توقيت القاهرة المحلي 22:17:51 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أول الغيث قطرة؟!

  مصر اليوم -

أول الغيث قطرة

بقلم - عبد المنعم سعيد

لا أدري ما سوف يكون عليه الحال يوم نشر المقال واطلاع القراء عليه؛ وما أعرفه وقت الكتابة أنه في صباح الجمعة 24 الشهر الجاري، وفي الساعة السابعة صباحاً، بدأت أول هدنة في حرب غزة الخامسة بين إسرائيل و«حماس». الهدنة أعطت أربعة أيام فقط يقف فيها القتال فيما عدا إعطاء إسرائيل حق استخدام سلاحها الجوي شمال قطاع غزة إلا من ست ساعات فقط يصمت فيها أزيز الطائرات. خلال فترة الهدنة يجري سباق مع الزمن لإدخال مئات الشاحنات حاملة احتياجات القطاع الأساسية من غذاء ودواء ووقود، وحمل الجرحى والمصابين إلى مستشفيات خارج القطاع عبر بوابة رفح المصرية. اتفاق الهدنة تضمن تسليم «حماس» وحلفائها من المقاتلين في تنظيمات أخرى خمسين رهينة خلال الأيام الأربعة، مقابل 300 أسير فلسطيني، وبالاتفاق سوف تعطي الأولوية للأطفال والنساء. حمل اتفاق الهدنة نافذة لاستمرارها ولو لأيام أخرى، إذا ما أفرجت «حماس» عن رهائن أخرى، فيكون لكل عشرة منهم يوم من وقف إطلاق النار. مثل هذه النافذة يمكنها إضافة أيام إضافية للهدنة، ولكن ذلك لم يكن مضموناً نظراً لعوامل لا يمكن التغاضي عنها تدفع في اتجاه استئناف القتال، وبشراسة أكثر مما كان عليه.

على الجانب الإسرائيلي، فإن الحكومة الإسرائيلية التي قبلت وقف إطلاق النار بصعوبة بالغة كان عليها فيها أن تبتلع اعتراضات الأحزاب الدينية المتطرفة، أعلنت بوضوح كامل أن الهدنة جاءت نتيجة الضغوط الدولية، وبخاصة من قبل الولايات المتحدة، وأنها سوف تستغلها في المزيد من الإعداد للجولة المقبلة من الحرب. من جانب «حماس»، فإنها طالبت دائماً بهدنة أكبر حتى يمكنها الاستعداد بشكل أكبر للجولة المقبلة التي سوف تحاول فيها الاستفادة من حرب المدن التي دخلتها إسرائيل التي سوف يكون عليها إدخال المدرعات الثقيلة إلى الشوارع الضيقة بفعل التدمير الواسع للمباني السكنية، فيسهل اصطيادها من المسافة صفر. الهدنة بالنسبة للطرفين طالت أم قصرت، ظلت «فرصة» الاستعداد لقتال جديد. في الوقت نفسه، فإن الهدنة رغم الاحتفال الدولي بها ظلت بعيدة على جبهتين، هما: «حزب الله» في شمال إسرائيل، والحوثيون في جنوب البحر الأحمر.

أياً ما كان خلال الأيام القليلة الماضية، فالمؤكد أن جهوداً مضنية قد بذلت من أجل استمرار الهدنة أو التفاوض حول هدنة جديدة، وخلال الحرب العربية - الإسرائيلية الأولى عام 1948 عقدت أكثر من هدنة، وفي الأخيرة جرى التسليم بالأمر الواقع الذي انتهت الحرب إليه. وبينما هناك إصرار بين طرفي القتال - إسرائيل و«حماس» - على استمرار الحرب، فإن الواقع السياسي والدبلوماسي تغير كثيراً عما كان عليه عند بداية المعركة. هناك أربع حقائق تغيرت بشكل ملحوظ خلال الأسابيع الستة التي تلت السابع من الشهر المنصرم؛ أُولاها أن القضية الفلسطينية كسبت كثيراً من التعاطف الإنساني من ناحية، والنظر إليها باعتبارها مفتاحاً رئيسياً لتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط من ناحية أخرى. حدث ذلك بسبب التغير غير المسبوق من قبل الرأي العام العالمي، والمجتمع الدولي في الواقع، للتعاطف مع الفلسطينيين، وجرى ذلك من دون استثناء داخل العالم الغربي وخارجه. والثانية أن واقع القتال لم يعطِ إسرائيل نتيجة حاسمة، لا في استعادة الرهائن ولا في تدمير «حماس» وحلفائها، ومثل ذلك في الحرب غير المتكافئة يحرم الأقوى من النصر ويمنح الأضعف الانتصار؛ لأنه لم يهزم. مثل ذلك جرى في فيتنام وأفغانستان والجزائر وحتى خلال حرب الثورة الأميركية على الاستعمار البريطاني. والثالثة أن آليات كثيرة قد جرت لخلق الجسور التفاوضية من أجل ليس فقط تحقيق «الهدن» الجديدة، وإنما للتعامل مع الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي من خلال حل الدولتين الذي لم يعد عليه خلاف بين الدول الأعضاء الدائمة في مجلس الأمن، ومن بينها الولايات المتحدة الأميركية. ولا يقل أهمية عن ذلك أن فجوة جرت بين الولايات المتحدة وإسرائيل ليس فقط فيما يتعلق بحل الدولتين، وإنما أيضاً كيفية التعامل مع قطاع غزة بعد وقف القتال، حيث أعلنت إسرائيل بإصرار أنها سوف تظل محتلة للقطاع لأجل غير مسمى، ولم تمانع من عودة المستوطنات إليها مرة أخرى. واشنطن من ناحيتها أعلنت أن الذي سوف يدير القطاع هم الفلسطينيون، ولم تمانع أن يكون ذلك من خلال منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية الفلسطينية مع دعم عربي ودولي.

رابعها أن الدول العربية لم تكن ساكنة خلال حرب غزة الخامسة، ورغم السخونة العالية للقتال، والمأساة الإنسانية التي نجمت عنها، فإن مصر عقدت مؤتمراً للسلام خرج عنه بيان للدول العربية التسع (دول مجلس التعاون الخليجي الست ومعها مصر والأردن والمغرب) أدان بشدة الاعتداء على المدنيين في الجانبين، ودعا إلى عودة منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية الفلسطينية لكي تكون الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني. كان ذلك تمهيداً لانعقاد القمة العربية الإسلامية الاستثنائية التي سلمت بما توصلت إليه الدول التسع، وأضافت إليه آليات طرح الأمر على مجلس الأمن، والدول الخمس الدائمة العضوية، وطرح المخالفات الإنسانية الإسرائيلية على المحكمة الجنائية الدولية. في كل هذه الآليات كانت هناك معالجة نتائج القتال الحالية، ودعوة واسعة لكي لا يتكرر القتال مرة أخرى من خلال عملية سلام حقيقية تضع مساراً لدولة فلسطينية مستقلة.

بشكل ما، فإن ما جرى بين قمة القاهرة وقمة الرياض يشهر نزعة عربية نشطة تأخذ بتلابيب القضية الفلسطينية المزمنة في يدها من خلال وضع نظام للأمن الإقليمي، وحل المسألة الفلسطينية عن طريق مسار الدولة المستقلة، والمسألة الإسرائيلية من خلال سلام حقيقي يستوعب إسرائيل في الشرق الأوسط الذي يتخلص من التطرف الديني والعدوانية الشوفينية العنصرية، وينحو إلى بناء وتعاون إقليمي يتيح التنمية والرخاء.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أول الغيث قطرة أول الغيث قطرة



GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

GMT 22:47 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حرب القرن

هيفاء وهبي بإطلالات متنوعة ومبدعة تخطف الأنظار

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:01 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

ختام فعاليات أسبوع الموضة في الرياض 2024
  مصر اليوم - ختام فعاليات أسبوع الموضة في الرياض 2024

GMT 09:36 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

البرتغال وجهة سياحية جاذبة لعشاق الطبيعة على مدار العام
  مصر اليوم - البرتغال وجهة سياحية جاذبة لعشاق الطبيعة على مدار العام

GMT 09:49 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

طرق العناية بالأجهزة الإلكترونية في المنزل
  مصر اليوم - طرق العناية بالأجهزة الإلكترونية في المنزل

GMT 19:11 2024 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

أحمد السقا يكشف عن مواهب أولاده
  مصر اليوم - أحمد السقا يكشف عن مواهب أولاده

GMT 07:26 2024 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

بوريل يدعو لإجراء تحقيق شامل حول انتهاكات إنسانية في غزة
  مصر اليوم - بوريل يدعو لإجراء تحقيق شامل حول انتهاكات إنسانية في غزة

GMT 01:41 2024 السبت ,19 تشرين الأول / أكتوبر

دار الأوبرا في سيدني تتألق ترحيبا بالملك تشارلز

GMT 13:10 2024 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

نقوش تكشف أسرارا جديدة عن المصريين القدماء في معبد إسنا

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 02:25 2018 الأربعاء ,04 إبريل / نيسان

اتحاد كتاب مصر ينعي الروائي أحمد خالد توفيق

GMT 07:04 2018 الثلاثاء ,27 شباط / فبراير

أشرف عبد الباقي يستعد لافتتاح "مسرح مصر للأطفال"

GMT 03:24 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

ريتا حرب تتألّق في جلسة تصوير حديثة

GMT 12:17 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

الزمالك يطالب الجبلاية بنقل مباراة المصري لملعب القاهرة

GMT 05:02 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

طفل ثالث لكيم كارداشيان من أم بديلة

GMT 03:44 2017 الإثنين ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف على أسعار الذهب في الأسواق المصرية الإثنين

GMT 18:47 2013 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

كولينز أنيقة ومثيرة في بلوزة شفافة وملابس جلدية

GMT 21:06 2015 الأربعاء ,16 أيلول / سبتمبر

النجم المصري محمد صلاح يقود هجوم روما أمام برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon