توقيت القاهرة المحلي 10:18:04 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عودة القطاع الخاص: وثيقة سياسة ملكية الدولة (٢-٢)

  مصر اليوم -

عودة القطاع الخاص وثيقة سياسة ملكية الدولة ٢٢

بقلم : عبد المنعم سعيد

قد يبدو عنوان المقال متناقضًا بعض الشىء، لأنه يشير من ناحية إلى «عودة القطاع الخاص»، بينما هو يقود إلى «وثيقة سياسة ملكية الدولة» بمعنى أن المرجعية هنا هى الدولة وملكيتها ومدى التخارج منها. والحقيقة أن العنوان عاكس تمامًا لتلك الرغبة المتواترة فى التاريخ المصرى المعاصر بأن تعود مصر إلى قواعدها فى الدولة الطبيعية، حيث يكون الاقتصاد الوطنى قائمًا على السوق الحرة، وقيادة القطاع الخاص من ناحية أخرى فى الحجم من الناتج المحلى الإجمالى، وفى التشغيل، والريادة فى تحقيق معدلات عالية للنمو. فى مقال الأسبوع الماضى «الطريق إلى وثيقة ملكية الدولة»، أوضحتُ تلك الحالة من التردد إزاء دور القطاع الخاص فى الاقتصاد القومى، سواء كان ذلك فى لحظات النمو أو أوقات الانكماش، وفى الأولى كان الاعتماد على دور الدولة فى ظل ظروف استثنائية تستدعى تدخلها بأدواتها المختلفة، لكى تزيد الإنفاق والاستثمار العام فى مجالات البنية التحتية والتعليم والصحة، وهى مجالات «لا يعتقد أن القطاع الخاص قادر عليها فى وقت زمنى قصير». كان ذلك هو ما أوضحت به الدولة مسيرتها خلال السنوات الثمانى الماضية، حيث واجهت ليس فقط الاحتياج إلى دورها، وإنما مواجهة الظروف الاستثنائية للتعامل مع «الإرهاب» و«الجائحة» وأخيرًا «الحرب الأوكرانية»، ثلاثتهم مثل ضغوطًا كبيرة على الاقتصاد المصرى، ولدت أولًا قصورًا فى موارد العملة الأجنبية، مما أدى إلى تخفيض قيمة العملة المصرية؛ وثانيًا قصورًا آخر فى القدرة على استمرار معدلات النمو نتيجة العقبات أمام الموارد اللازمة للإنتاج والتى تراكمت من القصور فى سلاسل التوريد العالمية؛ وثالثًا أن أولًا وثانيًا ولّدا حالة مرتفعة من التضخم وارتفاع الأسعار لم يعهدها المواطن منذ التعويم الأول للعملة فى ٣ نوفمبر ٢٠١٦؛ ورابعًا أنه بات ضروريًا لعلاج هذه الحالة القبول بقواعد العرض والطلب على العملة الوطنية حتى لا تتكرر الصدمات التى حدثت مع التعويم منذ بداية هذا القرن حتى الآن؛ وكذلك تعبئة الموارد الوطنية خاصة وعامة من أجل استدامة التنمية المصرية وتحقيق أهداف «رؤية ٢٠٣٠».

المدخل إلى هذه النقطة الأخيرة كان «وثيقة ملكية الدولة» التى من ناحية استندت إلى مرجعية النمو فى الدول الصناعية الجديدة التى اعتمدت على قراءة ٣٠ تجربة دولية، ونظرت إلى ثلاث دول، هى الصين وإندونيسيا والهند، وهى التى أنتجت وثائق مماثلة سماتها العامة هى القبول بمبدأ «اقتصاد السوق» من ناحية، وتحديد الدولة لأولوياتها التى تفرض عليها التدخل المباشر من ناحية أخرى. وهكذا قامت وثيقة الدولة على تحديد آليات التخارج من النشاط الاقتصادى، سواءً بشكل كلى أو جزئى، لتشجيع القطاع الخاص، والتى تختلف بدورها من قطاع اقتصادى لآخر، ومن أصل عام مملوك للدولة إلى آخر، كما تختلف كذلك بحسب الهدف من مشاركة القطاع الخاص فى ملكية الأصول العامة. وأظهرت الوثيقة أنه يتم اختيار الآليات التى من شأنها تعظم العائد الاقتصادى من مشاركة القطاع الخاص، وزيادة المكاسب الاقتصادية الكلية من تحرير الأسواق، وزيادة مستويات المنافسة، بجانب تعظيم فائض المستهلك، وتحقيق أعلى مستويات للربحية والكفاءة الاقتصادية لتلك الأصول، مشيرة إلى أنه سوف يتم الاستناد فى تحديد آليات التخارج إلى أفضل الممارسات الدولية وإلى الخبرات المتخصصة فى هذه المجالات لضمان كفاءة تنفيذ سياسة ملكية الدولة للأصول العامة. وذكرت أنه سوف يتم النظر فى عدد من بدائل تنفيذ سياسة ملكية الدولة المصرية للأصول العامة، وتشجيع القطاع الخاص بما يشمل طرح الأصول المملوكة للدولة من خلال البورصة المصرية لتوسيع قاعدة الملكية، سواء بشكل كلى أو جزئى. ولفتت إلى طرح الأصول بالبورصة والتى تعد إحدى أبرز آليات تخارج الدولة من النشاط الاقتصادى وسيتم تبنيها فى طرح عدد من الشركات المملوكة للدولة فى البورصة المصرية، من خلال برنامج الطروحات الحكومية، سواء بشكل كلى أو جزئى؛ للاستفادة من توسيع قاعدة الملكية والتحول إلى شركات مساهمة عامة، وبالتالى رفع مستوى الأداء الاقتصادى لهذه الشركات وتعزيز رؤوس أموالها، ومستويات التزامها بمعايير الحوكمة والإفصاح والشفافية، ومشاركة المستثمرين الأفراد والمؤسسين فى عوائد وربحية عدد من الشركات والأصول العامة.

الملاحظة الأساسية على الوثيقة هى أنها استخدمت وسائل متنوعة لعودة القطاع الخاص بقوة إلى السوق المصرية وتوفير المجالات التى تتيح له التوسع والاستثمار، ويحدث ذلك سواء كان ذلك للقطاع الخاص المصرى أو الأجنبى. وعلى سبيل المثال، فإن الاعتماد على البورصة فى خصخصة المؤسسات العامة يأخذ من تجربة «مارجريت تاتشر» فى تحرير الاقتصاد العام فى بريطانيا بحيث يحقق من ناحية توسيع الطبقة الرأسمالية المصرية، ومن ناحية أخرى اتساع مشاركة القطاع الخاص فى السوق المصرية.

وأظهرت الوثيقة أنه يتم اختيار الآليات التى من شأنها تعظيم العائد الاقتصادى من مشاركة القطاع الخاص، وزيادة المكاسب الاقتصادية الكلية من تحرير الأسواق، وزيادة مستويات المنافسة، بجانب تعظيم فائض المستهلك، وتحقيق أعلى مستويات للربحية والكفاءة الاقتصادية لتلك الأصول. وذكرت أنه سوف يتم النظر فى عدد من بدائل تنفيذ سياسة ملكية الدولة المصرية للأصول العامة، وتشجيع القطاع الخاص بما يشمل طرح الأصول المملوكة للدولة من خلال البورصة لتوسيع قاعدة الملكية، سواء بشكل كلى أو جزئى. ولفتت إلى طرح الأصول بالبورصة والتى تعد إحدى أبرز آليات تخارج الدولة من النشاط الاقتصادى وسيتم تبنيها فى طرح عدد من الشركات المملوكة للدولة فى البورصة، ومن خلال برنامج الطروحات الحكومية، سواء بشكل كلى أو جزئى؛ للاستفادة من توسيع قاعدة الملكية والتحول إلى شركات مساهمة عامة، وبالتالى رفع مستوى الأداء الاقتصادى لهذه الشركات وتعزيز رؤوس أموالها، ومستويات التزامها بمعايير الحوكمة والإفصاح والشفافية، ومشاركة المستثمرين الأفراد والمؤسسين فى عوائد وربحية عدد من الشركات والأصول العامة.

كما أن التجربة الصينية تظهر عندما تتوجه الدولة فى حالة بعض الأصول المملوكة للدولة إلى إعادة هيكلة تلك المشروعات، بما يسمح بزيادة مستويات جاذبيتها للقطاع الخاص وتعظيم العائد الاقتصادى من تلك المشروعات، وبالتالى طرح جانب من أسهمها للقطاع الخاص لاحقًا، سواء بشكل كلى أو بشكل جزئى، فى حالة رغبة الحكومة فى ضمان استمرار مساهمة هذا الأصل فى الخزانة العامة للدولة. فى هذه الحالة فإن المثل الصينى اعتمد على أن تكون هذه المؤسسات خاضعة للقواعد العامة للمنافسة وممارسة الأعمال، كما هو الحال فى القطاع الخاص، بحيث تكون المؤسسة قابلة للخروج من السوق أو البقاء فيه. مثل هذه الحالة تستدعى أعلى درجات تبادل الثقة بين الدولة والقطاع الخاص بحيث تتيح الدولة الفرص وحرية اتخاذ القرار الاقتصادى؛ بينما يقدم القطاع الخاص من خلال مؤسساته أعلى درجات الاستثمار. ما يحتاجه القطاع الخاص فى هذه المرحلة، ليس فقط الثقة فى الوثيقة وقواعد التخارج، وإنما أكثر من ذلك أن الثقة فى دور القطاع الخاص سوف تستمر ولن يكون هناك تراجع فى عودته.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عودة القطاع الخاص وثيقة سياسة ملكية الدولة ٢٢ عودة القطاع الخاص وثيقة سياسة ملكية الدولة ٢٢



GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 08:35 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

دفاتر النكسة

GMT 08:31 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

نتنياهو يغير «حزب الله»

GMT 08:27 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

بعد تحوّل حرب غزّة.. إلى حرب "بيبي"

GMT 08:17 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

معقول بيننا من يشمت بحزب الله ؟؟!

هيفاء وهبي بإطلالات متنوعة ومبدعة تخطف الأنظار

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:01 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

ختام فعاليات أسبوع الموضة في الرياض 2024
  مصر اليوم - ختام فعاليات أسبوع الموضة في الرياض 2024

GMT 09:36 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

البرتغال وجهة سياحية جاذبة لعشاق الطبيعة على مدار العام
  مصر اليوم - البرتغال وجهة سياحية جاذبة لعشاق الطبيعة على مدار العام

GMT 09:49 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

طرق العناية بالأجهزة الإلكترونية في المنزل
  مصر اليوم - طرق العناية بالأجهزة الإلكترونية في المنزل

GMT 09:41 2024 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

رسالة أصالة لجمهورها قبل حفلها في سلطنة عُمان
  مصر اليوم - رسالة أصالة لجمهورها قبل حفلها في سلطنة عُمان

GMT 07:26 2024 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

بوريل يدعو لإجراء تحقيق شامل حول انتهاكات إنسانية في غزة
  مصر اليوم - بوريل يدعو لإجراء تحقيق شامل حول انتهاكات إنسانية في غزة

GMT 20:41 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الفيشاوي ينفي تغيير كلمات أغنية "نمبر 2"

GMT 18:59 2020 الأربعاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة جونيور أجاي فى نهاية تمرين الأهلي وفحص طبي غدًا

GMT 06:30 2020 الإثنين ,26 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الدواجن في مصر اليوم الإثنين 26تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 06:09 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

محمد هنيدي يكشف حقيقة سخريته من الراقصة البرازيلية لورديانا

GMT 17:50 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

أهم وأبرز إهتمامات الصحف الليبية الصادرة الثلاثاء

GMT 05:52 2020 الثلاثاء ,19 أيار / مايو

محمد حماقي ينعى الشيخ صالح كامل

GMT 23:14 2020 السبت ,07 آذار/ مارس

أسعار الحديد في مصر اليوم السبت
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon