توقيت القاهرة المحلي 15:05:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عام الخطر ٢٠٢٣

  مصر اليوم -

عام الخطر ٢٠٢٣

بقلم - عبد المنعم سعيد

إذا كان هناك أمر تعلمناه فهو أن عام ٢٠٢٢ سوف يكون الذي فشلت فيه كل النظريات التي عرفناها في دراسات العلاقات الدولية في تفسير ما يحدث، فضلًا عن التنبؤ بما سوف يلى. لم تنجح نظرية توازن القوى العسكرى والاقتصادى في منع الحرب الأوكرانية لأن الموازين الروسية أقل ثقلًا من تلك الأوكرانية مضافًا إليها حلف الأطلنطى والولايات المتحدة والغرب كله في ناحية أخرى. ولا نجحت نظرية الاعتماد المتبادل في التجارة والطاقة والغذاء والتكنولوجيا، التي تجعل في الحرب ضررًا لجميع الأطراف، في إزالة الأزمة في أولها ومنع الحرب بعدها؛ وقبل كل الأطراف كافة أشكال الضرر.

نشبت الحرب رغم كل شىء، وأثناءها عبرت لحظات كان ممكنًا فيها تحقيق درجات من التوازن تكفى لكى يشعر فيها الطرفان الأساسيان بأنهما حققا انتصارًا بقدر أو آخر، وتصبح التسوية ممكنة عند توازن جديد يجدانه أفضل حالًا من قتال مستعر. جرى ذلك بعد الفشل الروسى في دخول كييف والنجاح في الاستيلاء على إقليم الدونباس؛ ولكن موسكو لم تكن تقبل أقل من مواصلة الزحف حتى أوديسا.

وبعد «الهجوم المضاد» والزحف الأوكرانى في شمال الدونباس وجنوبه وتحرير «خيرسون»؛ فإن أوكرانيا لم تعد تقبل بأقل من الخروج الروسى الكامل من أوكرانيا بما فيها القرم مضافًا إليها تعويضات كاملة. لم يكن الألم الاقتصادى والديمغرافى، ولا التكلفة العسكرية، ولا الألم العالمى في الطاقة والغذاء، كافيًا لوقف الحرب في أي وقت. على العكس تمامًا، فإن العالم لم يكتفِ بالتعامل مع المعتاد الجديد للحرب، بل إن ما جرى هو التصعيد المستمر في المطالب والآلام التي يرتكبها الطرفان إزاء بعضهما، وكلاهما إزاء العالم. اكتفى المراقبون بخبط الأكف بعضها ببعض، والتأكيد على أن «عدم اليقين» بات هو المنظومة الفكرية العالمية الجديدة، التي تعنى أن البشرية دخلت إلى نفق جديد مرعب.

كل المؤشرات إلى عام ٢٠٢٣ تشير ليس فقط إلى أن الحرب الروسية الأوكرانية سوف تكون مستمرة لعام آخر، وإنما إلى أن الحرب سوف تدخل إلى نطاقات أكثر خطورة. الزيارة التي قام بها مؤخرًا الرئيس الروسى فلاديمير بوتين إلى بيلاروسيا والاتفاقيات الدفاعية التي عقدها تَشِى باحتمال كبير لدخول «مينسك» الحرب، وهى لن تكون إلا بشَنّ هجمات من الشمال على أوكرانيا لا يكون لها هدف آخر إلا العاصمة «كييف». طوال الأسابيع الأخيرة لم يكن للقوات العسكرية الروسية من هَمّ إلا استخدام الطائرات المسيرة الإيرانية في الهجوم على المدن الأوكرانية والتركيز على بنيتها الأساسية؛ والآن تشير روسيا إلى وجود أسلحة غير مسبوقة في الشرق ولا في الغرب، وسوف يجرى استخدامها خلال المرحلة المقبلة. أوكرانيا من ناحيتها لم تشأ أن ينتهى العام دون شَنّ هجمات على الأراضى الروسية ذاتها، وأصبحت كل القفازات في طريق الحرب مرفوعة.

الرئيس الأوكرانى زيلينسكى في زيارته إلى الولايات المتحدة سعى وراء توحيد الديمقراطيين والجمهوريين في الكونجرس مضافًا للرأى العام الأمريكى لمواصلة ليس العون للأوكرانيين وإنما لكسب الحرب. في عودته سوف يكون في معيته ليس فقط صواريخ «باتريوت»، قرة عين واشنطن في الدفاع ضد الصواريخ، وإنما تعهد مقدس بتقديم معونات قدرها ٤٤ مليار دولار خلال المرحلة المقبلة. النيات دخلت إلى المرحلة المظلمة، التي يصر فيها كل طرف على الانتصار الكامل والهزيمة الكاملة للخصوم، وفى مثل هذه الأحوال يدفع العالم كله ثمنًا فادحًا.

إذا أضفنا إلى ذلك كله ما قامت بها ألمانيا بزيادة نفقاتها الدفاعية بما مقداره ١٠٠ مليار دولار، وأن اليابان، قليلة الكلام، صدقت حكومتها يوم ١٦ ديسمبر الجارى على استراتيجية جديدة للأمن القومى تزيد الإنفاق الدفاعى وتعزز القدرات الفضائية والسيبرانية والبحرية والبنية التحتية بشكل غير مسبوق وتتضمن القدرة على شَنّ «هجمات مضادة». الصين تركت كل تحفظاتها على الهجمة الروسية على أوكرانيا وأعلنت عن قيامها بمناورات بحرية مشتركة مع روسيا في أوقات ملتهبة.

وكأن كل ذلك ليس كافيًا، فقد وجّه مجلس الأمن الدولى في ١٥ ديسمبر الجارى تحذيرًا جديدًا بشأن تصاعد التهديدات المرتبطة بنشاط التنظيمات الإرهابية، خاصة «داعش» و«القاعدة»، واعتمادها على التقنيات التكنولوجية الحديثة، التي تعزز فرص تنفيذ هجمات إرهابية باستخدام الطائرات المسيرة والحرب السيبرانية والإنترنت في عمليات التجنيد. في النهاية فإن كاتب السطور ليس متشائمًا بالفطرة، ولكن واقع الخطر من الجلاء بحيث يصعب تجاهله، أو انتظار بشارة تأتى من هنا أو هناك، وإنما لابد من تعريف القوم بأننا مقبلون على عام بالغ القسوة. أيها السادة لا مفر من التفكير والاستعداد والتحسُّب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عام الخطر ٢٠٢٣ عام الخطر ٢٠٢٣



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

هيفاء وهبي بإطلالات متنوعة ومبدعة تخطف الأنظار

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:01 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

ختام فعاليات أسبوع الموضة في الرياض 2024
  مصر اليوم - ختام فعاليات أسبوع الموضة في الرياض 2024

GMT 09:36 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

البرتغال وجهة سياحية جاذبة لعشاق الطبيعة على مدار العام
  مصر اليوم - البرتغال وجهة سياحية جاذبة لعشاق الطبيعة على مدار العام

GMT 09:49 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

طرق العناية بالأجهزة الإلكترونية في المنزل
  مصر اليوم - طرق العناية بالأجهزة الإلكترونية في المنزل

GMT 09:41 2024 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

رسالة أصالة لجمهورها قبل حفلها في سلطنة عُمان
  مصر اليوم - رسالة أصالة لجمهورها قبل حفلها في سلطنة عُمان

GMT 07:26 2024 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

بوريل يدعو لإجراء تحقيق شامل حول انتهاكات إنسانية في غزة
  مصر اليوم - بوريل يدعو لإجراء تحقيق شامل حول انتهاكات إنسانية في غزة

GMT 20:41 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الفيشاوي ينفي تغيير كلمات أغنية "نمبر 2"

GMT 18:59 2020 الأربعاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة جونيور أجاي فى نهاية تمرين الأهلي وفحص طبي غدًا

GMT 06:30 2020 الإثنين ,26 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الدواجن في مصر اليوم الإثنين 26تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 06:09 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

محمد هنيدي يكشف حقيقة سخريته من الراقصة البرازيلية لورديانا

GMT 17:50 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

أهم وأبرز إهتمامات الصحف الليبية الصادرة الثلاثاء

GMT 05:52 2020 الثلاثاء ,19 أيار / مايو

محمد حماقي ينعى الشيخ صالح كامل

GMT 23:14 2020 السبت ,07 آذار/ مارس

أسعار الحديد في مصر اليوم السبت
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon