بقلم: عبد المنعم سعيد
سقوط نظام بشار الأسد أضاف زلزالا جديدا إلي منطقة الشرق الأوسط بعد الحرب الخامسة في غزة وتوابعها اللبنانية والحوثية اليمنية، وصدمتها العراقية، وما فعلته في العموم من اضطراب شديد في منطقة الشرق الأوسط. وبعد أكثر a عام على الحرب فإن مسارها أخذ عكس ما كانت سائرة عليه، حيث تغيرت موازين القوى لمصلحة إسرائيل، وبينما تجري محاولات لوقف إطلاق النار والهدنة جري الانفجار الكبير في سوريا التي لم تكن بعيدة عن الصراع الدائر حول القضية الفلسطينية. جرت الحرب السورية بأسرع مما حدث في الحرب الأخرى، وخلال أسبوع كانت جبهة تحرير الشام قد أسقطت النظام وشكلت قيادة جديدة تتولى أمور الدولة، بينما أخذت إسرائيل والولايات المتحدة وتركيا تستغل الفرصة دعما لمصالح جيوإستراتيجية عميقة. هذه لا تزال تحتاج المتابعة، ولكن ما كان لافتا للنظر أن سوريا غيرت علمها الوطني مستعيدة علمها القديم الذي كان رمزا لها منذ عام 1932 عندما فرض الانتداب الفرنسي على سوريا والمكون من ثلاثة مستقيمات أفقية متوازية ملونة من أعلي إلي أسفل بالأخضر تمثيلا للخلافة الراشدة، والأبيض للخلافة الأموية، والأسود للخلافة العباسية. ووسط الأبيض وقعت ثلاث نجوم حمراء تمثل دمشق وحلب ودير الزور.
فيما بعد عرفت سوريا عام 1958 علم «الجمهورية العربية المتحدة» المكون من الأسود والأبيض والأحمر ونجمتين خضراوين تمثلان سوريا ومصر. لم يستقر ذلك طويلا ولكنه عاد ليتبادل مع العلم القديم التعبير عن النظام القائم فهو عربي قومي الهوى أو يعود بسوريا إلي أصولها الأولي، وكان ذلك هو الذي حدث عندما بدأت المعركة التي بدأت بحلب وانتهت في دمشق. المعنى هنا أنه رغم الأصول الفكرية للإسلام السياسي للقيادات الجديدة فإن رفعها علم سوريا «الوطني» بديلا لعلمها «القومي» كان إشارة إلى أن المرجعية الوطنية سوف تشكل محتوى النظام الجديد. بالطبع مازال مبكرا الحديث عن «هوية» النظام الجديد لأن الانفجار السوري لا يزال في أطواره الأولى.