توقيت القاهرة المحلي 05:59:31 آخر تحديث
  مصر اليوم -

في ظلال المجهول

  مصر اليوم -

في ظلال المجهول

بقلم : عبد المنعم سعيد

من الناحية العملية لم يكن هناك فارق ما بين الوجود فى القاهرة أو التواجد فى بوسطن؛ ففى كلتيهما دارت الحياة حول الحرب الجارية فى منطقتنا، والتى بدأت بهجمة «حماسية» عبر أسوار غزة فى 7 أكتوبر 2023، ولم تنته إلا بحرب ممتدة من غزة إلى الضفة الغربية، ومن هذه الأخيرة إلى الحدود اللبنانية الإسرائيلية، وجرى نفس العبور فى الحدود الإسرائيلية السورية؛ وبعيدًا فى البحر الأحمر نشبت حرب إقليمية دولية عندما قامت ميليشيا الحوثى اليمنية باعتراض السفن وإغراق بعضها؛ وواجهتها أساطيل دولية ركزت حربها على قواعد إطلاق الصواريخ والمسيرات، أما إسرائيل فعبرت طائراتها 1800 كم من الماء لكى تقوم بإحراق ميناء الحديدة عدة مرات. وبعيدًا عن هذه الحروب الثنائية، فإن الصراع بين إيران وإسرائيل أخذ شكلًا فيه قدر من التمثيل، يقوم كل طرف فيه بضربات محسوبة لا تزيد ولا تنقص. وبعد أكثر من عام من القارعة الأولى، فإن عداد القتلى والجرحى والنازحين لم يتوقف. الموضوع كما كان فى القاهرة قراءة ودراسة وإعلامًا ومتابعة لا تتوقف؛ فإنه كان كذلك فى المدينة الأمريكية، حيث يكون هو موضوع الدراسة والتدريس والمتابعة عبر عدد هائل من المصادر التى لا تتوقف لأنها تجرى تغذيتها بالموقف من الانتخابات الأمريكية، وما سوف يفعله السيد بايدن لوقف إطلاق النار، ومتى سوف يذهب السيد بلينكن إلى المنطقة مرة أخرى.

الأيام تجرى بسرعة، وما كان متصورًا أن ينتهى خلال أسابيع- على أكثر تقدير- مر عليه العام وبات الثانى مقبلًا؛ ولا يستطيع أحد أن يستبعد من خواطره أن الحرب الأوكرانية تمر من خلال عامها الثالث. وسط كل ذلك، فإن تصور النهاية التعيسة أو السعيدة صعب، وعبور الاختلال فى توازنات القوى يبدو مستحيلًا، ولكن البحث الدؤوب عن الحل والسلام للأزمة المستعصية لا يمكنه تجاهل أن الجهد يسير فى ظلال أمور مجهولة تشبه القطط السوداء التى تضيع فى ليالٍ مظلمة.

المجهول الأول هو الإجابة عن السؤال عما إذا كانت ستقوم حرب إقليمية أم تظل مُحاصَرة فى الثنائيات المذكورة أعلاه. تعبير الحرب الإقليمية يتجاهل أن الحرب باتت إقليمية تقريبًا منذ بدايتها عندما بدأت «الميليشيات» فى العراق وسوريا ولبنان وفلسطين واليمن تمارس «وحدة الساحات» أولها، و«وحدة المساندة» فى آخرها، بعد عمليات الاغتيال الإسرائيلية متعددة الأشكال. ومع ذلك فإنه جرى اعتماد تعبير «الحرب الإقليمية»، وقصره على انفجار الموقف بين إيران وإسرائيل إلى حرب شاملة. كان المستبعد، وقد أصبحت الكرة فى الملعب الإسرائيلى، أن تكون هناك تمثيلية أخرى؛ يأتيها كل طرف فى «الوقت المناسب»، مستخدمًا الوسيلة «المناسبة»؛ وإنما لا بد له من رفع سقف السخونة إلى درجة أعلى من سابقتها، وهكذا يكون «التصعيد» الذى كان خطرًا ماثلًا فى العلاقات الدولية بأنه أدى إلى الحرب العالمية الأولى التى بدأت باغتيال شخص وانتهت بوفاة 60 مليونًا!، ولكن التمثيلية جرت؛ ومازالت التجربة تستلزم حبس الأنفاس حتى تحدث الحرب أو يأتى الفرج.

المجهول الثانى أننا لا نعلم ما سوف تكون عليه نتائج الانتخابات الأمريكية، وأردنا أو لم نرد، فإن الولايات المتحدة باتت دولة شرق أوسطية، حتى بعد أن قررت الرحيل عن الإقليم؛ وبعد أن عادت حاولت أن تحقق المستحيل، وهو الوقوف اللانهائى مع إسرائيل، والقيام بصنع السلام فى نفس الوقت. وسواء كان الأمر بيد بايدن/ هاريس؛ أو ترامب وحده، فإن كليهما يحتوى على قدر غير قليل من الغيوم. بعد أيام عندما يذهب الناخبون إلى صناديق الاقتراع ستكون هناك نتيجة للتصويت، ونتيجة الانتخابات التى تستند إلى فارق 1٪ هنا أو هناك من الصعب أن تنتهى بعد التصويت، عندما يتسابق الطرفان مع كتيبة من المحامين لإعادة عد الأصوات واللجوء إلى المحاكم الأولية حتى الوصول إلى العليا. المبالغون يقولون إن ذلك سوف ينتهى إلى حرب أهلية؛ وإذا سارت الأمور فى مجراها الطبيعى فإن هاريس سوف تسير مسار بايدن الذى لم ينتج عنه شىء حتى الآن. ترامب ربما سوف يكون كارثيًّا؛ وهل هناك كوارث أكثر مما شاهدنا؟.

المجهول الثالث هو أن هناك أزمة فى القيادة فى أمريكا وفى المنطقة وبالتأكيد فى فلسطين وفى إسرائيل؛ ولا يستفيد أحد من تجربة «السادات» الذى عرف كيف يخوض الحرب ويسير فى طريق السلام. الآن لدينا الحروب، ولكنها عاجزة عن حديث أكثر من حل الدولتين الذى قالت حماس إنها تؤيده، ولكنها لن تعترف بإسرائيل التى هى الدولة الأخرى بعد فلسطين من حل الدولتين؟. رأْى نتنياهو قاطع فى المسألة، وهو أنه لن توجد دولة فلسطينية وهو حى!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في ظلال المجهول في ظلال المجهول



GMT 05:07 2025 الخميس ,13 آذار/ مارس

بدايات

GMT 05:03 2025 الخميس ,13 آذار/ مارس

عبير الكتب: طه حسين والفتنة الكُبرى

GMT 05:01 2025 الخميس ,13 آذار/ مارس

حرب السودان... كيف قلب الجيش الموازين؟

GMT 04:58 2025 الخميس ,13 آذار/ مارس

انتهت وظيفة السلاح اللاشرعي

GMT 04:53 2025 الخميس ,13 آذار/ مارس

مفاهيم فلسفية وتحديات سياسية

GMT 04:51 2025 الخميس ,13 آذار/ مارس

مشهد الساحل السوري له خلفية

الملكة رانيا بعباءة بستايل شرقي تراثي تناسب أجواء رمضان

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:53 2019 الجمعة ,01 آذار/ مارس

خبير مفرقعات يفجر مفاجأة حول حادث محطة مصر

GMT 19:41 2019 الإثنين ,28 كانون الثاني / يناير

كواليس الليلة الأخيرة لـ"عروس العياط" ضحيّة برودة الطقس

GMT 10:23 2018 السبت ,29 أيلول / سبتمبر

"THAT House" بيت زجاجي معاصر بديكور داخلي مذهل

GMT 02:28 2018 الثلاثاء ,03 تموز / يوليو

نشوى مصطفى تؤكّد أنها تعشق التسوق في المولات

GMT 19:53 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

تحذيرات من ثوران بركان"فوجي" في طوكيو

GMT 22:40 2018 الأربعاء ,25 إبريل / نيسان

شركة " PayPal" تفعّل الدفع الإلكتروني لأجهزة سامسونج

GMT 14:22 2018 الخميس ,05 إبريل / نيسان

سموحة مهتم بالتعاقد مع بانسيه لاعب المصري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon