توقيت القاهرة المحلي 20:27:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ذلك الفيل فى الحجرة مرة أخرى!

  مصر اليوم -

ذلك الفيل فى الحجرة مرة أخرى

بقلم - عبد المنعم سعيد

فى ١٣ نوفمبر الماضى، كتبت فى هذا المقام مقالًا تحت عنوان: «ذلك الفيل فى الحجرة»، فى إشارة إلى تعبير أمريكى عندما يجتمع القوم من أجل التداول أو البحث فى أمر، تكون أذهانهم منشغلة بأمر لا يقل أهمية، ولكن لا أحد يريد الحديث فيه. ذلك الأمر الأخير يسمى الفيل الذى فى الحجرة، ورغم ضخامة حجمه، التى لا يمكن تجاهلها، فإن أحدًا لا يريد أخذه فى الاعتبار حتى لا تضيع أهمية ما اجتمعوا من أجله. كانت المناسبة فى ذلك الوقت هى انعقاد مؤتمر «كوب ٢٧» فى شرم الشيخ حينما كان الفيل هو الحرب الأوكرانية، التى كان ظلها ثقيلًا على المشاركين.

ومع ذلك، فقد تجنب الجميع ما يبدو مُعكِّرًا للصف، حتى كان الرئيس السيسى هو الذى فض عقدة الفيل عندما أعلن أنه لا يمكن تجاهل الحرب؛ والمؤكد أنه لا يمكن القبول باستمرارها، ونتوقع بعد ذلك حل إشكاليات وعقد ومعضلات المناخ ومخاطره التى سوف يجرى نسيانها. من الناحية المنهجية البحتة فإن نظرية الفيل الذى جرى تجاهله يقول عنها العارفون بتحليل «الخطاب» بأنها «المسكوت عنه»، الذى ينبغى عند التحليل ألا يقل فى الأهمية عن «المنطوق به».

ما حدث فى «كوب ٢٧» جرى فى محافل دولية عديدة، وحينما حل الشتاء فإنه كان دبلوماسيًّا أيضًا كما ذكر عالِم السياسة الأمريكى «جو ناى»؛ والمدهش بعد ذلك أن «فيل الحجرة» العالمية، والمسكوت عنه فى الخطاب الدولى، استمر، حتى بعد أن طرحت الصين مبادرتها وقت مرور عام على الحرب. بدا الأمر وكأن استمرار الحرب وانتظار «هجوم الربيع» لهما الأولوية على عقد السلام. الولايات المتحدة جعلت من الدور الصينى مسمومًا منذ البداية ومضادًّا للعقل ومتهمًا بالتحيز قبل أن تبدأ المفاوضات. خارج واشنطن فإن الدبلوماسيين فى العالم لم يجدوا فى المبادرة ما يستحق لأنها لم تطرح تفاصيل التسوية بين الطرفين الروسى والأوكرانى، اللذين كانا يريدانها واضحة جلية. مثل ذلك بالطبع لا يتماثل مع ما هو معلوم فى عالم التفاوض من الاتفاق على المعادلة الرئيسية فيه كما جاء فى المثال التاريخى للمبادرات العربية الإسرائيلية التى قامت على أن الأرض مقابل السلام؛ وبعدها جرى تفسير ذلك بأنه تراجع من جانب إسرائيل فى الأراضى التى احتلتها مقابل إقامة علاقات طبيعية بين الطرفين العربى والإسرائيلى. لم تكن المسألة أبدًا سهلة، فقد جرت المحاجاة حول تحديد ما إذا كان القرار ٢٤٢ يتحدث عن «الأراضى» أو «أراضٍ»؛ وعما إذا كان «التطبيع» يزيد أو ينقص عن إقامة العلاقات الدبلوماسية. فى الواقع العملى كان هناك ما سُمى إجراءات بناء الثقة، وعشرات من جولات التفاوض المباشر وغير المباشر، وكانت هناك دائمًا أطراف ثالثة، كما كانت هناك مسارات أخرى للتفاوض، الذى كان بمثابة معمل لاختبار واختيار الخيارات المختلفة، وجس النبض، و«التعرف على الآخر».

المبادرة الروسية قدمت المعادلة الأولى، التى تقوم على الانسحاب الروسى من الأراضى التى احتلتها فى «النزاع الأخير»؛ مقابل وقف التهديدات الغربية للأراضى الروسية، المتمثلة فى توسعات حلف الأطلنطى. ولكنها، وهذه هى طبيعة المفاوضات، لا تدخل فى تفاصيل أخلاقية عمّن بدأ الحرب، وهل كانت هى «حرب بوتين»، الذى يريد التوسع مشيًا مع تقاليد روسيا القيصرية؛ أو أنها كانت حربًا أطلنطية جرى الزحف بها منذ انهيار الاتحاد السوفيتى مهانًا وذليلًا.

المؤكد أن هناك قائمة أعمال تبدأ بعدد من الخطوات اللازمة للتهدئة، من أول تقديم العون للقوات المحاربة والتعامل مع قضايا الغذاء والدواء وتبادل الأسرى وخطوات بناء الثقة إلى آخره. كما أن هناك إجراءات عملية قد تكون سرية، أو أن المعلن منها سوف يدور على وضع قائمة أعمال بقضايا الخلاف، وكلها تبدأ من زيارة رئيس الصين «شاى جين بينج» لموسكو والحديث مع الرئيس الأوكرانى، وعلى الأغلب سوف تنتهى عنده ما لم يتغير الموقف العالمى من المبادرة.

أكثر الأفيال فى الحجرة غموضًا هو الفيل الفلسطينى، وفى الوقت الذى ذهبت فيه إسرائيل إلى أقصى اليمين سياسيًّا، وأقصى الطاقات الاستيطانية، وأكثر درجات تجاوز التقاليد المرعية فى القدس؛ فإن الجانب الفلسطينى بعد الاستنكارات والإشارة إلى «القرارات الأممية ذات الصلة»، فإنه لا يبدو على استعداد لما هو أكثر من مبادرة مصالحة أخرى.

استطلاعات الرأى الفلسطينية الأخيرة تشير إلى «العودة للكفاح المسلح»، وكما هى العادة بلا استراتيجية ولا صلة بتحقيق الوحدة الوطنية اللازمة للكفاح والسلام أيضًا. النتيجة هى أنه وسط الاستنكارات فإن الفيل يظل راسخًا فى الحجرة لا يتحدث أحد عنه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ذلك الفيل فى الحجرة مرة أخرى ذلك الفيل فى الحجرة مرة أخرى



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 09:29 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان
  مصر اليوم - طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 23:00 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

البيت الأبيض يصف كتاب "بوب وودورد" بأنه "قصص ملفقة"

GMT 09:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار في الديكور للحصول على غرفة معيشة مميزة في 2025
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon