ومن المؤكد أن كلًّا منها تصلح لأن تكون مكانًا للسكن والحضارة لا تختلف كثيرًا عن حى جزيرة الزمالك، أو حى جزيرة المنيل. وكل ذلك بخلاف ٨١ جزيرة في البحر الأحمر، كلها لا تقل روعة عن جزر بحر الكاريبى.

ورابع ما يجب عمله مأسسة الخطاب السياسى للقيادة المصرية من حيث التوقيت، فيكون في افتتاح البرلمان المصرى عرض لما تم وشرح لنتائجه وما عاد به على الدولة والمجتمع، وبعد ذلك عرض لما سوف يأتى خلال المرحلة المقبلة والمتبقية من الرؤية الشاملة للوطن، مع تحديد أولوياتها خلال العامين القادمين. وفى هذا الإطار يكون التجهيز الكريم للانتخابات الرئاسية المقبلة على أساس أنها للفترة الاستثنائية التي أقرها الدستور للرئيس عبدالفتاح السيسى، الذي قاد البلاد خلال فترة حرجة تلت ثورتى ٢٥ يناير ٢٠١١ و٣٠ يونيو ٢٠١٣؛ كما قاد أهم عملية للإصلاح عرفتها البلاد في تاريخها المعاصر، بحيث تستكمل البرنامج الوطنى حتى عام ٢٠٣٠. إجمالًا، استعادة الثقة، ورؤية مصر ٢٠٢٥، هما مزيج من رفع الوعى المصرى بضرورات المرحلة، وبث طاقة إيجابية من الأمل في المستقبل وأن الأجيال المقبلة في مصر سوف تشهد مصر مختلفة عما عرفته الأجيال السابقة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رؤية مصر 2025 رؤية مصر 2025



GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

GMT 22:47 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حرب القرن

هيفاء وهبي بإطلالات متنوعة ومبدعة تخطف الأنظار

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:01 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

ختام فعاليات أسبوع الموضة في الرياض 2024
  مصر اليوم - ختام فعاليات أسبوع الموضة في الرياض 2024

GMT 09:36 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

البرتغال وجهة سياحية جاذبة لعشاق الطبيعة على مدار العام
  مصر اليوم - البرتغال وجهة سياحية جاذبة لعشاق الطبيعة على مدار العام

GMT 09:49 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

طرق العناية بالأجهزة الإلكترونية في المنزل
  مصر اليوم - طرق العناية بالأجهزة الإلكترونية في المنزل

GMT 19:11 2024 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

أحمد السقا يكشف عن مواهب أولاده
  مصر اليوم - أحمد السقا يكشف عن مواهب أولاده

GMT 07:26 2024 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

بوريل يدعو لإجراء تحقيق شامل حول انتهاكات إنسانية في غزة
  مصر اليوم - بوريل يدعو لإجراء تحقيق شامل حول انتهاكات إنسانية في غزة

GMT 01:41 2024 السبت ,19 تشرين الأول / أكتوبر

دار الأوبرا في سيدني تتألق ترحيبا بالملك تشارلز

GMT 13:10 2024 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

نقوش تكشف أسرارا جديدة عن المصريين القدماء في معبد إسنا

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 02:25 2018 الأربعاء ,04 إبريل / نيسان

اتحاد كتاب مصر ينعي الروائي أحمد خالد توفيق

GMT 07:04 2018 الثلاثاء ,27 شباط / فبراير

أشرف عبد الباقي يستعد لافتتاح "مسرح مصر للأطفال"

GMT 03:24 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

ريتا حرب تتألّق في جلسة تصوير حديثة

GMT 12:17 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

الزمالك يطالب الجبلاية بنقل مباراة المصري لملعب القاهرة

GMT 05:02 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

طفل ثالث لكيم كارداشيان من أم بديلة

GMT 03:44 2017 الإثنين ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف على أسعار الذهب في الأسواق المصرية الإثنين

GMT 18:47 2013 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

كولينز أنيقة ومثيرة في بلوزة شفافة وملابس جلدية

GMT 21:06 2015 الأربعاء ,16 أيلول / سبتمبر

النجم المصري محمد صلاح يقود هجوم روما أمام برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon