توقيت القاهرة المحلي 11:21:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الأزمات الكبرى المنسية

  مصر اليوم -

الأزمات الكبرى المنسية

بقلم - عبد المنعم سعيد

طغت الحرب الأوكرانية على كل ما عداها في كوكب الأرض حتى باتت أعتي الأزمات التي تهدد بني الإنسان تدخل في إطار النسيان. هناك صيحات من وقت لآخر تصدر عن الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية مؤكدة أن جائحة كورونا لم تنته، وما زالت العدوي تصيب مزيدا من البشر، وعدد الوفيات دخل إلي دائرة المليونيات. ورغم توافر اللقاحات، وأشكال العلاج، فإن الواقع هو أن الفيروس التاجي لا يزال قادرا على المفاجأة، وتوليد الدهشة في قدرته على التغير والتحور والعدوي. الأزمة الكبرى والتي لم تتولد لها لقاحات أو دواء فهي الخاصة بالاحتباس الحراري الذي يطل علينا هذه الأيام بأشكال وحشية. وقبل ثلاثة أعوام أخذت الظواهر في التراكم عندما جفت بحيرة شاد، وهذا العام جفت بحيرات في العراق وفي ولاية كاليفورنيا ومناطق أخري من العالم. المشاهدات على مستوي العالم تقول إن ما يجري حاليا في مناخ الكون يجعله ليس كما كان، ومن ثم كانت اتفاقية باريس لكي تتعاون دول العالم من أجل تقليل حرارة الأرض بدرجات تعيدها إلى ما كانت عليه، ولم يكن ذلك ليحدث لولا اتفاق الصين والولايات المتحدة، وكلاهما أكثر دول العالم استخداما للطاقة التي تهدد كوكب الأرض. الآن فإن كلا البلدين على مسافة أبعد مما كان عليه حال العلاقات بينهما قبل سنوات عندما توافقا على الاتفاقية. تغلبت الأزمة الأوكرانية على كل أمور العالم، ولم يعد غزو أوكرانيا فقط هو القضية، وإنما عما إذا كانت الصين سوف تأخذ نفس المسار تجاه تايوان هي الأخرى.

تاريخيا كانت الصين من المعترضين على ما يقال عن الاحتباس الحراري واعتبرته محاولة لإعاقة التطور الاقتصادي، ولكنها في النهاية وافقت ووقعت على الاتفاقية لأن التنمية الاقتصادية الصينية أصبحت تحتاج الخروج من المرحلة الكربونية إلى المرحلة النظيفة التي تليق ببلد غني ومتقدم. ما حدث أن أمريكا بقيادة ترامب كانت هي التي خرجت من الاتفاقية، ولكن عودة بايدن لها لم يحل مشكلة الانشغال بالأزمات مع روسيا والصين وتقسيم العالم بين الديمقراطيين والسلطويين. كانت وجهة نظر ترامب عند الخروج من الاتفاقية أن التقلبات الحرارية من الأمور التي عرفها الكوكب طوال تاريخه الذي عرف عهودا ثلجية وعهودا أخري كانت حرارتها كافية لتجفيف الأنهار (منها نهر في صحراء مصر الغربية) والبحيرات، ودفع الناس للهجرة، وربما كان ذلك هو ما يجري حاليا ويدفع الناس من الجنوب إلى الشمال في المكسيك كما هو حادث في إفريقيا. والآن فإن عودة بايدن لها لم يضف الكثير لمواجهة الأزمة اللهم إلا الكلمات التي ترضي الجناح التقدمي في الحزب الديمقراطي، وما عدا ذلك فإن اهتمام الولايات المتحدة لا يزال مركزا على أوروبا والانتخابات الأمريكية.

ما هو ملاحظ حاليا وبشكل مباشر أن المعركة في مواجهة كوفيد ١٩ لم يتم الانتصار فيها بعد، وأن اللقاحات التي جري التوصل إليها على عجل في الزمن اللازم للتوصل إلي اللقاح، لم تمنع الكثيرين من الإصابة بالمرض حتي بالنسبة لمن تلقوا جرعات عدة. بات الأمر يحتاج كثيرا إلي تحرك دولي واسع النطاق للتعامل مع القضايا الكونية الخاصة بالكوكب. في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي حاولت مجموعات من الدول التخفيف من آثار الحرب الباردة من خلال اتباع سياسات لعدم الانحياز، وأحيانا أضافت الحياد الإيجابي، مع محاولة الدفع في اتجاه منع انتشار الأسلحة النووية. لم يمنع هذا الجهد لا احتدام الحرب الباردة، ولا وقوع أزماتها، وانتشرت الأسلحة النووية إلى دول مثل الهند وباكستان وإسرائيل، وحاولت العراق من قبل والآن إيران، وهناك دول لها قدرات نووية واضحة مثل تايوان واليابان وأوكرانيا. ولكن الأمر الآن أكثر حدة في القضايا الكوكبية، وهي لا تؤثر فقط على الدول النامية في الجنوب، وإنما هي تشمل العالم كله، ويدفع ثمن احتدامها الكبير والصغير، والغني والفقير.

كل ما سبق لا يجب استبعاده في مصر على أساس أنه يخص الدول العظمي أو الدول الصناعية الكبرى أو الدول المتقدمة، أو لأننا ليس لنا دور فيما جري للكوكب من ضرر، فهناك أكثر من سبب يدفعنا إلي ضرورة المشاركة في التعاون الدولي الخاص بمسألة المناخ. أولا لأن ذلك فيه فائدة لنا بحكم الأضرار التي يمكن أن تقع علينا كما ذكرنا من قبل، فمصر تقع في قائمة الدول التي يمكن أن تتضرر بشكل بالغ من التغيرات المناخية. وثانيا أن خطط التنمية المصرية واسعة وطموحة، وإحدي المزايا التي تستفيد منها الدول المتأخرة في التنمية هي أنها تبدأ من أعلي نقطة للتقدم في العالم، ومن ثم فإنه لا يوجد ما يدعو للبداية من حيث بدأ الآخرون، وإنما علينا أن نبحث عن أكثر الطرق تقدما لكي نسلكها، خاصة أن جزءا غير قليل من حركتنا يقوم علي غزو الصحراء والإقامة بجوار البحر وتوسيع الرقعة الزراعية والتوسع في الصناعات المختلفة. رؤية ٢٠٣٠ تضع ذلك في حسبانها، خاصة فيما يتعلق بالعاصمة الإدارية الجديدة، والمشروعات العمرانية الأخرى. وثالثا أن الصناعات النظيفة والصديقة للبيئة تعطي منتجاتها مزايا إضافية في عالم اليوم عند تصديرها للدول المختلفة. ورابعا واستنادا إلى كل هذه الأسباب فإن استضافة مصر مؤتمر المناخ المعروف باسم كوب 27 في نوفمبر المقبل يدعونا إلي دور قيادي يقوم علي دعوة عدد من دول العالم إلي المشاركة في الاهتمام بالقضايا الكونية التي تهملها الدول الكبرى في هذه المرحلة. ولا بأس هنا في أن تكون هذه القضايا على جدول أعمال التعاون الإقليمي سواء من حيث الدعوة العالمية للاهتمام أو السعي العلمي والتكنولوجي من أجل التخفيف من آثارها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأزمات الكبرى المنسية الأزمات الكبرى المنسية



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 02:08 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعقد اجتماعًا أمنيًا لبحث التطورات في سوريا
  مصر اليوم - نتنياهو يعقد اجتماعًا أمنيًا لبحث التطورات في سوريا

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 21:40 2019 الخميس ,26 أيلول / سبتمبر

هزة أرضية بقوة 6.5 درجات تضرب إندونيسيا

GMT 02:54 2019 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

خبراء يكشفون عن مخاطر تناول العجين الخام قبل خبزه

GMT 23:10 2019 الجمعة ,05 إبريل / نيسان

نادي برشلونة يتحرك لضم موهبة "بالميراس"

GMT 07:26 2019 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

حسابات التصميم الداخلي الأفضل لعام 2019 عبر "إنستغرام"

GMT 06:56 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

أب يُصاب بالصدمة بعدما استيقظ ووجد ابنه متوفيًا بين ذراعيه

GMT 11:35 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

تشيزني يبيًن ما دار مع رونالدو قبل ركلة الجزاء هيغواين

GMT 09:16 2018 الإثنين ,22 تشرين الأول / أكتوبر

زوجة المتهم بقتل طفليه "محمد وريان" في المنصورة تؤكد برائته

GMT 17:55 2018 الإثنين ,24 أيلول / سبتمبر

فستان ياسمين صبري يضع منى الشاذلي في موقف محرج
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon