توقيت القاهرة المحلي 10:18:04 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هل هى أيام ترامب الأخيرة؟

  مصر اليوم -

هل هى أيام ترامب الأخيرة

بقلم - عبد المنعم سعيد

فى الأسبوع الماضى قام أربعون عنصرا من مكتب التحقيق الفيدرالى الأمريكى باقتحام وتفتيش القصر المنيف للرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب فى "مارا لاجو" بولاية فلوريدا. وحتى وقت كتابة هذا المقال لم يكن قد عُرفت نتيجة التفتيش، وماذا كانت أسبابه من الأصل، ولكن التعليقات حوله أشارت إلى أسباب تتعلق بنقل وثائق غير مصرح بحملها خارج البيت الأبيض؛ والبحث عن براهين لها علاقة بما فعله رئيس الولايات المتحدة أثناء أحداث ٦ يناير ٢٠٢٠ الدامية وكانت سببا فى اقتحام مبنى الكونجرس ومنعه من التصديق على نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية والضرورية لتولى الرئيس بايدن لمنصبه. أيا كانت الأسباب فإن الرئيس نفسه جرى استدعاؤه للتحقيق من قبل الادعاء – النيابة – الأمريكي، وفى ٤٠٠ من الأسئلة التى وجهت إليه كانت الإجابة بالاستناد إلى التعديل الخامس للدستور الأمريكي؛ وهو التعديل الذى يعطى المتهم الحق فى رفض الإجابة على السؤال إذا كان يخشى أن الإجابة سوف تدينه. كلا الحدثين غير مسبوقين فى التاريخ الأمريكى أن يوضع رئيس خارج السلطة تحت مظلة التفتيش والتحقيق؛ ومن الجدير بالذكر أن البيت الأبيض صرح بأنه ليس له علاقة بالحدثين. ولكن الواقعتين سبقتهما واقعة أخرى غير مسبوقة وهى قيام المحكمة الدستورية العليا الأمريكية بنقض القانون الذى أصدرته بصدد قضية الإجهاض والسماح بها فى الولايات الأمريكية؛ وهو ما يسمح بنقض قوانين فيدرالية أخرى بعضها يتعلق بالانتخابات فى الولايات وكيفية التأكد من مصداقيتها. وأكثر من ذلك يفتح الباب للتلاعب بتركيب المحكمة ذاتها، حيث إن الدستور الأمريكى لم يقرر عددا لقضاة المحكمة، ولكن التجارب التاريخية قادت إلى العدد تسعة الذى بات مستقرا، ولكنها لا تمنع من منح كل رئيس أمريكى بالتلاعب فى عدد أعضاء المحكمة بحيث يتناسب مع مصالح حزبه وبرنامجه الانتخابي. المعضلة فى كل ما حدث أنه يضرب تماما فى قدس أقداس الدولة الأمريكية القائمة على احترام المؤسسات والسوابق التاريخية والفصل بين السلطات. وما حدث فعلا هو أن الرئيس ترامب وصف حدثى التفتيش والتحقيق بأنهما "مسيسين" أى أنهما قاما على أساس ليس من القانون وإنما من المصالح السياسية للحزب الديمقراطى الذى يحاول خلق الذرائع التى تسمح له بالفوز بأحد مجلسى الكونجرس فى انتخابات التجديد النصفى فى نوفمبر القادم. تصريحات الرئيس عبأت أنصاره فى الولايات المختلفة لكى تضيف إلى عقيدة الإنكار السابقة لنتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية السابقة وتأكيد أنه جرى تزويرها رغم الفشل الكامل فى الحصول على حكم محكمة واحد يؤيد هذا القول من قبل الولايات المختلفة. نتيجة ذلك كله هو حدوث المزيد من الانقسام بين الحزبين الرئيسيين الجمهورى والديمقراطي، خاصة أن الانتخابات التمهيدية للحزب الأول من أجل مرشحين لجولة التجديد النصفى أدت إلى فوز نسبة كبيرة من مناصرى ترامب، أو الذين ناصرهم ترامب بالحشد وربما التمويل فى الانتخابات. فى داخل الحزب الجمهورى ذاته بدأت بوادر انقسام جديد بين أغلبية تطلب ود ترامب، وأقلية جديدة تلتف حول "ليز شيني" – ابنة نائب الرئيس السابق ديك شيني- والتى تزعمت الأقلية التى قامت من أعضاء الحزب بالتصويت لإدانة ترامب فى مجلس النواب خلال الأيام الأخيرة لولايته. هذه الأقلية لم ينجح من ترشح منها فى الانتخابات التمهيدية، وبعضها أعلن عن عدم خوضه للانتخابات من الأصل خوفا من النفوذ الثقيل للرئيس الأمريكى السابق. الانقسام الأمريكى ليس جديدا على الولايات المتحدة، فقد عانت من أشكال الفتنة فى أيام الجمهورية الأولى والحرب الأهلية بعد ستين عاما من الاستقلال؛ وإنما الجديد أن الانقسام الجارى يقوم على التشكيك فى المؤسسات الأمريكية ذاتها وشرعيتها الانتخابية والدستورية. والحقيقة هى أنه خلال سنوات حكمه الأربع فإن الرئيس ترامب لم يترك فرصة إلا ونال فيها من المؤسسات الأمريكية من الكونجرس إلى وكالة المخابرات المركزية إلى وزارة العدل وغيرها. ومن وجهة نظره فإن هذه المؤسسات مخترقة من قبل الديمقراطيين والليبراليين ضعفاء الولاء للدولة الأمريكية والمفتونين بمبادئ عالمية لا تحترمها دولة فى العالم إلا الولايات المتحدة. ومؤخرا فإن عددا من الجنرالات الأمريكيين أدلوا بشهادة قوامها أن ترامب كان يطلب منهم الولاء له شخصيا كما كان يفعل جنرالات ألمانيا مع القيادة النازية الهتلرية. الانقسام يضع فجوة ثقيلة بين الولايات الأمريكية الحمراء الجمهورية، والزرقاء الديمقراطية، فى وقت تقع فيه الولايات تحت وطأة الظروف الصعبة للحرب الأوكرانية وضغوطها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية على الداخل الأمريكي.فى اتجاه معاكس لهذا الانقسام فإن الحزبين الديمقراطى والجمهورى نجحا فى تمرير قانون جديد من خلال مجلسى الكونجرس يسهم فى التعامل الإيجابى مع قضية الاحتباس الحرارى الحادة، والتقليل من أثر الانبعاثات الكربونية الأمريكية خلال العقد الحالي، مع اتباع سياسات ضرائبية تؤدى إلى انتعاش الاقتصاد. هذا النوع من التوافق جديد على الساحة الأمريكية خلال السنوات الأخيرة، ولكن استمراره مع وجود المنافسة فى الانتخابات القادمة وسعى الحزب الجمهورى للاستيلاء على الأغلبية فى مجلسى الكونجرس يضع الديمقراطيين فى أزمة مخيفة وهى أن الرئيس الديمقراطى سوف يكون واقعا تحت المقصلة الجمهورية بالنسبة للقوانين والقرارات التى يتخذها. فهل يكون تفتيش منزل الرئيس السابق، ووضعه تحت التحقيق، إشارة إلى أن المؤسسات الأمريكية قد قررت أخيرا أن تتخلص من خطر السوابق التى تحيط بالرئيس الأمريكى بعد خروجه من السلطة وتضعه فى دائرة من التقدير والمهابة الواجب احترامها. وببساطة فهل ما حدث هو نوع من العمليات التصحيحية التى تقوم بها الديمقراطيات لإصلاح وترميم ذاتها؛ أم أن الولايات المتحدة على أبواب عصر جديد يؤدى إلى التمهيد لانتخاب ترامب فى ٢٠٢٤ ذاته مرة أخرى لفترة ثانية؟!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل هى أيام ترامب الأخيرة هل هى أيام ترامب الأخيرة



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

هيفاء وهبي بإطلالات متنوعة ومبدعة تخطف الأنظار

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:01 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

ختام فعاليات أسبوع الموضة في الرياض 2024
  مصر اليوم - ختام فعاليات أسبوع الموضة في الرياض 2024

GMT 09:36 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

البرتغال وجهة سياحية جاذبة لعشاق الطبيعة على مدار العام
  مصر اليوم - البرتغال وجهة سياحية جاذبة لعشاق الطبيعة على مدار العام

GMT 09:49 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

طرق العناية بالأجهزة الإلكترونية في المنزل
  مصر اليوم - طرق العناية بالأجهزة الإلكترونية في المنزل

GMT 09:41 2024 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

رسالة أصالة لجمهورها قبل حفلها في سلطنة عُمان
  مصر اليوم - رسالة أصالة لجمهورها قبل حفلها في سلطنة عُمان

GMT 07:26 2024 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

بوريل يدعو لإجراء تحقيق شامل حول انتهاكات إنسانية في غزة
  مصر اليوم - بوريل يدعو لإجراء تحقيق شامل حول انتهاكات إنسانية في غزة

GMT 20:41 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الفيشاوي ينفي تغيير كلمات أغنية "نمبر 2"

GMT 18:59 2020 الأربعاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة جونيور أجاي فى نهاية تمرين الأهلي وفحص طبي غدًا

GMT 06:30 2020 الإثنين ,26 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الدواجن في مصر اليوم الإثنين 26تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 06:09 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

محمد هنيدي يكشف حقيقة سخريته من الراقصة البرازيلية لورديانا

GMT 17:50 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

أهم وأبرز إهتمامات الصحف الليبية الصادرة الثلاثاء

GMT 05:52 2020 الثلاثاء ,19 أيار / مايو

محمد حماقي ينعى الشيخ صالح كامل

GMT 23:14 2020 السبت ,07 آذار/ مارس

أسعار الحديد في مصر اليوم السبت
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon