توقيت القاهرة المحلي 06:08:59 آخر تحديث
  مصر اليوم -

البحث عن المشروع العربي!

  مصر اليوم -

البحث عن المشروع العربي

بقلم: عبد المنعم سعيد

يتساءل كثيرون في العالم العربي عمَّا إذا كان هناك مَن يفكر في مشروع عربي يقابل المشاريع التي تناوبت على السياسات الإقليمية للمنطقة العربية خلال العقود الماضية. بداية البحث شاعت منذ نشر الإسرائيلي شيمون بيريز كتابه عن «الشرق الأوسط الجديد»، حيث كان الوقت مفعماً بإمكانية السلام العربي - الإسرائيلي التي شاعت عقب حرب تحرير الكويت وانعقاد مؤتمر مدريد للسلام في الشرق الأوسط. تصوَّرَ الرجل أنه من الممكن تغيير الإقليم على مثال الاتحاد الأوروبي الذي وُلد بعد معاناة بدأت بالحرب العالمية الثانية ولم تنتهِ مع نهاية الحرب الباردة التي أعطت دفعة لتوحيد ألمانيا ثم توسيع التكامل الأوروبي. تولَّد عن الكتاب كثيرٌ من الشكوك حول ما بات «مشروعاً» إسرائيلياً للهيمنة الاقتصادية في المنطقة. لم يكن ذلك جديداً منذ قيام إسرائيل التي عبَّرت عن «مشروع» استعماري استيطاني؛ ولكنَّ الزمن ما لبث أن ولد مشاريع أخرى في المنطقة كان منها «المشروع الفارسي» الذي عبَّرت عنه أقوال إيرانية حول السيطرة على أربع عواصم عربية (بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء). المشروع كما ذاع كان معبِّراً عن النزعة الإيرانية نحو السيطرة والهيمنة علي الإقليم العربي خصوصاً بعد زلزال ما سُمِّي «الربيع العربي»، وتجسد في خلق ميليشيات عسكرية خارجة على الدولة الوطنية العربية تحت أسماء «الحشد الشعبي» و«حزب الله» و«الحوثيون». ما بات واضحاً بعد ذلك «الربيع» أنه بعد الخلخلة التي جرت في النظام الإقليمي العربي، مما فتح مزيداً من الأبواب لمشروع تركي آخر كان منها دخول القوات التركية إلى شمال سوريا بحثاً عن حزب العمال الكردستاني في العراق وسوريا؛ أن الصلات بين تركيا وحركات الإسلام السياسي كانت كشفاً حديثاً عن عودة «الخلافة الإسلامية» في ثوب «العثمانية» الجديدة.

هذه المشاريع تغيرت مع الزمن الذي جرى فيه مزيد من الاضطرابات التي كان آخرها العاصفة التي بدأت في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 ولم تنتهِ حتى الآن في غزة، وامتدت في مسام الإقليم لكي تصل براكينها إلى سوريا التي بدا منها أن كلاً من تركيا وإسرائيل تمارس تنمية مشروعها تاريخياً وجغرافياً فيما ينسحب المشروع الإيراني وتابعوه. وللحق فإن حديث «المشروع» لم يكن مرتبطاً فقط بدول الشرق الأوسط غير العربية، فقد كانت هناك دائماً مشاريع تاريخية استعمارية امتدت من اتفاق «سايكس بيكو» في مطلع القرن الماضي حتى وصلت في مطلع القرن الحادي والعشرين وبعد زلزال الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001، إلى «الشرق الأوسط الكبير» ذي الصبغة الأميركية الممتدة من أفغانستان عبر العراق حتى يصل إلى المحيط الأطلنطي. في أوقات سابقة كانت هناك مشاريع سوفياتية وشيوعية تضاف إلى كل ما سبق في شكل أطماع تأتي كالسيل ولا تجد ما يوقفها؛ والآن فإنها تدفع إلى التساؤل عمَّا إذا كان هناك مشروع عربي يخط للعرب في المنطقة أو من يريد منهم أن يكون فاعلاً وليس مفعولاً به.

والحقيقة أنه كان هناك دائماً مشروع عربي؛ كان في البداية للتحرر من الاستعمار ثم بعد ذلك للحداثة، وأحياناً لتحقيق الوحدة العربية... ولكنَّ المشروع العربي كانت بدايته مع «الربيع العربي» عندما تولدت عنه حالة الفوضى الكبرى التي تمزق ولا توحِّد، وتهدم ولا تبني؛ وعندما ظهر معه مشروع الإسلام السياسي للاستحواذ على العالم العربي والمنطقة. كلا المشروعين كان رافضاً لما كان الحال عليه في مطلع العقد الثاني من القرن الجاري؛ ولكنّ رافداً آخر كان رافضاً هو الآخر لما كان يطلق عليه تيار الإصلاح والتغيير الذي يجد مثاله في الدول النامية في آسيا وأميركا اللاتينية وأوروبا الشرقية التي تقدمت كثيراً في أعقاب أزمات كبرى.

مشروع الإصلاح العربي الوليد يعتمد أولاً على ضرورة وجود الهوية الوطنية التي تقود إلى دولة جميع المواطنين وليست دولة أقلية شرسة أو أغلبية طاغية. هي دولة تحتكر شرعية السياسة والسلاح. وثانياً يعتمد على الحداثة التي تتطلب اختراق إقليم الدولة بالمشاريع العملاقة وأدوات الاتصالات والمواصلات الحديثة، معتمداً في ذلك على تعبئة موارد الدولة غير المستغلَّة. هذا المشروع الآن يجمع تسع دول إصلاحية عربية تشمل دول الخليج الست ومعها الأردن ومصر والمغرب؛ وهناك دولتان على الطريق هما تونس، حيث الهوية نقيَّة، والعراق، حيث التراث عميق. هذا التجمع يريد لمشروعه أن يقدم الدولة على كل التنظيمات الاجتماعية والسياسية؛ وأن يكون لدى السلطة السياسية شرعية البناء والتنمية والإنجاز وفق مواصفات القرن الحادي والعشرين. ولكن في تاريخنا الحديث فإن المشروع لا يكون كذلك إلا إذا وجد حلاً لأمرين: «القضية الفلسطينية» و«المسألة الإسرائيلية»!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

البحث عن المشروع العربي البحث عن المشروع العربي



GMT 20:18 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

مع ابن بجاد حول الفلسفة والحضارة

GMT 00:00 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

هل نحتاج حزبا جديدا؟

GMT 09:08 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

7 فرق و11 لاعبًا نجوم البريمييرليج!

GMT 08:51 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

بشار في دور إسكوبار

GMT 08:49 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

دمامة الشقيقة

GMT 08:48 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

سوريا الجديدة والمؤشرات المتضاربة

GMT 08:47 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

هجمات رأس السنة الإرهابية... ما الرسالة؟

GMT 08:46 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الشرق الأوسط الجديد: الفيل في الغرفة

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:13 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة
  مصر اليوم - زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة

GMT 00:02 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

محمد رمضان يعلن مفاجأة لجمهوره في 2025
  مصر اليوم - محمد رمضان يعلن مفاجأة لجمهوره في 2025

GMT 00:01 2019 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

سمية الألفي تكشف السبب من وراء بكاء فاروق الفيشاوي قبل وفاته

GMT 10:56 2019 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

مسلسلات إذاعية تبثها "صوت العرب" فى نوفمبر تعرف عليها

GMT 23:21 2024 السبت ,14 أيلول / سبتمبر

أهم النصائح للعناية بالشعر في المناطق الحارة

GMT 08:55 2020 الثلاثاء ,07 إبريل / نيسان

حارس ريال مدريد السابق يعلن شفاءه من فيروس كورونا

GMT 21:55 2020 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

نشوب حريق هائل داخل محل تجاري في العمرانية

GMT 00:40 2019 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

محمد إمام يفتخر بحضارة مصر الفرعونية في باريس

GMT 23:15 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الزمالك يحيي ذكرى رحيل «زامورا» «سنظل نتذكرك دائما»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon