توقيت القاهرة المحلي 10:17:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المصالحة في العلمين!

  مصر اليوم -

المصالحة في العلمين

بقلم - عبد المنعم سعيد

استضافة مصر للجماعات الفلسطينية المختلفة والمتنوعة من أجل تحقيق «المصالحة الفلسطينية» تعكس طاقة الصبر المصرية الكبيرة كدولة وقيادة على الشأن الفلسطينى وما فيه من قضايا معقدة ومتشابكة.

المؤكد هو أن هذا اللقاء فى مدينة العلمين يعود بالذهن إلى محاولات عديدة لرأب الصدع بين «الفصائل» دونما نتائج إيجابية، والتى لم تحدث ليس فى القاهرة فقط، وإنما فى عواصم عربية متعددة فى السعودية والجزائر، ودخلت فى الصف مؤخرًا تركيا أيضًا.

للوهلة الأولى، فإنه دائمًا عند عقد جلسات الصلح يكون هناك حدث أو أحداث جلل تتطلب الوحدة بين الفلسطينيين؛ وهذه المرة كانت «غزوة جنين» الإسرائيلية مولدة لقدر كبير من الغضب والحنق على «المجتمع الدولى»، الذى لا ينصف الفلسطينيين، ويغض الطرف عن الجرائم الإسرائيلية.

النتيجة التى يعرفها الفلسطينيون هى أن إسرائيل ترى فى الانقسام الفلسطينى فرصة من ناحية لكى تتدخل عسكريًّا فى النطاقات التى تراها مصدرًا للتهديد؛ ومن ناحية أخرى تضع الفلسطينيين فى وضع العاجز عن السيطرة على المناطق التى تخصهم وفق قسمة اتفاق أسلو.

غزوات اليوم الواحد باتت ابتكارًا إسرائيليًّا خالصًا لكى تقوم بعمليات تدمير واسعة النطاق، وتسميها «البيت والحديقة» فى إشارة إلى المستوطنات الإسرائيلية دونما ذكر لها لأن نتنياهو ورفاقه فى الحكومة يريدون التخلص من كلمتين: الاحتلال والمستوطنات.

الأولى لأن الحكومة الإسرائيلية الحالية تستعيد بقوة غير مسبوقة لدى الإسرائيليين الوعد الإلهى لليهود بأرض فلسطين، والثانية لأنه لا تجوز إدانة الإسرائيلى الذى يعيش فى منزله وأمام حديقته مثلما يعيش المسالمون من أهل الأرض.

لا أعتقد أن أيًّا من هذا قد غاب عن أذهان القيادات الفلسطينية، وقد رأت عيونهم حجم العنف الإسرائيلى؛ ومن ثَمَّ بات اللقاء والوحدة والاتحاد ولَمّ الصفوف واصطفافها مسألة وجودية. ولكن إلى هنا ينتهى التوافق، ويبدأ الاختلاف حول لَمّ الشمل الوطنى من خلال انتخابات عامة جديدة للقيادة الفلسطينية والمجلس الوطنى الفلسطينى؛ وحول استراتيجية التعامل مع إسرائيل.

القضية الأولى تشير فيها استطلاعات الرأى العام إلى أن «حماس» و«الجهاد الإسلامى» ومجموعهما مع فصائل مشابهة تحسم القضية لصالح السيد إسماعيل هنية فى الرئاسة، والجناح «الجهادى» فى مجموعة الأغلبية فى المجلس، فبعد سنوات طويلة من «المقاومة» والغزوات الإسرائيلية المدمرة، فإن الشعب الفلسطينى وقع فى الصف الذى يحقق المواجهة والانتقام.

حصاد ذلك خلال السنوات الماضية كان دائمًا مزيدًا من الاحتلال والاستيطان ونزيفًا من الدم والتدمير الذى جعل الحروب ومحاولة التعمير بعدها أشبه بحلقات دائمة. ما يسقط فى هذا الموضوع هو بناء الدولة الفلسطينية ومؤسساتها؛ وما يظهر منها سوف يكون تآلفًا مع إيران، التى ترى القضية الفلسطينية وقد وقعت فى كفها.

ما يسقط فى هذا الموضوع أيضًا اختفاء الأصول التى قامت عليها حركة التحرير الوطنى الفلسطينية، حيث ينتفى وجود «منظمة التحرير الفلسطينية»- الممثل الشرعى والوحيد للشعب الفلسطينى- ومعه السلطة الوطنية الفلسطينية، التى بات عليها أن تتعامل مع إسرائيل، وفى نفس الوقت يسلب منها الاحتكار الشرعى للسلاح، الذى هو أول مقومات قيام الدولة.

وباختصار، فإن قرارات الحرب والسلام لم تعد واقعة فى يد قوة مركزية قادرة على استخدام أدوات عديدة دبلوماسية وسياسية فى العالم وفى الإقليم من أجل استعادة حقوق الشعب الفلسطينى فى الدولة والاستقلال.

الرئيس محمود عباس، الذى دعا وسط النار والدخان إلى اللقاء، يقيس توازنات القوى، ويعرف حقًّا ما الذى جرى فى «جنين»، ويريد استعادة المناورة الفلسطينية بين القوى المتعددة فى عالم اليوم عله يستعيد القدرة على استعادة مكانة القضية على قائمة الأعمال العالمية؛ ولذا فإن النضال السلمى يصبح هو منهج النزال مع إسرائيل، وفى الوقت نفسه بناء المؤسسات الفلسطينية وإقامة الدولة على الأرض.

وهناك قدرات أكبر على بقاء الشعب الفلسطينى على أرضه، وهو الحقيقة الفلسطينية الوحيدة التى تزلزل الواقع الإسرائيلى لأنه بين نهر الأردن والبحر المتوسط يوجد تعادل فى التواجد الجغرافى. فى المقابل، فإن القوى الفلسطينية الأخرى تريد المنازلة بالسلاح والكفاح المسلح الذى يُضعف من التأييد الدولى من ناحية، ويعطى الفرصة الكبرى لليمين الإسرائيلى لكى يحقق استراتيجيته فى دفع الفلسطينيين إلى نكبة جديدة.

عقد المصالحة فى العلمين كان إشارة إلى المدى الذى يمكن أن تبلغه الدولة الوطنية على الأرض من تحديث وبناء، وكان ذلك هو ما حاولت مصر تحقيقه من خلال مشروع تعمير غزة، الذى لم يكن اعتراضه من جانب إسرائيل، وإنما أتى من خلال الاستدراج إلى مواجهات لم يكن بها توازن فى القوى ولا مكسب فى العالم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المصالحة في العلمين المصالحة في العلمين



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 04:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
  مصر اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان

GMT 13:02 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

علماء يكشفون «حقائق مذهلة» عن السلاحف البحرية

GMT 20:26 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

إيران توقف “تليجرام” لدواع أمنية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon