توقيت القاهرة المحلي 11:21:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عن الحوار السياسى

  مصر اليوم -

عن الحوار السياسى

بقلم - عبد المنعم سعيد

في التاريخ المصرى كانت الدعوة إلى الحوار السياسى تأتى في مراحل فاصلة. وفى الذاكرة يقع الحوار السياسى الذي وقع في مطلع الستينيات من القرن الماضى، والذى كان مقدمة لصدور «الميثاق الوطنى» الذي كان إعلانا لمبادئ التحول نحو «الاشتراكية» في الداخل والقومية والوحدة العربية في الخارج. المتحاورون في ذلك الوقت اطلعوا من قبل على أهداف ثورة يوليو الستة، ومن بعدها كتاب فلسفة الثورة، وكلاهما مع الميثاق صاروا نوعا من الإطار الفكرى للحياة السياسية المصرية. بعد عقد من السنوات جرى حوار سياسى آخر بعد حرب أكتوبر المجيدة لكى يرسم المسار المصرى الجديد، وخرجت منه وثيقة أكتوبر التي بعدها دخلت مصر في نوع جديد من الحوارات القائمة على التعددية الحزبية في برلمان ١٩٧٦، عبر عنه أشكال من الانقسام حول ما سمى آنذاك بالانفتاح الاقتصادى والسلام مع إسرائيل. ومن سوء الطالع أن حوار الستينيات انتهى إلى هزيمة يونيو ١٩٦٧؛ أما حوار السبعينيات فقد انتهى باغتيال الرئيس السادات. لكن الدعوة إلى الحوار ظلت دائما قائمة، وفى أحيان خلال فترات الرئيس مبارك الرئاسية انعقدت هذه الحوارات وانفضت دون نتائج ملموسة. وخلال ثورة يناير ٢٠١١ جرت حوارات كثيرة في ميدان التحرير انتهت دائما إلى عشرات من الأحزاب والجماعات السياسية؛ ولكن الحوار ما بين جماعة الإخوان المسلمين وبقية القوى السياسية قسم هذه الأخيرة إلى جماعة فيرمونت التي أيدت المرشح محمد مرسى، والجماعة التي انصرفت عن الثورة. بعد ثورة يونيو ٢٠١٣ ظلت الدعوة إلى الحوار دائما قائمة حتى دعا إليها الرئيس السيسى في حفل إفطار الأسرة المصرية على أن تديرها إدارة المؤتمر الوطنى للشباب.
الأصل في موضوع الحوار داخل الدولة الوطنية أنه جزء من الكيان السياسى العام للدولة، حيث تجرى الحوارات داخل المؤسسات السياسية النيابية والأحزاب السياسية داخلها، وبينها وبين الأجهزة التنفيذية، وهو متواجد في أجهزة الإعلام والثقافة بوجه عام. باختصار إنها «النخبة السياسية» المؤثرة في القرار العام سواء جاء من الدولة أو المجتمع فيما يخص «المصلحة القومية» والتوجهات الداخلية والخارجية نحو التنمية والأمن القومى. هي عملية ديناميكية تتحرك مع الزمن حسب ما يستجد من أحداث ويتطور من مواقف، وما هو مطروح ومتاح من اختيارات. وفى هذه الحالة فإن هناك تمييزا ما بين «الرأى» و«الموقف»، حيث يكون الأول وجهة نظر قابلة للتعديل والتطوير والتغيير حسب ما هو مطروح من حجج وبراهين ووقائع؛ أما الثانى فإنه تعبير عن التزام فكرى أو سياسى أو أيديولوجى، وما يترتب عليه ليس بالضرورة حوارا في مراحل استكشافية وإنما مباحثات ومفاوضات. في الأول يجرى الحوار حول الخلاف سعيا نحو التوافق؛ وفى الثانى يكون الحوار حول المقايضة ومراعاة مقتضى الحال. وفى كل الأحوال فإن الحوار «لغة» تخرج من أطرف متنوعة، وفيها- كما قال شاعر حكيم- أن الكلمة نور، والكلمات قبور؛ وقال عنها آخرون إن «الملافظ سعد» أحيانا ومسنونة ومسمومة أحيانا أخرى.

جوهر الموضوع أن الحوار السياسى يجرى حول قضايا جوهرية استراتيجية، ويأتى في لحظة مفصلية تحتاج فيها الجماعة السياسية إلى تقييم ما جرى، واستطلاع ما هو قادم، وتحديد- كما طلب الرئيس- «أولويات» المرحلة المقبلة، خاصة بعد أن أصبحت مصر جاهزة ببنيتها الأساسية لتحقيق انطلاقتها الكبرى. وبشكل ما فإن مصر الآن تقع في منتصف رؤية «٢٠١٥-٢٠٣٠»، الذي يدعو لتقييم ما جرى وهو كثير، والنظر إلى ما بقى من العقد الراهن لاقتراح ما هو أكثر من توجهات وأولويات تحقق طموحات شعب عظيم وراغب في استعادة مكانته تحت شمس عالمية في أزمان صعبة. وهو موعد إعلان «الجمهورية الجديدة» التي نريدها «دولة مدنية ديمقراطية حديثة»؛ فما الذي تبقى لكى نسعى له من مدنية الدولة، وديمقراطية السياسة، وحداثة المجتمع؟.

هناك الكثير الذي ينبغى على الحوار أن ينجزه في تحقيق الهدف القومى الأسمى المذكور، والمعرف عمليا بأن تكون مصر واقعة بين الثلاثين دولة الأولى في المقاييس العالمية المعروفة من التنمية البشرية إلى التنافسية إلى الحريات المختلفة. اختيار إدارة المؤتمر الوطنى للشباب للحوار موفق لأن المتوقع منه سوف يكون حديثا عن المستقبل أكثر من الماضى؛ ولكن الولوج إلى الإطار الدستورى للتغيير ربما سوف يحتاج استنفار الصيغة المؤسسية لمجلس الشيوخ المفوض بهذه المهمة في المادة ٢٤٨ من الدستور الحالى التي تقول بأن يختص المجلس «بدراسة واقتراح ما يراه كفيلا بتوسيد دعائم الديمقراطية، ودعم السلام الاجتماعى والمقومات الأساسية للمجتمع وقيمه العليا، والحقوق والحريات والواجبات العامة، وتعميق النظام الديمقراطى، وتوسيع مجالاته».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن الحوار السياسى عن الحوار السياسى



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 21:40 2019 الخميس ,26 أيلول / سبتمبر

هزة أرضية بقوة 6.5 درجات تضرب إندونيسيا

GMT 02:54 2019 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

خبراء يكشفون عن مخاطر تناول العجين الخام قبل خبزه

GMT 23:10 2019 الجمعة ,05 إبريل / نيسان

نادي برشلونة يتحرك لضم موهبة "بالميراس"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon