توقيت القاهرة المحلي 20:29:54 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الحرب التي لم تأتِ بعد

  مصر اليوم -

الحرب التي لم تأتِ بعد

بقلم: عبد المنعم سعيد

حتى وقت الكتابة لم يكن هناك بصيص ضوء خارج من مفاوضات الهدنة رغم زيارة الوفود الغربية، والمناشدات التي تأتي من المنظمات الدولية. الإعلام كانت صورته كاريكاتورية، فمن دون معرفة النصوص التي يجري التفاوض عليها، فإن الساحة باتت واسعة للتخمين عما هو كلمات ومضمون وتغييرات. الأكثر تعاسة كانت التصريحات الخاصة بالقبول أو بالرفض، خصوصاً أن المبادرات التي يجري التفاوض حولها قدمتها الولايات المتحدة، وقالت واشنطن إن أصلها إسرائيلي؛ وتقول «حماس» إنها توافق على مبادرة 2 يوليو (تموز) الماضي، لكنها لا توافق على أي إضافات إسرائيلية. الحيرة تتملك الجميع، خصوصاً أن المعارك قائمة، وعمليات الاغتيال وإطلاق الصواريخ تجري؛ وما يبدو أن جميع الأطراف والوسطاء والنظارة من دول العالم والإعلام مستمرون في متابعة مشهد ليس له نهاية. وما كان باعثاً على الدهشة أن الحرب الإقليمية لم تقم؛ وكان ذلك مخالفاً للتصريحات الساخنة التي أطلقها النظام الإيراني؛ والكلمات الحارة التي أطلقها زعيم «حزب الله» حسن نصر الله. كان واضحاً أن الحشود العسكرية الكثيفة التي بعثت بها واشنطن إلى المنطقة، والتأييد الذي تلقته من حلفائها الألمان والفرنسيين والبريطانيين والإيطاليين تضع خطاً أحمر على من يمس إسرائيل بسوء. وهكذا وجد الطرفان في مفاوضات الهدنة مخرجاً، فإيران وجدت فيه ملاذاً يؤجل الانتقام لدماء إسماعيل هنية؛ و«حزب الله» وجد فيها ما يدعو إلى الاكتفاء بضبط قواعد الاشتباك حتى ولو استمرت إسرائيل في عمليات الاغتيال.

لم يمنع ذلك المنطقة من التوتر، ورغم زيارة أنتوني بلينكن وزير الخارجية الأميركي للمنطقة سعياً وراء إنهاء الخلافات ومؤكداً على أن إسرائيل قد وافقت على الصيغة النهائية ولم يبق إلا بعض التفاصيل «الفنية» في القاهرة؛ فإن «حماس» لم تؤكد القبول. وباختصار، فإن الواقعين خارج دائرة التفاوض لم يجدوا سوى عملية دائرية لا تصل إلى نهاية لا بالقبول ولا بالرفض. هي حالة عائمة وجدت فيها إيران ارتباكاً ملحوظاً عما إذا كان واجباً عليها العودة إلى خطة الثأر والانتقام أو تعود إلى حالة «الصبر الاستراتيجي» انتظاراً للخروج من حافة الحرب. كان هناك عامل مؤثر رغم عدم ذيوعه يبدو أنه منع إيران و«حزب الله» وتوابعهما من تفجير المنطقة، وهي أن كليهما بات مخترقاً بدرجة تدفع لإعادة حسابات الاشتباك في حرب إقليمية شاملة. تكرار عمليات اغتيال قيادات عسكرية إيرانية، فضلاً عن قيادتين مهمتين مثل إسماعيل هنية وفؤاد شكر، وفي حالة «حزب الله» كانت القائمة طويلة من الاختراقات والاغتيالات، باتت تحتاج إلى وقت للتحقق منها، وسد فجواتها، ولعلها من أصعب الأمور ساعة حرب جارية.

هل كان الردع الأميركي والإسرائيلي قد بات جارياً ومانعاً للتصعيد إلى حرب شاملة؟ التقارير والتحليلات الغربية تضيف عاملاً مهماً ليس فقط اختلال توازنات القوى حيث الأسلحة الجوية متهالكة لدى إيران، وكثير منها يعود إلى فترة ما قبل الثورة الإيرانية؛ وإنما أكثر من ذلك هو ضعف أسلحة الدفاع الجوي بما فيها المجموعة الروسية SS 300 وهي ليست أحدث القدرات الروسية، والتي لم تستخدم لصد الهجوم الإسرائيلي في أبريل (نيسان) الماضي. كل ذلك يجعل الجبهة الداخلية الإيرانية مكشوفة لعمليات تدمير واسعة النطاق في المدن والحضر تضع القيادة الإيرانية في أوضاع داخلية حرجة. المسألة ذاتها متكررة في لبنان، حيث «حزب الله» لا يمتلك أي دفاع جوي نشط، ولا قوات جوية؛ ورغم أنه دفع إسرائيل إلى إجلاء 60 ألف نسمة من شمال إسرائيل إلى داخل البلاد، فإن المواجهة الشاملة مع «حزب الله» سوف تعني دماراً كاملاً للبنان. ومع ذلك؛ فإن كل هذه العناصر والأبعاد كانت موجودة منذ زمن طويل، ومع ذلك فإنها لم تمنع استمرار العمليات العسكرية الجارية؛ والتي من المرجح أن إسرائيل ذاتها تواقة إلى التصعيد فيها، بل إنها ترى فيها فرصة للخلاص من القدرات النووية الإيرانية. وهكذا، فإن الحالة التي نواجهها الآن في حرب غزة الخامسة ما لم يتم التوصل إلى هدنة، فإن كل الطرق سوف تكون مفتوحة لكي تعود إيران إلى الحرب والانتقام بالوكالة عن طريق «حزب الله» اللبناني و«الحشد الشعبي» العراقي و«الحوثيين» في اليمن؛ وإسرائيل من ناحية أخرى سوف تبحث عن طريقة لاستفزاز إيران مرة أخرى في سبيل تكرار الإهانات لشرف النظام. هل يمكن أن تحدث المعجزة لوقف إطلاق النار ولو لإحراز نجاح للرئيس بايدن والسيدة هاريس تعفيهما من الحرج الداخلي وتعطيهما دفعة في الانتخابات الرئاسية؟ أم نعود مرة أخرى لانتظار الحرب الإقليمية؟ إذا كان في الأمر عجب، فلا تنسَ أننا في الشرق الأوسط!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحرب التي لم تأتِ بعد الحرب التي لم تأتِ بعد



GMT 20:20 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

انتخابات النمسا وأوروبا الشعبوية

GMT 19:55 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

مصر واليونان وقبرص.. وتركيا

GMT 15:37 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

لبنان.. عودة الأمل وخروج من الأسر الإيراني

GMT 15:33 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

ليلى رستم نجمتنا المفضلة

GMT 08:16 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

انتخابات النمسا وأوروبا الشعبوية

GMT 08:14 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

معضلة الدستور في سوريا

GMT 08:11 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

تقاتلوا

GMT 08:10 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

سوريا بعد الأسد واستقبال الجديد

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:59 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

تصريحات فيفي عبده تتصدر التريند
  مصر اليوم - تصريحات فيفي عبده تتصدر التريند

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 20:29 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

أنجلينا جولي تكشف عن شعورها تجاه عملها بعد رحيل والدتها

GMT 15:48 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

ليونيل ميسي يختار نجمه المفضل لجائزة الكرة الذهبية 2024

GMT 13:55 2021 الأربعاء ,08 أيلول / سبتمبر

اتفاق رباعي علي خارطة طريق لإيصال الغاز إلي بيروت

GMT 06:11 2020 الخميس ,08 تشرين الأول / أكتوبر

الشكشوكة التونسية

GMT 19:44 2019 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

تفاصيل العثور على "سوبرمان هوليوود" ميتاً في صندوق

GMT 04:38 2019 الثلاثاء ,09 تموز / يوليو

تعرفي على 9 موديلات مميزة لتزيّني بها كاحلكِ

GMT 22:22 2019 الأربعاء ,27 شباط / فبراير

مستوى رمضان صبحي يثير غضب لاسارتي في الأهلي

GMT 04:46 2018 الخميس ,27 كانون الأول / ديسمبر

إليكِ أفكار سهلة التطبيق خاصة بديكورات المطابخ الحديثة

GMT 02:17 2024 الأحد ,08 أيلول / سبتمبر

مناظر خلابة ورحلة استثنائية في جزر فينيسيا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon