توقيت القاهرة المحلي 07:25:34 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عودة القطاع الخاص: وثيقة سياسة ملكية الدولة (٢-٢)

  مصر اليوم -

عودة القطاع الخاص وثيقة سياسة ملكية الدولة ٢٢

بقلم : عبد المنعم سعيد

قد يبدو عنوان المقال متناقضًا بعض الشىء، لأنه يشير من ناحية إلى «عودة القطاع الخاص»، بينما هو يقود إلى «وثيقة سياسة ملكية الدولة» بمعنى أن المرجعية هنا هى الدولة وملكيتها ومدى التخارج منها. والحقيقة أن العنوان عاكس تمامًا لتلك الرغبة المتواترة فى التاريخ المصرى المعاصر بأن تعود مصر إلى قواعدها فى الدولة الطبيعية، حيث يكون الاقتصاد الوطنى قائمًا على السوق الحرة، وقيادة القطاع الخاص من ناحية أخرى فى الحجم من الناتج المحلى الإجمالى، وفى التشغيل، والريادة فى تحقيق معدلات عالية للنمو. فى مقال الأسبوع الماضى «الطريق إلى وثيقة ملكية الدولة»، أوضحتُ تلك الحالة من التردد إزاء دور القطاع الخاص فى الاقتصاد القومى، سواء كان ذلك فى لحظات النمو أو أوقات الانكماش، وفى الأولى كان الاعتماد على دور الدولة فى ظل ظروف استثنائية تستدعى تدخلها بأدواتها المختلفة، لكى تزيد الإنفاق والاستثمار العام فى مجالات البنية التحتية والتعليم والصحة، وهى مجالات «لا يعتقد أن القطاع الخاص قادر عليها فى وقت زمنى قصير». كان ذلك هو ما أوضحت به الدولة مسيرتها خلال السنوات الثمانى الماضية، حيث واجهت ليس فقط الاحتياج إلى دورها، وإنما مواجهة الظروف الاستثنائية للتعامل مع «الإرهاب» و«الجائحة» وأخيرًا «الحرب الأوكرانية»، ثلاثتهم مثل ضغوطًا كبيرة على الاقتصاد المصرى، ولدت أولًا قصورًا فى موارد العملة الأجنبية، مما أدى إلى تخفيض قيمة العملة المصرية؛ وثانيًا قصورًا آخر فى القدرة على استمرار معدلات النمو نتيجة العقبات أمام الموارد اللازمة للإنتاج والتى تراكمت من القصور فى سلاسل التوريد العالمية؛ وثالثًا أن أولًا وثانيًا ولّدا حالة مرتفعة من التضخم وارتفاع الأسعار لم يعهدها المواطن منذ التعويم الأول للعملة فى ٣ نوفمبر ٢٠١٦؛ ورابعًا أنه بات ضروريًا لعلاج هذه الحالة القبول بقواعد العرض والطلب على العملة الوطنية حتى لا تتكرر الصدمات التى حدثت مع التعويم منذ بداية هذا القرن حتى الآن؛ وكذلك تعبئة الموارد الوطنية خاصة وعامة من أجل استدامة التنمية المصرية وتحقيق أهداف «رؤية ٢٠٣٠».

المدخل إلى هذه النقطة الأخيرة كان «وثيقة ملكية الدولة» التى من ناحية استندت إلى مرجعية النمو فى الدول الصناعية الجديدة التى اعتمدت على قراءة ٣٠ تجربة دولية، ونظرت إلى ثلاث دول، هى الصين وإندونيسيا والهند، وهى التى أنتجت وثائق مماثلة سماتها العامة هى القبول بمبدأ «اقتصاد السوق» من ناحية، وتحديد الدولة لأولوياتها التى تفرض عليها التدخل المباشر من ناحية أخرى. وهكذا قامت وثيقة الدولة على تحديد آليات التخارج من النشاط الاقتصادى، سواءً بشكل كلى أو جزئى، لتشجيع القطاع الخاص، والتى تختلف بدورها من قطاع اقتصادى لآخر، ومن أصل عام مملوك للدولة إلى آخر، كما تختلف كذلك بحسب الهدف من مشاركة القطاع الخاص فى ملكية الأصول العامة. وأظهرت الوثيقة أنه يتم اختيار الآليات التى من شأنها تعظم العائد الاقتصادى من مشاركة القطاع الخاص، وزيادة المكاسب الاقتصادية الكلية من تحرير الأسواق، وزيادة مستويات المنافسة، بجانب تعظيم فائض المستهلك، وتحقيق أعلى مستويات للربحية والكفاءة الاقتصادية لتلك الأصول، مشيرة إلى أنه سوف يتم الاستناد فى تحديد آليات التخارج إلى أفضل الممارسات الدولية وإلى الخبرات المتخصصة فى هذه المجالات لضمان كفاءة تنفيذ سياسة ملكية الدولة للأصول العامة. وذكرت أنه سوف يتم النظر فى عدد من بدائل تنفيذ سياسة ملكية الدولة المصرية للأصول العامة، وتشجيع القطاع الخاص بما يشمل طرح الأصول المملوكة للدولة من خلال البورصة المصرية لتوسيع قاعدة الملكية، سواء بشكل كلى أو جزئى. ولفتت إلى طرح الأصول بالبورصة والتى تعد إحدى أبرز آليات تخارج الدولة من النشاط الاقتصادى وسيتم تبنيها فى طرح عدد من الشركات المملوكة للدولة فى البورصة المصرية، من خلال برنامج الطروحات الحكومية، سواء بشكل كلى أو جزئى؛ للاستفادة من توسيع قاعدة الملكية والتحول إلى شركات مساهمة عامة، وبالتالى رفع مستوى الأداء الاقتصادى لهذه الشركات وتعزيز رؤوس أموالها، ومستويات التزامها بمعايير الحوكمة والإفصاح والشفافية، ومشاركة المستثمرين الأفراد والمؤسسين فى عوائد وربحية عدد من الشركات والأصول العامة.

الملاحظة الأساسية على الوثيقة هى أنها استخدمت وسائل متنوعة لعودة القطاع الخاص بقوة إلى السوق المصرية وتوفير المجالات التى تتيح له التوسع والاستثمار، ويحدث ذلك سواء كان ذلك للقطاع الخاص المصرى أو الأجنبى. وعلى سبيل المثال، فإن الاعتماد على البورصة فى خصخصة المؤسسات العامة يأخذ من تجربة «مارجريت تاتشر» فى تحرير الاقتصاد العام فى بريطانيا بحيث يحقق من ناحية توسيع الطبقة الرأسمالية المصرية، ومن ناحية أخرى اتساع مشاركة القطاع الخاص فى السوق المصرية.

وأظهرت الوثيقة أنه يتم اختيار الآليات التى من شأنها تعظيم العائد الاقتصادى من مشاركة القطاع الخاص، وزيادة المكاسب الاقتصادية الكلية من تحرير الأسواق، وزيادة مستويات المنافسة، بجانب تعظيم فائض المستهلك، وتحقيق أعلى مستويات للربحية والكفاءة الاقتصادية لتلك الأصول. وذكرت أنه سوف يتم النظر فى عدد من بدائل تنفيذ سياسة ملكية الدولة المصرية للأصول العامة، وتشجيع القطاع الخاص بما يشمل طرح الأصول المملوكة للدولة من خلال البورصة لتوسيع قاعدة الملكية، سواء بشكل كلى أو جزئى. ولفتت إلى طرح الأصول بالبورصة والتى تعد إحدى أبرز آليات تخارج الدولة من النشاط الاقتصادى وسيتم تبنيها فى طرح عدد من الشركات المملوكة للدولة فى البورصة، ومن خلال برنامج الطروحات الحكومية، سواء بشكل كلى أو جزئى؛ للاستفادة من توسيع قاعدة الملكية والتحول إلى شركات مساهمة عامة، وبالتالى رفع مستوى الأداء الاقتصادى لهذه الشركات وتعزيز رؤوس أموالها، ومستويات التزامها بمعايير الحوكمة والإفصاح والشفافية، ومشاركة المستثمرين الأفراد والمؤسسين فى عوائد وربحية عدد من الشركات والأصول العامة.

كما أن التجربة الصينية تظهر عندما تتوجه الدولة فى حالة بعض الأصول المملوكة للدولة إلى إعادة هيكلة تلك المشروعات، بما يسمح بزيادة مستويات جاذبيتها للقطاع الخاص وتعظيم العائد الاقتصادى من تلك المشروعات، وبالتالى طرح جانب من أسهمها للقطاع الخاص لاحقًا، سواء بشكل كلى أو بشكل جزئى، فى حالة رغبة الحكومة فى ضمان استمرار مساهمة هذا الأصل فى الخزانة العامة للدولة. فى هذه الحالة فإن المثل الصينى اعتمد على أن تكون هذه المؤسسات خاضعة للقواعد العامة للمنافسة وممارسة الأعمال، كما هو الحال فى القطاع الخاص، بحيث تكون المؤسسة قابلة للخروج من السوق أو البقاء فيه. مثل هذه الحالة تستدعى أعلى درجات تبادل الثقة بين الدولة والقطاع الخاص بحيث تتيح الدولة الفرص وحرية اتخاذ القرار الاقتصادى؛ بينما يقدم القطاع الخاص من خلال مؤسساته أعلى درجات الاستثمار. ما يحتاجه القطاع الخاص فى هذه المرحلة، ليس فقط الثقة فى الوثيقة وقواعد التخارج، وإنما أكثر من ذلك أن الثقة فى دور القطاع الخاص سوف تستمر ولن يكون هناك تراجع فى عودته.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عودة القطاع الخاص وثيقة سياسة ملكية الدولة ٢٢ عودة القطاع الخاص وثيقة سياسة ملكية الدولة ٢٢



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 08:35 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

دفاتر النكسة

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon