توقيت القاهرة المحلي 14:42:23 آخر تحديث
  مصر اليوم -

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (٤)

  مصر اليوم -

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية ٤

بقلم - عبد المنعم سعيد

يوم ٣١ أغسطس ١٩٧٤ كان آخر أيامى الإلزامية فى القوات المسلحة بعد أربع سنوات من التحاقى بها جنديًّا حتى أصبحت رقيبًا فى وحدة مقاتلة شهدت حرب أكتوبر، والآن أصبحت من جماعة الاحتياط الذين يمكن استدعاؤهم لأداء الواجب. لم يحدث ذلك إلا مرة واحدة فيما بعد، ولكن الحياة المدنية بدأت فى اليوم التالى عندما ذهبت إلى وزارة السياحة التى كانت تطل على ميدان التحرير.

كانت هيئة «القوى العاملة» قد رست بى فى الوزارة التى لم تكن تعرف ما الذى تفعله بى على وجه التحديد. بعد شهر رسا بى الحظ مرة أخرى إلى وكالة الوزارة لشؤون التخطيط والمتابعة، ولكن لم يمض شهر واحد إلا وكانت الصدفة البحتة تضعنى فى مسار الصديق الحميم إبراهيم كروان، رحمه الله، قرب سينما مترو بوسط القاهرة لكى يخبرنى أنه يعمل فى هيئة التحليل السياسى بوزارة الإعلام بقيادة الشاب وقتها د. على الدين هلال، ولما كانت لا تزال فى طريق التكوين فإنه سوف يكون مستحبًّا اللحاق بها.

وقد كان ذلك ما تم عندما التقيت بمن صار صديقًا حميمًا على مر نصف قرن. كان فى ذلك الكثير من تصحيح سريع للمسار الشخصى من السياحة إلى أبواب السياسة الواسعة؛ ومنها إلى الدراسة الدقيقة للصراع العربى الإسرائيلى، فقد كان وزير الإعلام وقتها د. كمال أبوالمجد، وكان هو الذى أنشأ الهيئة المذكورة لأنه كان يرى أن وظيفة الوزير ليست فقط أن يقوم بمهام وزارته، وإنما لا بد أن يكون ملمًّا بكل ما يخص الشأن العام، ولم يكن هناك شأن عام وقتها قدر «إزالة آثار العدوان» والتعامل مع قضايا مصر الملحة.

على مدى الشهور التالية تجمعت مجموعة من الشباب أكثرهم من خريجى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية الذين شهدوا مظاهرات فبراير ١٩٦٨، ومن بعدها ١٩٧٢؛ والذين كان لديهم شغف شديد بالسياسة فى مجملها تحت القيادة الرشيدة ومعها أستاذنا السيد ياسين.

بدأت أول تجربة للتحليل السياسى المتعلق بالأحداث الجارية التى تقدم تقديرات سياسية مباشرة لصانع القرار والذى كان وقتها وزيرنا، أما مجلس الوزراء فقد كان يتلقى تقريرًا أسبوعيًّا يلخص الأحداث ويحللها ويقدرها. كنا نبدأ العمل من الصباح المبكر فى الثامنة ولا نغادر المكان قبل منتصف الليل؛ وفى أوقات كان الوزير يمر بنا قبل الانتهاء لكى يتناقش معنا، وذات مرة قال إن ذلك يرفع روحه المعنوية.

وبعد أقل من عام كان الوزير قد ذهب وحل محله الأستاذ يوسف السباعى الذى كان لديه معضلة فى استيعاب ما الذى تقوم به هيئة التحليل السياسى! ولحسن الحظ أن الأستاذ السيد ياسين عُين وقتها مديرًا لمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الذى قام بتعيين إبراهيم كروان أولًا ثم أنا ثانيًا وبعد ذلك تم نقل الجميع من مبنى ماسبيرو إلى مبنى الأهرام.

الالتصاق المباشر بالأحداث السريعة الجارية بعد حرب أكتوبر واكبه تغيير كبير فى توجهى الأكاديمى. أثناء فترة تجنيدى سجلت لدرجة الماجستير ووقتها قررت أن تكون الأطروحة عن «الفكر السياسى لعبد الله النديم» مفكر وخطيب الثورة العرابية، وكان مشرفًا عليها العظيم د. عز الدين فودة الذى تعلمت منه فى هذه الفترة الكثير فى أمور السياسة والثقافة.

كانت قضيتى وقتها كيف نتعلم من دروس الماضى، ولكن الخبرات الجديدة أكدت على أن القضية كيف نتعامل مع الحاضر ونعد أنفسنا للمستقبل. كان الماضى يمدنا بالكثير من الهتافات، ويدخل فى وجداننا السخط والغضب على العالم غير العادل الذى نعيش فيه؛ ولكن الفكر السياسى الذى دخلنا إليه أصبح «كيف نتعامل معه»؟ كنا قد شهدنا المظاهرات والحرب ووقتها كان التعقيد يحيط بكل شىء من اتفاقيات الفصل بين القوات إلى الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلًا شرعيًا ووحيدًا للشعب الفلسطينى.

ووقتها فى مركز الأهرام أخرجت ثلاثة منتجات تخص الصراع: كتيب «وثيقة كوينج وعرب الأرض المحتلة»، وفصلًا عن «السياسة الخارجية لمنظمة التحرير» فى كتاب حرره د. على الدين هلال صدر عن معهد الدراسات العربية، ومع د. مصطفى علوى أخرجنا كتاب «مصر وأمريكا» وصدر عن مركز الأهرام بمناسبة زيارة الرئيس ريتشارد نيكسون إلى مصر.

كان الكتاب يمثل حصادًا منذ ١٩٥٢ حتى وقت صدوره؛ كانت أمريكا ودورها أكبر من نيكسون «بتاع الووتر جيت» التى كتبها أحمد فؤاد نجم وغناها الشيخ إمام. وعرفت ذلك بعد سنوات خمس وما هو أكثر بينما أعد رسالتى للدكتوراه عن «الولايات المتحدة وأزمة أكتوبر ١٩٧٣ فى الشرق الأوسط». بات الصراع يحتاج فى التعامل معه لكثير من المعرفة والعلم والتفكير الاستراتيجى.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية ٤ شاهد على مصر والقضية الفلسطينية ٤



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:01 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
  مصر اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 09:53 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"
  مصر اليوم - ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ حماس

GMT 10:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
  مصر اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 09:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
  مصر اليوم - اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 05:09 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تعرف على أبرز وأهم اعترافات نجوم زمن الفن الجميل

GMT 15:04 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

طريقة إعداد فطيرة الدجاج بعجينة البف باستري

GMT 00:45 2024 الأربعاء ,07 آب / أغسطس

سعد لمجرد يوجه رسالة لـ عمرو أديب

GMT 11:04 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

منة فضالي جمهورها بمناسبة عيد الأضحى

GMT 20:31 2021 الثلاثاء ,01 حزيران / يونيو

وادي دجلة يكشف خطة الفريق للبقاء في الدوري الممتاز

GMT 09:26 2021 الأربعاء ,12 أيار / مايو

"الفيفا" يعلن مواعيد مباريات تصفيات كأس العرب
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon