توقيت القاهرة المحلي 22:45:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الاستراتيجية الإعلامية

  مصر اليوم -

الاستراتيجية الإعلامية

بقلم: عبد المنعم سعيد

قبل أسبوع، اجتمع دولة رئيس الوزراء د. مصطفى مدبولى مع القيادات الإعلامية المهندس خالد عبد العزيز رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، والمهندس عبد الصادق الشوربجى رئيس الهيئة الوطنية للصحافة، والأستاذ أحمد المسلمانى رئيس الهيئة الوطنية للإعلام، فى حضور الأستاذ ضياء رشوان رئيس الهيئة العامة للاستعلامات. وطبقا للأهرام الغراء فإن دولة رئيس الوزراء «أكد على أهمية استمرار التنسيق والتعاون والتكامل بين مختلف الهيئات الإعلامية فى جميع الملفات والموضوعات، ووضع استراتيجية عامة متكاملة للإعلام المصرى بأهداف محددة تتشارك مختلف الهيئات وجهات الدولة فى تحقيقها». فى تفاصيل اللقاء وجدنا التأكيد على «التنسيق» و«التعاون» وأهمية الإعلام فى «قوة مصر الناعمة»، وأن «الحقيقة» هى «أم الإعلام»، والاعتماد على الكفاءات فى العمل. ولكن كان أهم ما لفت النظر هو ما ذكره رئيس الهيئة الوطنية للصحافة من أن هناك جهودا مبذولة لتطوير المؤسسات الصحفية القومية خاصة فيما يتعلق بالمحتوى الصحفى، وكذا ما يتم من اهتمام بالمواقع الإلكترونية التابعة لها، وأن الفترة المقبلة ستشهد استكمال ما تم من جهود فى هذه الملفات. وكان معنى ذلك أن هناك جهودا جارية لتحويل مشروعات سابقة إلى واقع تخص دور الإعلام فى المرحلة الوطنية الراهنة وفق استراتيجية إعلامية تتصل بالمشروع الوطنى المصرى الذى تجسد خلال السنوات السابقة وتحديدا منذ ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣. ولحسن حظى فقد كنت مشاركا من خلال المجلس الأعلى للصحافة فى هذا المشروع لتطوير المحتوى فى الصحف القومية، يبدأ من صحيفة الأهرام ثم بعد ذلك يمتد إلى الصحف القومية الأخرى كل حسب ما يراه ملائما.

القصة وتفاصيلها ليس هذا موضعها، ولكن الإشارة لها هنا تعنى ما كان قلقا لدى الجماعة الصحفية والإعلامية المصرية خلال المرحلة السابقة التى بقدر ما كانت حربا مظفرة ضد الإرهاب والفكر الدينى المتشدد والمتعصب والرجعى فى عمومه، وخاضتها القوات المسلحة والشرطة المصرية والمؤسسات الدينية، فإن الإعلام المصرى كان يخوض معركة أخرى ضد الكتائب الإخوانية المنتشرة فى إعلام معاد يبث من عواصم متعددة.

كان الجهد قائما، ولكن الاستراتيجية كانت فى ميدان القتال الصعب، أما الإعلام فقام على اجتهاد للتعبئة تارة، والرد على ما يقال على الجانب الآخر من زيف أحيانا أخرى. كانت هناك لحظات مضيئة كثيرة حينما عرضت السلسلة التلفزيونية «الاختيار» التى جسدت معنى القوة الناعمة عندما ولدت الكثير من إعجاب الشعوب العربية. ما نحتاج إليه الآن هو تفعيل هذا الدور بادئين من تحديد الاستراتيجية وموقع الإعلام فيها. وبحكم التعريف فإن الاستراتيجية تبدأ بتحديد الأهداف المراد الوصول إليها، ثم تقرر الوسائط التى تؤدى إلى تحقيقها، وتعبئة الموارد اللازمة التى تجعل الوسائط قادرة وفاعلة، تغير من الواقع وتجعله محققا للآمال المعقودة عليه. الإعلام من جانب آخر هو ساحة كبيرة من الوسائل هدفها جميعا هو تحقيق الاتصال، هو الجسر بين الدولة وما تقوم به والجمهور والرأى العام فى الداخل، والمنصة العالية التى تخاطب الخارج ليس فقط بالحقيقة، ولكن أيضا بجاذبيتها المنطقية وسلاستها الجمالية وما تثيره من شغف للتفاعل والنقاش. جوهر القوة الناعمة، والإعلام ركن هام منها، هى القدرة على التأثير- فى الداخل والخارج- دون إراقة نقطة دم واحدة، وبما تدفع إليه من جلاء الحق وسلامة الدفاع.

ومن حسن حظى أنه بالإضافة إلى أصولى الأكاديمية، ونشاطى السياسى، فإن الإعلام منحنى مساحة كبيرة عندما قضيت ٣٧ عاما فى الأهرام الغراء وعشر سنوات فى المصرى اليوم الغراء أيضا؛ و١٣ عاما من تقديم البرنامج التلفزيونى «وراء الأحداث» فى القناة الأولى المصرية. وبرنامج «مع المعارضة» لعام واحد فى قناة «أون» التلفزيونية. ما عدا ذلك كان التعليق السياسى فى مجالات صحف وقنوات عربية وأجنبية متعددة مصريا صميما. فى كل هذه المجالات لم يخذلنى «الإعلام المصرى» لمرة واحدة لا فى الكوادر الفنية ولا فى القدرات التنفيذية، وحدث ذلك حينما كانت الصحف القومية وماسبيرو فى الطليعة رغم المزاحمة التى قامت بها الصحف والقنوات العربية. البوصلة التى وفرتها الدولة الوطنية كانت كافية للإجادة والنجاح ساعة المواجهة؛ ولكن المعضلة بدأت بعد أن أصبح نزيف القدرات إلى الخارج حارما من الكفاءة، وما تبقى منها لم يكن مقبولا لأسباب غير معروفة حيث غابت على سبيل المثال عن المشروع المشار إليه أعلاه بعد أن سلمته فى ٥ أغسطس ٢٠٢٣. المعضلة الكبرى هى أن الدولة فى أكثر من مرحلة من مراحل التنمية والبناء فتحت الأبواب للتجديد ورفع الوسائل التكنولوجية لمستويات عالية؛ ومع ذلك فإن ما تحقق، كان بعيدا عن «المحتوى» الذى يحقق الهدف المحدد فى الاستراتيجية العليا.

فى الندوة التثقيفية الرابعة والعشرين للقوات المسلحة طرحت عند الحديث عن مواجهة «أهل الشر» أن يكون هناك «قيصر» لقيادة المواجهة من أهل الخير الذين هم البناؤون والفاعلون فى مصر الحديثة. كان الوصف للقيادة القيصرية غير موفق من جانبى، ففضلا عن أنه كان مأخوذا عن التجارب الغربية فى تركيز القيادة ساعة التشتت فى لحظات صعبة، فقد كان الوصف الأكثر بلاغة وعاكسا للقصد هو «المايسترو» الذى يضبط الإيقاع، ويحقق الانسجام للنغمات، وكلاهما هو المناسب للآداب والفنون والمقالات وتقارير الأخبار ومواجهة التحديات للبشرية والوطن. الدولة مشكورة بعد ذلك أقامت البناء الحالى المكون من ثلاثة مجالس، أعلى للتنظيم، وآخر للصحافة، وثالث للإعلام لكى تنجز المهمة المشار إليها فى دور الإعلام لتحقيق المشروع الوطنى فى لحظة دقيقة عصيبة من تاريخ مصر والمنطقة. ولكن ما جاء بعدها جاء مدهشا حينما بات التصور هو إضافة جهة رقابية جديدة على الأخلاق العامة وتأتى هذه المرة من مجمع مؤسسات عامة وطنية ونقابية تسجل الذنوب والمعاصى لما يقال ويكتب ويصور!.

القيادة الإعلامية الجديدة أمامها عبء جديد أوله إثبات قدرة القدرة الإعلامية المصرية ليس فقط على تقديم محتوى جدير بمصر ملتصق بمشروعها الحالى وإنما أكثر من ذلك استعادة جذوره واستدعاء مستقبله، وليكن فى ٢٠٣٠ وما بعدها حتى نهاية التاريخ إذا كان له نهاية. وثانيه القدرة العلمية على الحوار ليس فقط على ما سبق وإنما أكثر من ذلك على ما يحدث فى العالم المعاصر وتجاربه الغنية شرقا وغربا وفى الماضى والحاضر وامتدادها إلى المستقبل. وثالثه بث جذور التفكير العلمى ومقاومة الجهالة والشعوذة ونظريات المؤامرة والشك. ورابعه تبنى صورة متفائلة لمستقبل مصر والبشرية لأنها بلد غنى بالقدرات والبشر، هى صين الشرق الأوسط المقبل الذى يجمع ما بين كثرة البشر والموارد وعبقرية المكان. مجد مصر هو ما يقع الآن وليس فى العصور العثمانية.

اللهم قد بلغت، اللهم فاشهد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاستراتيجية الإعلامية الاستراتيجية الإعلامية



GMT 06:02 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 05:58 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 05:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 05:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 05:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 05:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 05:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon