توقيت القاهرة المحلي 14:13:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التمرد وما بعده!

  مصر اليوم -

التمرد وما بعده

بقلم - عبد المنعم سعيد

لم تتوقف المفاجآت فى الحرب الروسية الأوكرانية، الحرب ذاتها بدأت بشكل مفاجئ، وفشل روسيا فى إنهائها بسرعة كان مفاجأة، والهجوم الأوكرانى المضاد الأول فى سبتمبر الماضى ونتائجه الناجحة كان مفاجأة، واستمرار الحرب إلى عامها الثانى كان مفاجأة، وبداية هجوم الربيع الأوكرانى جاءت متأخرة عما كان متوقعًا. لم ينجح توازن القوى فى منع الحرب، وكذلك لم يكن الاعتماد المتبادل فى العالم مانعًا من وقوعها، ورغم المناوشات الدبلوماسية الكثيرة، فلم تكن لها نتيجة، كان جميع العالم ينتظر أن ينتصر طرف ويُهزم طرف آخر. تمرد قوات «فاجنر» المرتزقة على القيادة العسكرية أضاف مفاجأة جديدة حول تماسك الدولة الروسية ذاتها، بدا الأمر وكأنه تمرد قوات الدعم السريع فى السودان. هل بدأت نتائج الحرب تظهر على الدولة الروسية، فالحقيقة أنه لم يكن هو التمرد الأول، فقد خرج فريقان ضمّا جماعات عسكرية عن الطوع الروسى، وبدآ فى عبور الخطوط الأوكرانية إلى روسيا؟.

التفسير الأول لما يجرى أن القيادة الروسية العسكرية والسياسية لم تكن مستعدة للحرب منذ البداية، وساد فيها الظن أن الحرب نزهة فى طرف، وشقاء لطرف آخر. إدارة الحرب عكست ذلك، والاستعانة بقوات مرتزقة كانت شهادة على الحقيقة. تفسير آخر أن المقاطعة الاقتصادية والحرب السياسية بدأتا تنخران فى الجسد الروسى، مضافًا إلى خسائر بلغت ٢٠٠ ألف جعلت التمرد ممكنًا أو مغريًا. تفسير ثالث أن إدارة الغرب للحرب شهدت قبل إطلاق النار على اختراق مخابراتى كبير للقيادة العسكرية الروسية. خبر الغزو وخططه كان مؤكدًا رغم النفى الروسى المستمر، وحينما بدأت القوات الروسية فى العبور كان معلومًا لدى الأوكرانيين الكثير حولها، فكان النصر الأول على أبواب «كييف». التفسير الرابع أن المرتزقة فى الأول والآخر مرتزقة لمَن يدفع أكثر، والدفع الروسى بالمال أو بالذخيرة بات شحيحًا، فمَن يا ترى يدفع الآن؟. اربطوا الأحزمة. المفاجآت لا تزال مستمرة فى روسيا وأوكرانيا والغرب والعالم. بات ذلك التساؤل الذائع فى العالم؛ فلم تكن نهاية التمرد إعلانًا عن عودة الأمور إلى ما كانت عليه، والمرجح أن ٤٨ ساعة لم تكن حاسمة ما بين إعلان «يفجينى بريجوجين» عن التمرد، وقوله إن روسيا تحتاج إلى قيادة جديدة؛ والقول المضاد للرئيس بوتين بأنه سوف يضع نهاية للخونة، وحتى إعلان الجميع حقن الدماء والاستعداد لفض العاصفة قبل أن تظهر أولى نتائجها!.

كنت بالمصادفة البحتة فى الولايات المتحدة إبان الأحداث المثيرة، كان النوم غير منتظم بحكم فارق التوقيت الكبير، ومن ثَمَّ فإن العبث فى ريموت التلفزيون فى الساعة الثانية صباحًا كان طبيعيًّا. جاءت القنبلة من الشاشة بسلسلة من تصريحات المتمرد المرتزق، فائرة ونارية؛ وفى الحال جاء الرئيس بوتين ذاته إلى الشاشة هو الآخر مطلقًا سلسلة من الاتهامات، التى تكفى لوضع كثيرين فى حبل المشنقة، أو أمام طابور لإطلاق النار. الخيانة العظمى ليست اتهامًا بسيطًا، ولكن دائرة السياسة الروسية اكتملت بالوقوف على حافة حرب أهلية، أما دائرة السياسة العالمية فإنها انتقلت مضطربة إلى كيف سيؤثر ما يحدث على جبهات الحرب الروسية الأوكرانية. بعد ظهر الأحد الماضى وصلت إلى القاهرة، وعلمت بوساطة «بيلاروسيا» التى قبلها بوتين وبريجوجين، وبينما عاد الأول إلى نقطة الحرب الجارية، فإن الثانى عاد إلى وظيفته الأولى حقنًا للدماء. لم يوقف ذلك الأسئلة عما يجرى فى روسيا، وهل يمكن الآن التنبؤ بمضاعفة أوكرانيا هجومها، وهى التى باتت على أبواب «بيخمونت»؟.

أيًّا كانت الأسئلة، ومهما كانت الإجابات، فإن الثقة فى روسيا فقدت الكثير من مناعتها، ليس فقط لأن المشهد لم يكن لائقًا بقوة عظمى، أو بقيادة رئيس بقوة بوتين؛ وإنما لأن السؤال الطبيعى هو عما إذا كان ما حدث قابلًا للتكرار!. قوات التمرد استولت بسهولة شديدة ودون مقاومة على مدينة «روستوف»، حيث توجد قيادة القوات الجنوبية الروسية؛ وسكان المدينة المواطنون الروس لم يفعلوا أكثر من أخذ الصور للقوات المتمردة. هذه الحالة تصيب المرء بالجزع الشديد ليس فقط فى روسيا، وإنما فى العالم؛ وربما لخصت الموقف الصين حين أكدت أن ما يحدث فى روسيا هو أمر داخلى لا يجوز التدخل فيه، ولكنها تمَنّت أيضًا تحقيق الاستقرار. واشنطن كانت تريد الاستقرار أيضًا لأن أول ما يتم تهديده فى مثل هذه الحالة من الفوضى هو أمان الأسلحة النووية. لم يكن مريحًا أن تبدأ الحرب على أبواب كييف، ثم تنتهى على أبواب موسكو، فهل عادت الأمور إلى ما كانت عليه؟. لا شىء يبقى على حاله

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التمرد وما بعده التمرد وما بعده



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:38 2024 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

أفضل ماركات العطور النسائية للخريف

GMT 01:24 2018 الخميس ,28 حزيران / يونيو

تذبذب أسعار الدواجن في الأسواق المصريةالخميس

GMT 21:46 2016 الإثنين ,14 آذار/ مارس

تعرَف على جمال مدينة "دهب" جنوب سيناء

GMT 18:21 2024 الثلاثاء ,06 شباط / فبراير

أهمية تناول المكملات الغذائية يومياً

GMT 10:03 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

أفكار تنسيق موديلات عبايات أسود وذهبي للمناسبات

GMT 00:30 2021 الأربعاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

عطل في تطبيق جيميل Gmail والمستخدمون يلجأون لتويتر

GMT 09:01 2021 الأربعاء ,08 أيلول / سبتمبر

ليلى طاهر تعلن اعتزالها التمثيل دون رجعة

GMT 21:32 2021 السبت ,04 أيلول / سبتمبر

أفكار لتنسيق السروال الأبيض في موسم الشتاء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon