توقيت القاهرة المحلي 18:17:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كاميلوت ٢٠٢٣

  مصر اليوم -

كاميلوت ٢٠٢٣

بقلم - عبد المنعم سعيد

في عام ١٩٦٧ ظهر إلى الدنيا فيلم سينمائى باسم «كاميلوت»، الذي هو مكان في إنجلترا، حيث كان يقيم الملك «آرثر»؛ ومن المكان والشخص تكونت أسطورة، لعلها كانت النواة التي التفت حولها «الهوية» البريطانية، أو هكذا يظن أهلها.

الفيلم سبقته مسرحية موسيقية ظهرت في نيويورك قبل سنوات، ولكن أصولها ربما عادت إلى ظهور القصة في القرن الثانى عشر، والتى سبقتها قصيدة شعر فرنسية حول الملك الذي أحب أميرته «جنيفر».

هنا يوجد وجه للحب والمثالية التي جعلت الملك يجمع فرسان الممالك المحيطة التي أعياها الظلم والعدوان من القوى على الضعيف، والغنى على الفقير؛ وحول «مائدة مستديرة» لا يكون فيها قائد أو زعيم بحكم التكوين يكون تغيير الواقع المؤلم، وإقامة العدل، والانتصار للمظلوم.

«كاميلوت» هنا باتت واحة وسط إمارات متصارعة ومتخاصمة ولا يستقر فيها زرع ولا ضرع، يسودها فرسان يتصفون بالنبل والتسامح.

هي المدينة الفاضلة التي يتوق إليها الإنسان، وتتمناها شعوب تريد اللقاء في الخير، أو في هوية حميدة. ولأن القصص أو الأساطير لا تبقى على حالها، فإن الإثارة تقتضى عنصرًا للقوة يظهر من تعميد آرثر ملكًا عندما يتمكن من تخليص السيف «إكسكالبر» المقدس من داخل صخرة صلبة.

ولا بأس أيضًا من الدخول إلى ساحة المرأة عندما يأتى إلى المائدة الفارس «لانسلوت» ويقع في غرام «جنيفر»، وتقع هذه الأخيرة في غرام الفارس المقدام الصديق الصدوق لزوجها النبيل.

تحدث المواجهة وتنتهى قصة الحب، ومعها تنكسر «المائدة المستديرة»؛ ولا يجد «آرثر» إلا أن يذهب إلى الأراضى المقدسة بحثًا عن القدح المقدس الذي ارتشف منه المسيح عليه السلام ماء وهو في طريق الآلام حاملًا صليبه، لعل فيه شفاء وحكمة للتعامل مع الموقف الصعب الذي يبلغ فيه الألم أقصاه.

ما يهمنا في الموضوع أصوله وليس ما صبغته بها الحياة والفن والأدب من إثارة، وفى وقت يبدو فيه العالم مهتزًّا على قرنى ثور هائج بفعل الحرب الأوكرانية، وتظهر فيه منطقتنا في الشرق الأوسط على شفا انفجارات صعبة.

لم يكن الحظ مواتيًا، ولا السنوات الماضية رحيمة، وإنما كان هناك ميراث أيام غاضبة بالثورة والعنف والإرهاب انقلبت إلى حروب أهلية.

ووسط الزلازل والأعاصير، يبدو وكأن هناك برميلين للبارود على وشك الانفجار: واحد منهما على أرض فلسطين، حيث أفضى الانقسام التاريخى في إسرائيل بين اليمين واليسار إلى انشطار اليمين إلى جماعات متطرفة وعنيفة.

ولا ترى هدفًا إلا بالخلاص من الفلسطينيين، وضم أراضيهم في الضفة الغربية إلى دولة إسرائيل «التاريخية»؛ ولا بأس بعد ذلك من إقامة دولة فلسطينية مستقلة في غزة!، والآخر على ضفاف «الخليج العربى».

حيث تواجه إيران عزلة دولية، وانفجارًا داخليًّا، ومشروعها الداخلى لإنتاج السلاح النووى، وتوابعها الإقليمية المسلحة بالعنف في العراق وسوريا ولبنان واليمن.

التجارب مع إيران تشهد أن هناك سوابق لاستخدام القوة في الأراضى السعودية والإماراتية بصواريخ وأسلحة مُسيَّرة.

كلا البرميلان من البارود متصلان، وانفجار أحدهما لا يكتمل إلا بانفجار الآخر.

هنا، فإن المنطقة كلها في حاجة إلى «مائدة مستديرة» من الفرسان والحكماء والقادة للنظر في الأمر أو الأمور الخطيرة؛ وإذا كان لا أحد يريد الاعتماد على أسطورة إنجليزية، فإن العرب عرفوا من قبل ما سموه «حلف الفضول».

ودون الدخول في الكثير من التفاصيل، شكّل الحلف سابقة قبل نزول الرسالة الإسلامية، ولكنها أقرته فيما بعد، عندما دخل مكة زائر مارس التجارة، فما كان من أحد الأقوياء إلا أن منعه عن حقوقه، فما كان منه إلا أن اعتلى تلًّا وألقى شعرًا شرح فيه ما وقع له من ظلم.

ساعتها قام كرام مكة بالاجتماع والتوصل إلى وثيقة أنه لا يجوز ظلم على زائر للمدينة، وأنهم سوف يستردون ما له من حقوق، وكان ذلك هو ما حدث، حيث حصل المظلوم على ما له.

القصة هكذا تمثل تراثًا جماعيًّا في منطقتنا لرد المظالم إلى أهلها، ولا يقل أهمية عن ذلك حماية كافة أطراف المنطقة ومشروعاتها التنموية ورؤاها للمستقبل من انعكاسات انفجارات طاحنة.

وسواء كان الأمر مستقرًّا على «مائدة مستديرة» أو حلفًا للفضول، فإن المشاركين يعلون شأن نبل الأهداف على سباق التنازع على شرف القيادة؛ والتعلم من السوابق التاريخية التي جعلت المشرق العربى ينقسم تاريخيًّا على حاله حتى بدون «سايكس بيكو».

ولما جرى للقضية الفلسطينية، التي لم ينفع فيها أبدًا تصالح على النيل في مصر ولا في الطائف في السعودية ولا في الجزائر، حيث كانت هناك جبهة واحدة للتحرير.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كاميلوت ٢٠٢٣ كاميلوت ٢٠٢٣



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 17:49 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

خالد النبوي آخر «الكبار» الغائبين عن دراما رمضان 2025
  مصر اليوم - خالد النبوي آخر «الكبار» الغائبين عن دراما رمضان 2025

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

GMT 00:03 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

بايدن يُكرم ميسي بأعلى وسام في أمريكا

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 13:37 2020 الأحد ,24 أيار / مايو

الفيفا يهدد الرجاء المغربي بعقوبة قاسية

GMT 12:48 2020 الثلاثاء ,19 أيار / مايو

أسعار الذهب في مصر اليوم الثلاثاء 19 مايو

GMT 16:51 2020 الثلاثاء ,31 آذار/ مارس

إصابة طبيب رافق بوتين في جولة "فيروس كورونا"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon