توقيت القاهرة المحلي 06:31:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

في مواجهة التصعيد!

  مصر اليوم -

في مواجهة التصعيد

بقلم: عبد المنعم سعيد

بينما كان العالم كله يشاهد دراما الحياة السياسية الأميركية، من محاولة اغتيال الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، إلى إصابة الرئيس الأميركي الحالي جوزيف بايدن بفيروس «كورونا» التي كانت بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير؛ دافعة إلى خروج الرئيس من السباق الانتخابي، ودعوة نائبة الرئيس كامالا هاريس إلى حمل الشعلة الديمقراطية في الانتخابات القادمة؛ جرت تفاصيل كثيرة منذ هذا الوقت، لكن ما كان يجري في الشرق الأوسط لم يكن يقل أهمية وخطورة؛ وباختصار: أصبحت ما كانت تسمَّى «حرب غزة الخامسة»، حرباً إقليمية واسعة النطاق. أصبح «التصعيد» هو مفتاح الموقف على الجبهة الإسرائيلية اللبنانية، حيث تصاعد القصف المتبادل مع ازدياد قدرات «حزب الله» على ضرب منشآت إسرائيلية؛ وفي المقابل فإنه فيما يبدو أن إسرائيل نجحت في اختراق الحزب، ونجم عنه عمليات اغتيال منظمة لقادة عسكريين في الحزب، وكذلك من التابعين لـ«حماس».

كذلك، فإن جماعة «أنصار الله» الحوثية التي استقرت على قصف السفن في البحر الأحمر، تجاريةً أم غير تجارية، مدّت قصفها إلى البحر الأبيض من خلال المُسيّرات، وبعد ذلك قصفت مدينة تل أبيب الساحلية؛ ما أدى إلى مقتل إسرائيلي وإصابة أربعة آخرين.

لم يمضِ وقت كثير حتى كانت الطائرات الإسرائيلية تقصف ميناء الحديدة، مستهدفة فيه مخازن ومصانع تكرير النفط؛ وهو ما كان كافياً لخلق غلالة من النيران الكثيفة، التي قال عنها الإعلام الإسرائيلي إنها تريد أن توجه رسالة لمن يرى ويسمع في المنطقة. وقت كتابة هذا المقال كان المتحدث باسم الحوثيين قد أعلن عن عزم جماعته على التصعيد فوق التصعيد.

العملية باختصار لم تعد كما كانت قبل أشهر، عندما جرى التنظيم الأميركي لمواجهة غارة إيرانية بالصواريخ والمُسيّرات، انتقاماً لمقتل أحد قيادات «الحرس الثوري» في القنصلية الإيرانية بدمشق؛ على أن تقوم إسرائيل بغارة مقابلة. كان ذلك كافياً لإرضاء الطرفين ووقف التصعيد عند هذا الحد؛ لكن واقع الحرب كان أكثر تعقيداً من ذلك. أصبح الآن في مقدور الأطراف المتصادمة أن تستمر في التصعيد؛ فمن ناحية هناك الأوضاع الداخلية لكل طرف، حيث المشاعر في أكثر درجاتها سخونة؛ وهناك الرغبة في إرضاء غرائز دينية تضع الجنة أمام أعين الشهداء. من ناحية أخرى، إن الرغبة في الانتقام والأخذ بالثأر باتت مستحكمة، وهناك غرام كبير بخلق حالة من الردع لدى الطرف الآخر؛ وجوهرها أن تخلق حالة من الخوف من الأذى لدى الطرف الآخر، فلا يكرر فعله. لكن الواقع أن الردع في دائرة الكراهية غير فعال، حينما تبدو الخسائر في الأرواح والمنشآت غير ذي بال أو تقدير؛ وبدلاً منه يزيد التركيز على إمكانات النصر الذي دائماً ما يكون في أفق ليس ببعيد، حتى ولو لم تثبت التجربة أنه لا يوجد هناك إلا السراب.

المعضلة التي تقع فيها الدول الإصلاحية في المنطقة، حيث معسكر التنمية والبناء، وأضافت إليه المملكة العربية السعودية الترفيه أيضاً، حيث لا يكتمل الرخاء من دون نفسٍ مترعة بالرضا والسمو؛ هذه الدول لا تواجه فقط معسكراً متفلتاً للمقاومة والممانعة، ولا تشغله قضية بناء الأوطان وإقامة الدول، لكنها تواجه جماعات مفككة وتشكيل ميليشيات مسلحة تقوم في فوضاها بتمثيل الدول والقضايا الكبرى من دون استشارة أهلها أو معرفة مصير مواطنيها وأنصارها. التصعيد والتصعيد المضاد هو حالة من الانفلات في الأمن الإقليمي تجعل الإقليم كله معرَّضاً لأخطار بالغة؛ وإذا كانت الحرائق تأتي من مستصغر الشرر، فإنه في الشرق الأوسط لا يوجد شرر وإنما نار ولهب. المسألة التي تبدو جلية هي أن التصعيد عملية تقوم على الفعل ورد الفعل، وعندما تكون من أطراف معادية بالمعنى «الوجودي» للكلمة فإنها تسير في مسار لا يشبع من التدمير. مدرسة العنف الشرق أوسطية لم تخلق حالة القتل الجماعي التي مارستها إسرائيل في غزة، لكنها جرت بإفراط في سوريا، حيث تجاوز القتلى والجرحى ستمائة ألف ومعهم 14 مليوناً من اللاجئين والنازحين؛ والآن فإن أرقاماً مماثلة تبزغ فيما يخص السودان. والعجب، أن السودانيين يشعرون بتفرقة عنصرية لأن الاهتمام بمصابهم لا يماثل المصاب الفلسطيني.

هذه الحالة من المواجهة لن تكفيها تدخلات دولية من الأمم المتحدة أو محكمة العدل الدولية؛ ولن يوفيها حقها انتظار انتهاء الانتخابات الأميركية، أو خلق الدول العظمى توافقاً دولياً لمنع العنف في الشرق الأوسط. هذه المنطقة، كما حدث في كثير من مناطق العالم هي التي عليها أن تدبر أمرها بحيث تواجه العنف كما واجهت الإرهاب من قبل من خلال ائتلاف عربي إصلاحي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في مواجهة التصعيد في مواجهة التصعيد



GMT 08:19 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

إيران بدأت تشعر لاول مرة بأن ورقة لبنان بدأت تفلت من يدها

GMT 07:29 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

الكتابة في كابوس

GMT 07:28 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان ليس «حزب الله»... وفلسطين ليست «حماس»!

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

جرائم حوادث السير في شوارعنا

GMT 07:26 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

نعم... وقت القرارات المؤلمة

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

حماية لبنان ليست في «القوّة»... أيّة «قوّة»

GMT 07:24 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

مرّة أخرى... الحنين للملكية في ليبيا وغيرها

GMT 07:23 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

مقتل السنوار... هل يوقف الدمار؟

هيفاء وهبي بإطلالات متنوعة ومبدعة تخطف الأنظار

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:01 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

ختام فعاليات أسبوع الموضة في الرياض 2024
  مصر اليوم - ختام فعاليات أسبوع الموضة في الرياض 2024

GMT 09:36 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

البرتغال وجهة سياحية جاذبة لعشاق الطبيعة على مدار العام
  مصر اليوم - البرتغال وجهة سياحية جاذبة لعشاق الطبيعة على مدار العام

GMT 09:49 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

طرق العناية بالأجهزة الإلكترونية في المنزل
  مصر اليوم - طرق العناية بالأجهزة الإلكترونية في المنزل

GMT 08:38 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

تطوير مادة موجودة في لعاب السحالي للكشف عن أورام البنكرياس
  مصر اليوم - تطوير مادة موجودة في لعاب السحالي للكشف عن أورام البنكرياس

GMT 22:40 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

روبي و نيللي كريم معًا في رمضان 2025 بـ«ناقص ضلع»
  مصر اليوم - روبي و نيللي كريم معًا في رمضان 2025 بـ«ناقص ضلع»

GMT 20:41 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الفيشاوي ينفي تغيير كلمات أغنية "نمبر 2"

GMT 18:59 2020 الأربعاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة جونيور أجاي فى نهاية تمرين الأهلي وفحص طبي غدًا

GMT 06:30 2020 الإثنين ,26 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الدواجن في مصر اليوم الإثنين 26تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 06:09 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

محمد هنيدي يكشف حقيقة سخريته من الراقصة البرازيلية لورديانا

GMT 17:50 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

أهم وأبرز إهتمامات الصحف الليبية الصادرة الثلاثاء

GMT 05:52 2020 الثلاثاء ,19 أيار / مايو

محمد حماقي ينعى الشيخ صالح كامل

GMT 23:14 2020 السبت ,07 آذار/ مارس

أسعار الحديد في مصر اليوم السبت
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon