توقيت القاهرة المحلي 10:17:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

رحلة المرشحين في وادي مصر!

  مصر اليوم -

رحلة المرشحين في وادي مصر

بقلم - عبد المنعم سعيد

وجودى في الولايات المتحدة أثناء هذه الفترة من تاريخ مصر أعطانى وقتًا غير قليل للمشاهدة والاستماع والتأمل. فاجأنى أحد المرشحين المبكرين بقوله- في حديث مع موقع إلكترونى، ردًّا على سؤال يخص قناة السويس، بعد ضم القناة الجديدة إلى القناة القديمة، وفى لمحة استنكارية واضحة- إنه لن يقبل ذلك من قناة السويس في كونها لا تزال ممرًّا مائيًّا تُدفع فيه رسوم المرور فقط لا غير؛ وفى إدارته فإنه سيجعلها منطقة تنموية ولوجستية تأتى بالكثير من الموارد. كان القول مدهشًا، وقد استمعت إليه قبل ذلك عام ١٩٩٦ عندما اتصل بى السفير القدير رؤوف سعد لكى يخبرنى بتكوين مجموعة داخل وزارة الخارجية المصرية للنظر في تنافسية مصر، وقد وجدت المجموعة أن قناة السويس تقع في مقدمة المشروعات التي توفر الكثير لهذه التنافسية إذا ما تحولت من حالتها كمجرد ممر مائى يأخذ رسومًا على مرور السفن إلى منطقة تنموية لوجستية. كان الطلب هو كتابة المقدمة لكتاب جرى إعداده للعرض في مؤتمر الشرق الأوسط الاقتصادى الذي كان سيُعقد وقتها. مضى عقد من الزمان على هذا الحديث، وإذا بصديقى د. حسام بدراوى يتصل بى، وقد أنشأ جمعية لتنافسية مصر، وهذه استخدمت بيت خبرة بريطانيًّا للنظر في الأمر، فإذا بها تقرر أن قناة السويس تقع في قلب هذه الفكرة، التي لا تجعلها مجرد ممر مائى وإنما منطقة صناعية ولوجستية. بالطبع أخبرته بالتجربة السابقة، وفيما علمت فإنه اتصل بالسفير، ولكن بعدها لم يحدث شىء. مضت سنوات بعد ذلك حتى جاء الوقت الذي ترشح فيه المشير عبدالفتاح السيسى للرئاسة، معلنًا أنه لن يسمح للمصريين بنوم الليل لأن هناك الكثير الواجب فعله من أجل مجد مصر ورفعتها. ولم تمضِ شهور على توليه إدارة مصر حتى طرح مشروع قناة السويس الجديدة بإضافة ممر جديد إليها وتعميق القناة القديمة. جرى العمل بالفعل طوال الليل والنهار من خلال تقليد جديد، وهو أن يكون العمل ثلاث ورديات كاملة، فانتهى المشروع في عام واحد. وقبل عام، وبدعوة كريمة من الهيئة المشرفة على تنمية محور قناة السويس، إذا بى أشاهد إقليمًا جديدًا كان فيه وقتها ٤٤ مصنعًا كاملًا تعمل وتصدر مع عدد آخر تحت الإنشاء، وثلاثة موانئ، وبداية إنشاء المناطق اللوجستية، التي فيما تابعت انتهى بعضها الآن.

وكما يُقال إن في السفر سبع فوائد، فإنه في الانتخابات ربما يكون هناك أكثر من ذلك، فهى ليست فقط من أجل اختيار رئيس للدولة، وهو مهمة عظيمة، وإنما تُضاف إلى ذلك زيادة المعرفة بالوطن وما يحدث فيه فعلًا، وكيف للتيارات السياسية المختلفة أن تطرح نفسها على الجماهير بالأفكار والمشروعات المدروسة، والقضايا التي ينبغى حلها وأخذ مصر كلها إلى الأمام من خلالها. وما هو واضح، فإن المرشح المشار إليه أعلاه، ومع كل التقدير، لا يعرف فعلًا وصدقًا ما الذي جرى في إقليم قناة السويس خلال السنوات العشر السابقة وجعل دخل القناة يرتفع من خمسة مليارات دولار إلى ٩.٤ مليار دولار خلال العام الحالى. بالطبع، فإن الأمر كان يمكن معرفته من خلال وسائل إلكترونية، فمن خلال «جوجل إيرث»، الذي يصور كل ما يحدث على ظهر الكرة الأرضية، ومن بينها مصر، يمكن رؤية التطور الذي حدث في الإقليم، وأكثر من ذلك في تلك المساحة الهائلة من فرع نيل دمياط إلى قناة السويس. ومادام المرشح الموقر ينظر في مصر، فإنه قد يجد من الوقت ما ينظر به إلى ما يحدث غرب نيل رشيد أيضًا، حيث تجرى الوقائع الخضراء للدلتا الجديدة وامتداد قناة توشكى بآثارها شمالًا حتى هذه المنطقة.

واقعة المرشح الموقر هذه ترفع قضية مهمة للمعرفة بما يجرى في مصر فعلًا، وربما لا تكون «المعركة» الانتخابية فرصة للعراك بين المرشحين، وإنما للمعرفة بما هو قائم أولًا وجرى إنجازه؛ ثم بعدها يكون الباب مفتوحًا للحديث ربما عن حسن استخدامه، أو انتهاز فرصه، أو تطويره، بالإضافة إلى قيمته أو التعلم من دروسه. وثانيًا: مادام أنه لا أحد يطرح فكرة «تصفير العداد»، أي عودته إلى نقطة البداية الأولى، فإن ما هو قائم يعتبر نقطة البداية لرؤية مصرية جديدة أو الاستمرار برؤية ٢٠٣٠ إلى ٢٠٤٠. لا يمنع ما حدث أبدًا من الاجتهاد، فما ثبت واضحًا من خلال «حكاية مصر»، التي رواها بروح وطنية أخاذة الرئيس السيسى وأعضاء حكومته، أن كثيرًا من الأفكار جرى ترديدها، وربما دراستها خلال عقد التسعينيات من القرن الماضى، ولكن تحويلها من فكرة، أو حلم، أو دراسة إلى واقع؛ جرى خلال السنوات التسع الماضية. وكان كل ذلك كثيرًا في الانتقال من النهر إلى البحر بالامتداد العمرانى والإنتاجى، وعبور القناة من فوقها وتحتها إلى سيناء لتعميرها بعد وقف الإرهاب فيها. وعلى سبيل المثال فإن المرشح الموقر المشار إليه يكرر كثيرًا أن مشروعه التنموى الذي يقف على أبواب المقارنة مع المشروع التنموى الحالى القائم على «الطرق والكبارى»، يقوم على الصناعة وتحويل مصر إلى دولة صناعية متقدمة. هذه فكرة بَنّاءة، ولكن تطبيقها سوف يكون ناقصًا كثيرًا ما لم تكن هناك معرفة كاملة بالقاعدة الصناعية التي جرى بناؤها وتطوير ما سبق منها خلال السنوات التسع الماضية، مضافًا إليها مسارات كثيرة للانتقال من الداخل المصرى للتصدير إلى دول العالم الأخرى. وما لا يقل أهمية بناء الجامعات والمدارس التكنولوجية التي تصب المهارات إلى قلب الصناعة في المدن التقليدية مثل المحلة الكبرى، أو في مدن صناعية جديدة مثل «طربول»، أو في المناطق الـ17 الصناعية المجهزة الجديدة في 17 محافظة.

الحديث في كل ما سبق سوف يطول عما هو مقرر لهذا المقال من مساحة؛ ولذلك فإن المرحلة الماضية من بداية الحملات الانتخابية، ومع الترحيب بالتعددية الانتخابية والدور الذي تقوم به الهيئة العليا للانتخابات من انتظام دستورى وقانونى؛ فإن طلب رفع الوعى بين المرشحين حول ما هو واقع في مصر من خلال جولة كبيرة لجميع المرشحين المعتمدين خلال يومين سوف يرفع كثيرًا من مستوى العملية الانتخابية. ولا يوجد هناك بأس من مد هؤلاء بمطبوعات الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء ومجلس المعلومات ودعم القرار بمجلس الوزراء، لعل ذلك يضيف إلى الانضباط الانتخابى ورفع مستواه من تبنى شعارات ادعاءات الإخوان الخاصة بـ«فقه الأولويات» ورفض تنمية «الطرق والكبارى» والارتماء في «الصحراء»؛ بمشروعات مكلفة كان يمكن الاستغناء عنها، وإذا حدثت فإنها تكون بربع التكلفة. أعلم أن مثل هذا لا يوجد في تقاليد الانتخابات في بلدان العالم الأخرى، ولكن ظروف مصر مختلفة، ومستويات النضج متنوعة، وربما تكون الانتخابات الحالية أولى الخطوات على طريق طويل تكون المعرفة فيه بما جرى فيها الكثير من اليقين

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رحلة المرشحين في وادي مصر رحلة المرشحين في وادي مصر



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 09:29 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان
  مصر اليوم - طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 04:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
  مصر اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان

GMT 13:02 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

علماء يكشفون «حقائق مذهلة» عن السلاحف البحرية

GMT 20:26 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

إيران توقف “تليجرام” لدواع أمنية

GMT 22:47 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

مبابي يغيب عن نادي سان جيرمان حتى الكلاسيكو

GMT 21:12 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

الزمالك يحصل على توقيع لاعب دجلة محمد شريف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon