توقيت القاهرة المحلي 15:05:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

دفاع عن الفنون والإعلام

  مصر اليوم -

دفاع عن الفنون والإعلام

بقلم - عبد المنعم سعيد

أصبحت الفنون والإعلام واقعتين فى قفص الاتهام كلما حلت مصيبة أو جرَت مناقشة حول الفقر أو العنف الإرهابى أو الأسرى أو الزيادة السكانية أو ضيق العقل والحال. وتتراوح دائمًا قائمة الاتهام ما بين الإهمال والتقصير، وحتى المشاركة فى تنمية العقلية العنيفة وتزيين الخطيئة وازدراء الأديان وتدهور الأخلاق.

وهناك ما هو أكثر. يحدث ذلك فى حياتنا العامة، ولا بأس أبدًا أن تجرى هذه الاتهامات، بينما نمارس مشاهدة مباريات كرة القدم التى تأتى من بلدان بعيدة، أو نشاهد فيلمًا ما لم نجده على منافذنا الإعلامية، فنبحث عنه فى قنوات أخرى مشفرة أو غير مشفرة.

الحقيقة هى أن الإنسان لا يستطيع التخلى عن الإعلام ولا عن الفنون المختلفة لأن فيها وظائف تقوم بها ولا يستطيع الإنسان العيش بدونها لأنها باتت من الاستخدامات المنزلية ومن مستلزمات الحضارة.

منذ أن بدأت خطوات الإنسان الأولى فإنه أخذ فى خط الخطوط على جدران الكهوف، التى عاش فيها بعيدًا عن وحوش ضارية وعالم قاسٍ بالعواصف والرعود.

كانت الطبيعة فيها الكثير الذى يعطى الإلهام.. دقات المطر كان فيها الانتظام والتسارع والتباطؤ، الذى ينتهى إلى الصحو والشمس الساطعة. هذا المشهد بما فيه من صوت وصورة كان كافيًا لكى يبدأ فيه الإنسان الرسم، وربما بدأ دقات من نوع أو آخر. ولكن المرأة كانت دومًا هى القاسم المشترك الأعظم فى كل الكهوف، وفى أوقات لم تكن سهلة أبدًا، أصبح البقاء، ومن ثَمَّ التكاثر، هو أكثر الأمور الحميمية اللازمة للإنسان.

خرج الإنسان من الكهف فى النهاية، وباتت الرؤى والأصوات والرموز تربط جماعة إنسانية، ومنها تولدت حضارات عريقة. كل ما عرفته البشرية من حضارات كان لها فى الرسم والموسيقى، ومن الأولى خرجت التماثيل والمعابد والمسلات.

ومن الثانية جاءت السيمفونيات والأوبرا والأغانى الرومانسية، حتى الروك والراب وأنواع أخرى كثيرة. وبين هذا وذاك تولدت فنون المسرح والسينما والتلفزيون، ومؤخرًا أشكال مختلفة من اليوتيوب.

الإشكالية ربما المتولدة عن ذلك كله تنجم من شعور الإنسان بضعف السيطرة على أدوات الفنون والإعلام ومدى تأثيرها الحديث على سلوكيات البشر.

ورغم أنه بمقدور الإنسان دائمًا أن يبتعد عن كليهما، أو يغلق التلفاز، أو يضغط على زر الريموت كونترول لكى يغادر القناة، فإنه دائمًا يجد فى السخط والشكوى ملاذًا من المسؤولية الشخصية.

خلال مناقشات جرَت مؤخرًا فى مجلس الشيوخ المصرى حول «العنف الأسرى»، ألقى كثيرون من النواب المسؤولية ليس فقط على الفنون العامة والإعلام المتاح، وإنما امتد الأمر إلى لعب الأطفال، التى تشجع على العنف وإلى الشبكات التلفزيونية الأجنبية التى تبث أفلامًا للرعب والجريمة.

التصور هنا أن الإنسان دائمًا هو ضحية لأشكال مختلفة من الإغراء واللذة لا يلبث أن ينْجَرَّ إليها، فيكون الفشل الأخلاقى المروع. هنا فإن التوازنات الاجتماعية تختفى، وهى التى تبث من الأسرة والعائلة والجيرة والصداقة والمدارس والجامعات والجوامع والكنائس.

والتى وظائفها الأساسية أن تخلق موانع للشرور المختلفة. ازدياد فاعلية الفنون والإعلام ليس شهادة لها لأن وظيفتها هى الشهادة على الحالة الإنسانية، بينما هذه الأخيرة تلقى المسؤولية الأخلاقية على ما يغذيه المجتمع للفرد والجماعة.

فالحقيقة هى أنه بشكل ما أصبحت الفنون جزءًا من الهوية، ومع تراكم التراث التاريخى ومعماره، فإن إدراك الذات ومميزاتها وتفوقها أو انسحاقها مدعاة لأشكال كثيرة من البحث عن الخلود الفنى فى الأشعار أو التماثيل أو رسوم المعابد أو فى الأوبرا. تولد عن «الإلياذة» الكثير من الحديث عن البطولة، وأصبحت الأساطير جزءًا من الديانة، وفى معظمها كان هناك الكثير من الفروسية والتضحية.

والفنون، ومن ضمنها الآداب وكل ما جاد به خيال، كانت موحدة للأمم، ولكنها كانت مُفرِّقة بينهم، حيث كانت الملاحم قادمة من انتصارات وهزائم سابقة. ولكن داخل الفن نفسه كانت هناك معارك أولًا بين ما هو حقيقى وعاكس للواقع، وما هو خيالى أو مجرد؛ وثانيًا بين ما هو راقٍ أو سامٍ وذلك الذى يُعد مبتذلًا.

النتيجة دائمًا فيها الكثير من الخلاف، ولا تحسم هذه المعارك قط، وفى كثير من الأحيان فإنها تظهر فى الملابس وأثاث البيوت وتخطيط الأحياء والمدن والطرق.

وما جعل الفنون الشعبية أكثر انتشارًا مما كان عليه الحال من قبل هو أن العصر بات زمن التواصل الاجتماعى، حيث بات ممكنًا لملايين من الجماعة الإنسانية أن يقرروا الذوق العام- وليس رواد المسرح أو قاعات السينما أو حتى الحفلات الغنائية- وأن يقرروا النوعية التى يريدون مشاهدتها أو الاستماع إليها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دفاع عن الفنون والإعلام دفاع عن الفنون والإعلام



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

هيفاء وهبي بإطلالات متنوعة ومبدعة تخطف الأنظار

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:01 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

ختام فعاليات أسبوع الموضة في الرياض 2024
  مصر اليوم - ختام فعاليات أسبوع الموضة في الرياض 2024

GMT 09:36 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

البرتغال وجهة سياحية جاذبة لعشاق الطبيعة على مدار العام
  مصر اليوم - البرتغال وجهة سياحية جاذبة لعشاق الطبيعة على مدار العام

GMT 09:49 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

طرق العناية بالأجهزة الإلكترونية في المنزل
  مصر اليوم - طرق العناية بالأجهزة الإلكترونية في المنزل

GMT 09:41 2024 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

رسالة أصالة لجمهورها قبل حفلها في سلطنة عُمان
  مصر اليوم - رسالة أصالة لجمهورها قبل حفلها في سلطنة عُمان

GMT 07:26 2024 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

بوريل يدعو لإجراء تحقيق شامل حول انتهاكات إنسانية في غزة
  مصر اليوم - بوريل يدعو لإجراء تحقيق شامل حول انتهاكات إنسانية في غزة

GMT 20:41 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الفيشاوي ينفي تغيير كلمات أغنية "نمبر 2"

GMT 18:59 2020 الأربعاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة جونيور أجاي فى نهاية تمرين الأهلي وفحص طبي غدًا

GMT 06:30 2020 الإثنين ,26 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الدواجن في مصر اليوم الإثنين 26تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 06:09 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

محمد هنيدي يكشف حقيقة سخريته من الراقصة البرازيلية لورديانا

GMT 17:50 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

أهم وأبرز إهتمامات الصحف الليبية الصادرة الثلاثاء

GMT 05:52 2020 الثلاثاء ,19 أيار / مايو

محمد حماقي ينعى الشيخ صالح كامل

GMT 23:14 2020 السبت ,07 آذار/ مارس

أسعار الحديد في مصر اليوم السبت
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon