توقيت القاهرة المحلي 20:18:55 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الجيل العظيم مرة أخرى «٢-٢»

  مصر اليوم -

الجيل العظيم مرة أخرى «٢٢»

عبد المنعم سعيد
بقلم - عبد المنعم سعيد

فى تأبينى للراحل القدير «ياسر رزق» أشرت إلى كونه من «الجيل العظيم» الذى عبر «النكسة» إلى المشاركة فى تكوين المشروع الوطنى الذى نشاهده الآن الذى يبدو كما لو كان تجميعًا لأحلام وأفكار وطموحات تولدت عبر عقود. الفكرة نفسها تعود إلى الإعلامى الأمريكى الكبير «بوب بروكو» الذى كتب عن الجيل الذى عبر الكساد العظيم فى الثلاثينيات إلى الحرب العالمية الثانية وخرج منها بأمريكا القوة العظمى الأولى فى العالم. «الجيل العظيم» المصرى كان هو الجيل الذى شاهد غرق أجيال سابقة فى هزيمة يونيو ١٩٦٧، وخرج منها بالصمود والاستنزاف والحرب والدبلوماسية إلى مواجهة مع التخلف وآخذًا معه مصر إلى العصر الذى تعيش فيه فى أعقاب ثورة يونيو ٢٠١٣. كان طريق الجيل المصرى العظيم أكثر تعقيدًا بكثير من الجيل الأمريكى لأنه تكون من أحلام متفرقة فى مجالات متعددة لم تنجح النخب المصرية المختلفة فى وضعها داخل نسق واحد للبناء والتقدم. وكان نصيب د. لواء محمد قدرى سعيد هو الحلم العلمى والتكنولوجى الذى يأخذ بذراع مصر ويضعها فى صفوف الدول الناهضة والمتقدمة. كان طبيعيًّا أن يدور بيننا نقاشات مطولة عن الهزيمة ليس كما ذاع عن المسؤولية فيها، وإنما عما إذا كانت هناك أمور هيكلية فى البنية المصرية تستوجب إصلاحات تاريخية، وبدت حرب أكتوبر ساعتها تمثل إطلالة على المستقبل المختلف. كانت وجهة نظره أنه على الحرب أن تكون نقطة فارقة فى التسليح المصرى وفى الفكر الحداثى العلمى فى البلاد. كان فى رأيه أن مصر خسرت كثيرًا فى مشاريع لم تكتمل مثل مشروع صواريخ «القاهر» و«الظافر»؛ ومشروع إنتاج طائرة مقاتلة مع الهند فى النصف الأول من ستينيات القرن الماضى. وفيما بعد عندما خرج من القوات المسلحة والتحق بأسرة مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية وضع على كاهله أن يعاود دراسة هذه التجارب، ومن ثم جمع كل من شاركوا فى هذه المشروعات لكى نتعلم منهم ليس فقط ما كان سيقدمه المشروع للبناء العلمى والتكنولوجى المصرى، وإنما كيف كان وأدها دلالة على ما فى المنظومة من عيوب ظلت تطارد الفكر العلمى المصرى فى جوانبه المتعددة.
فى حدود ما أعلم، وأذكر، فإن تجربة الطائرة بما لها وعليها جرى إصدارها فى كتاب؛ أما تجربة الصواريخ فقد جرت بشأنها ورش عمل واجتماعات كثيرة، ولكن ليس معلومًا ما انتهت إليه. وعندما آلت إليه عضوية مجلس إدارة منظمة «الباجواش» العالمية فإنه بذل جهدًا فى أن تكون مصر عضوًا فعالًا فيها وهى المهتمة بسباق التسلح النووى وأن تقدم لمصر ما تستحقه من خبرة. ولم تكن تجربتى الشخصية أقل غنى، فعندما كنت أعد لكتابى «العرب ومستقبل النظام العالمى» (مركز دراسات الوحدة العربية، ١٩٨٧) فقد كان هو من لفت نظرى أولًا إلى دور التكنولوجيا فى تحديد توازنات القوى فى العالم؛ وثانيًا إلى الفارق الضخم فى التطور التكنولوجى بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتى؛ وثالثًا أنه نتيجة هذا الفارق الضخم فربما كان الأخير فى طريقه إلى الأفول. والحقيقة أنه كان كريمًا بغير حدود فى تزويدى بمراجع ومصادر عالمية حول التطورات التكنولوجية فى العالم، وما تسير فيه من اتجاهات ليس فقط الرقمية أو المعلوماتية وإنما ما ارتبط فيه بالفضاء؛ باعتباره ساحة البشر المقبلة إلى ما وراء كوكبهم من أكوان. لكن اهتمام قدرى بالفضاء لم يكن اهتمامًا فضوليًا مندهشًا، وإنما لأن الوصول إلى الفضاء يبدأ بالصواريخ ليس فقط تلك التى تحمل الأقمار الصناعية، وإنما تلك التى تبدأ بحركة المواصلات والأحمال من وإلى الكوكب الأرضى. كان الاهتمام بالصواريخ جزءًا من فهمه كيفية حماية الأمن القومى المصرى وامتلاك مصر أدوات تحمى وتردع.

كان هذا الجزء الأخير معبرًا عن طموحاته لحماية مصر، وفى هذه فقد كان حريصًا وكتومًا؛ وعندما عملنا معًا فى كتاب «الأفكار والأسرار ١١ سبتمبر ٢٠٠١» كان قدرى يطل على جانب آخر من التهديدات الموجهة لمصر والعالم. كان قدرى يحب جماعة العلوم السياسية، ولكنه كان كثيرًا ما كان يتعجب منها وما فيها من جدل، ولكنه كان حريصًا دائمًا على زرع العلم والتكنولوجيا إلى داخل النظام العام. مرت الأعوام والعقود، وفى أوائل عام ٢٠١٤ ذهبت إلى الولايات المتحدة وكانت كل أشكال الجسور قائمة اتصالًا وحديثًا ولكن بعد العودة فى ٢٠١٦ أخذت الشمعة المتوهجة تذبل، والعين اللامعة تنظر إلى عالم لا نعرفه، تمكن منه «ألزهايمر» حتى ذهب إلى حيث يوجد العظماء، ربما فوق كوكب لم يكتشفه أحد بعد!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجيل العظيم مرة أخرى «٢٢» الجيل العظيم مرة أخرى «٢٢»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:13 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة
  مصر اليوم - زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة

GMT 18:02 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم "الدشاش"
  مصر اليوم - محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم الدشاش

GMT 22:20 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 22:21 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

عباس النوري يتحدث عن نقطة قوة سوريا ويوجه رسالة للحكومة

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 06:04 2024 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الثلاثاء 31 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 14:18 2024 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

من أي معدن سُكب هذا الدحدوح!

GMT 21:19 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

البورصة المصرية تربح 7.4 مليارات جنيه ومؤشرها الرئيس يقفز 1.26%

GMT 21:48 2020 الأحد ,04 تشرين الأول / أكتوبر

البورصة المصرية تغلق التعاملات على تباين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon