توقيت القاهرة المحلي 22:13:11 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ترافيس سكوت

  مصر اليوم -

ترافيس سكوت

بقلم - عبد المنعم سعيد

حتى أيام قليلة مضت لم أكن قد سمعت عن مغنى «الراب» «ترافيس سكوت»، ولا عن شعبيته الطاغية ليس فقط فى الولايات المتحدة، وإنما كما يبدو فى العالم أيضا. بدأت القصة عندما اتصل بى حفيدى الذى لا يتصل كثيرا سائلا «جدو»- وقد حاول عن طريق «أونلاين» الحصول على تذكرة «الرابر» المهم جدا- أن أبحث له عن تذكرة أو دعوة لأن أصدقاءه جميعا سوف يكونون فى هذا الجمع الهام ولا يريد هو التخلف عن الركب. عرفت منه بأهمية السيد ترافيس، وأنه سوف يقيم حفله الكبير فى ظلال الأهرامات لكى ينتقل منها إلى بقية العالم بالتجزئة لكل أغنية، وبالجملة بإذاعة الحفل كله عبر شبكات تلفزيونية ومواقع التواصل الاجتماعى الإلكترونية. إلى هنا يبدو الحدث سعيدا بما سوف يصدح به من موسيقى قد نحبها أو لا نحبها، ولكنها سوف تخرج ومشاهد الأهرام وأبو الهول وصور من هنا وهناك للمسرح الكبير والسماء المصرية الصافية والزاهية بنجوم براقة.

ما سوف يجرى هو جزء من اهتمام عالمى متزايد بتاريخ مصر القديم، وفى هذا الاهتمام توجد روافد عدة، تأتى من البحث والمعرفة بالتاريخ القديم، والاكتشافات المصرية الجديدة، والمتحف المصرى العظيم، ولأن مصر لأسباب اقتصادية أصبحت مغرية سياحيا. الحفل هكذا يمثل إضافة لاهتمام دور الفنون والأزياء وقادة الدول بزيارة مصر والتصوير فيها، حيث ربما كانت خلفية آثارنا هى أعظم ما يسعد كثيرين فى العالم، حيث الوقوف أمام آلاف من أعوام المجد والحضارة.

إلى هنا، وحتى لو لم نحصل لا على تذكرة ولا دعوة للحفل، فإن الخبر سعيد لأنه يشير إلى حالة من الإقبال على مصر وسياحتها فى وقت هى فى أشد الحاجة إليه وسط منافسات عدة. ولكن فجأة انفجرت موجات رافضة للحفل والمغنى، تدين من سمحوا له بالقدوم والغناء، وهو الرجل الذى هبطت عليه سلسلة من الاتهامات التى سرعان ما نفخت فيها أدوات التواصل الاجتماعى لكى نحصل على قاتل لأحد عشر شخصا، ومنحرف أخلاقى يباشر فى حفلاته الجنس، وعبادة الشيطان؛ وفوق ذلك كله فإنه ممن يؤمنون بعقيدة «الأفرو سنتريك» أى التى ترى أن الحضارة فى العالم لم يقدمها البيض، وإنما أصولها الأولى إفريقية ويقع فى مقدمتها الحضارة المصرية القديمة. أصبح الرجل مجمعا من الانحراف الأخلاقى والشيطنة، وأضيف لها محاولة تدمير «الهوية المصرية».

هذه التهمة النكراء ظهرت فى الحوار المصرى إبان عرض شركة «نتفليكس» للفيلم الوثائقى «كليوباترا» والتى قامت بدورها ممثلة سمراء؛ ووقتها اعتبر ذلك مؤامرة دولية على هوية مصر، والتى هى «مصرية» أصيلة لا يوجد لإفريقيا فيها لا نصيب ولا حظ. المدهش أن ذلك حدث فى الوقت الذى كانت فيه مصر تؤكد على إفريقيتها وعلاقاتها الإفريقية التليدة. وبلغ ذلك المدى إلى نائبة موقرة فى مجلس الشيوخ المصرى أنها اقترحت أن يكون اسم الدولة «جمهورية مصر العربية الإفريقية». فى نظر العالم، وفى عيون الأمريكيين من أصول إفريقية يوجد نوع من التناقض أو النفاق؛ ولدى المتطرفين منهم نوع من «العنصرية».

حتى وقت كتابة هذه السطور كانت نقابة الموسيقيين قد سحبت تصريحها بالحفل، ولكن لا الشركة المصرية التى تقوم بتنظيم وتسويق هذا الحفل أعلنت عن إلغائه، وصرح وكيل «ترافيس سكوت» أن الحفل باق، وأن المغنى فى حالة حماس كبير لزيارة مصر والغناء وسط حضارتها العظيمة. محاولة التحقق من التهم الموجهة له أثبتت أنه بالفعل سقط ١١ قتيلا فى إحدى حفلاته نتيجة التدافع الكبير بين الجمهور، وقد برأه القضاء من أى التزام فى هذا الشأن. فيما بقى من اتهامات فإن بعضها يرجع إلى اختلاف الثقافات، ولو حاسبنا عليها فلن يصل إلى مصر سائح واحد من البلاد الغربية؛ وباقى الاتهامات تدخل فى دائرة قانونية عن أن البينة على من ادعى، ودائرة المصلحة الوطنية فى موقع لمصر فى دائرة السياحة الإقليمية.

الحفل سوف يقع تحت أقدام الأهرامات، ويحضره ستة آلاف من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين ١٥ و٢٥ سنة وهى الفئة العمرية المهتمة بهذا النوع من الفنون، ممن دفعوا لعدد مماثل من المقاعد فى المسرح الخاص فى هذه المنطقة، والذى للعلم يقام فيه حفلات وعروض موسيقية بصورة دورية لأنواع مختلفة من الفنون الموسيقية. ولا أدرى شخصيا ما إذا كان كل عرض منها يخضع لعملية المراجعة الأخلاقية هذه من قبل نقابة الموسيقيين، التى ربما تفعل ذلك فى المرة القادمة إزاء فنانين يمرون علينا وهم فى طريقهم إلى الرياض أو جدة أو دبى.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ترافيس سكوت ترافيس سكوت



GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

GMT 22:47 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حرب القرن

هيفاء وهبي بإطلالات متنوعة ومبدعة تخطف الأنظار

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:01 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

ختام فعاليات أسبوع الموضة في الرياض 2024
  مصر اليوم - ختام فعاليات أسبوع الموضة في الرياض 2024

GMT 09:36 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

البرتغال وجهة سياحية جاذبة لعشاق الطبيعة على مدار العام
  مصر اليوم - البرتغال وجهة سياحية جاذبة لعشاق الطبيعة على مدار العام

GMT 21:27 2024 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

محمد صلاح خارج سباق المنافسة على جائزة أفضل لاعب أفريقي
  مصر اليوم - محمد صلاح خارج سباق المنافسة على جائزة أفضل لاعب أفريقي

GMT 09:49 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

طرق العناية بالأجهزة الإلكترونية في المنزل
  مصر اليوم - طرق العناية بالأجهزة الإلكترونية في المنزل

GMT 01:41 2024 السبت ,19 تشرين الأول / أكتوبر

دار الأوبرا في سيدني تتألق ترحيبا بالملك تشارلز

GMT 13:10 2024 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

نقوش تكشف أسرارا جديدة عن المصريين القدماء في معبد إسنا

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 02:25 2018 الأربعاء ,04 إبريل / نيسان

اتحاد كتاب مصر ينعي الروائي أحمد خالد توفيق

GMT 07:04 2018 الثلاثاء ,27 شباط / فبراير

أشرف عبد الباقي يستعد لافتتاح "مسرح مصر للأطفال"

GMT 03:24 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

ريتا حرب تتألّق في جلسة تصوير حديثة

GMT 12:17 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

الزمالك يطالب الجبلاية بنقل مباراة المصري لملعب القاهرة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon