توقيت القاهرة المحلي 16:08:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مجلس التنسيق السعودي ــ المصري؟!

  مصر اليوم -

مجلس التنسيق السعودي ــ المصري

بقلم: عبد المنعم سعيد

كان الرئيس الفرنسي الجنرال شارل ديغول هو الذي اعتاد حينما يأتيه ضيف عارضاً قضية أن يطلب من معاونيه إحضار الخرائط. هو مثل آخرين من عصره كانت الرؤية الجيوسياسية تنطق بالكثير من أبعاد علاقات الدول. ولا يحتاج أمر العلاقات المصرية - السعودية الحميمة وما نجم عنها من إنشاء «مجلس التنسيق السعودي - المصري» إلا إلى نظرة على الخريطة التي تضعهما معاً على حافة البحر الأحمر الذي يفلق العلاقة بين قارتي آسيا وأفريقيا حاملاً هم علاقاتهما بأوروبا مضافاً إليها 15 في المائة من حجم التجارة العالمية بين الشرق والغرب. الخرائط هنا لا تنطق وحدها على القرب الذي يجعل اليابسة بين مصر والسعودية تلتحم عند مضيق تيران، حيث كانت السفن تربط ما بين المصريين والسعوديين ذهاباً وإياباً ليس فقط إلى الحج وإنما أكثر من ذلك للتبادل الإنساني والاقتصادي. خليج العقبة ظل طوال التاريخ رابطاً؛ وفي أزمنة سابقة كانت سكة حديد الحجاز تربط ما بين المشرق العربي ومغربه. اليوم، وفي ظلال الحديث عن العلاقات المصرية - السعودية، استأنفت مصر خط سكك حديد بين الفردان على قناة السويس والعريش تمهيداً لعدد من مشروعات السكك الحديدية ذات الخطوط السريعة، أولها الذي يجري إنشاؤه بين «طابا» على رأس الخليج والعريش أيضاً. السعودية من جانبها تخطط لهذا الربط بين شرقها وغربها، وبين العاصمة الرياض والحواضر السعودية في شرقها وغربها. ما يبدو لافتاً مشهد عمليات التنمية السعودية في محافظة العلا في شمال غربي المملكة وكيف تلتقي بأكبر مشروع تنموي مصري حالياً وهو تعمير شبه جزيرة سيناء في الشمال الشرقي لمصر.

ما حدث خلال السنوات العشر الماضية في كل من السعودية ومصر صنع تاريخاً يترجم الجغرافيا السياسية إلى آفاق تحتاج إلى درجات عالية من التنسيق المؤسسي الذي يأخذ رؤيتين للقاهرة والرياض تدخلان في عام 2030 إلى اكتمال تغييرات جوهرية في جغرافيا كلا البلدين. في مصر، فضلاً عن مضاعفة حجم المعمور المصري من 7 في المائة في عام 2010 إلى 15 في المائة الآن، فإن المصريين للمرة الأولى في تاريخهم ينتقلون من الازدحام حول النيل إلى سواحل البحرين المصريين، الأبيض والأحمر، وخليجي العقبة والسويس، وسواحل 14 بحيرة مصرية. في السعودية تم اختراق إقليم مساحته مليونا كيلومتر مربع ما بين الخليج العربي والبحر الأحمر، حيث تنشأ المدن وترتبط الشواطئ بالبر الفسيح. هذه التغيرات طوَّرت العلاقات بين البلدين وجعلت نتائجها كثيفة تعكس غناها، لكنها أيضاً تتطلب الكثير من الحماية ضد البيروقراطية، ومخاطر الدس الإقليمي والدولي. التنسيق المؤسسي هنا يؤكد على سلاسة العلاقات وغناها، وما تحتاج إليه من قرب سياسي على مستوى القمة يضمن الفاعلية الاقتصادية والاستراتيجية.

مساحة المقال لا تسمح بسرد أنواع العلاقات والتفاعلات كافة بين البلدين، لكنها شاملة أبعاداً كثيرة تقرّب الشواطئ وتدفع في اتجاه السعي نحو الاستقرار التنموي، ومواجهة أوضاع غير مستقرة في إقليم لم تهدأ زلازله منذ «الربيع العربي» المزعوم الذي ترك وراءه كماً من الحروب الأهلية؛ وكماً أكثر صعوبة من الخروج عن الدولة الوطنية العربية، ومؤخراً الانفجار الكبير الذي جرى للقضية الفلسطينية. والمؤكد هو أن العالم العربي في مشرقه ومغربه ينظر إلى العلاقات المصرية - السعودية في تعاملها الناضج مع واجب الحفاظ على الدولة من المغامرة والمقامرة بمصائر شعوب ودول، ويضع عليها عبء التفكير والتدبير للخروج من الأزمة والمأزق الراهن. المبادرة السعودية بإنشاء التحالف الدولي لوضع حل الدولتين موضع التطبيق مكوناً من الدول العربية الأعضاء في جامعة الدول العربية، والدول الإسلامية الأعضاء في مؤتمر الدول الإسلامية، مضافاً إليهما الاتحاد الأوروبي ما يشكّل الخطوات الأولى نحو جبهة عالمية لمساندة الحل الوحيد للقضية الفلسطينية والمسألة الإسرائيلية في آن واحد، حيث تتعايش الدولة الفلسطينية المستقلة جنباً إلى جنب مع دولة إسرائيل كترجمة مباشرة للمبادرة العربية للسلام.

مجلس التنسيق المصري - السعودي سوف يقابله نوعان من التحديات: أولهما ممكن وهو تعميق العلاقات المصرية - السعودية وحمايتها من الأخطار التي عادة ما تفرزها الحماقة للتفريق ما بين البلدين. والآخر أن الإقليم الذي تولدت فيه مبادرة مجلس التنسيق يحمل أخطاراً بالغة، حيث النيران متقدة، وهناك ما يكفي من الغضب لكي يستمر الاشتعال قائماً. لكن التاريخ يشهد أنه من الممكن تجاوز ذلك كما حدث في مراحل سابقة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مجلس التنسيق السعودي ــ المصري مجلس التنسيق السعودي ــ المصري



GMT 09:09 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 09:05 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 09:04 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 09:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 09:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 09:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 08:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 08:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon