توقيت القاهرة المحلي 12:38:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

محاكمة السيد «بعض»!

  مصر اليوم -

محاكمة السيد «بعض»

بقلم : عبد المنعم سعيد

كان الأسبوع الماضى مزدحمًا للغاية نتيجة ظروف حالية (الأزمة الاقتصادية)، وانفجارات تأتى وتذهب (حرب غزة الخامسة)، وأمور باتت معتادة (الجائحة وما يلم بها من تطورات بالزيادة والنقصان)، وأخرى باتت معتادة أيضًا، ولكنها تقض المضاجع نظرًا لآثارها بالغة الألم (الحرب الأوكرانية)، وحوادث قتل مفجعة قام بها شاب بذبح شابة فى الطريق العام لأنها رفضت الزواج منه. ولمَن كانت مهنته الكتابة المنتظمة، والتعليق المتواتر عبر وسائل إعلامية مختلفة ومتنوعة، (ولدينا منها الكثير الآن)؛ فإن الأسئلة وطلب التعليق تنهال بالصوت والصورة والسطور.

أكثر ما يُحيِّر فى كل ما جرى ليس البحث عن إجابات لأسئلة مفيدة للرأى العام، وإنما ظهور شخصية عجيبة وغامضة، هى السيد «بعض»، الذى تُسند إليه أمور وآراء يُطلب التعليق عليها فى التو واللحظة لأن عطش الجمهور للإجابة يتناسب طرديًّا مع غرابة السؤال. قبل سنوات كان ينتابنى غضب من السائل الذى رأيت أن عليه أن يبذل جهدًا فى تعريف الطارئ الجديد إلى ساحة التساؤل، وهل هو حزب سياسى أصدر بيانًا بما قيل، أو أنه شخصية عامة كتبت مقالًا أو أبدت رأيًا فى وسيلة معروفة للنشر، أو أن الرأى جاء استنتاجًا من حجج ومعلومات جاءت فى صفحات كتب، أو نُشرت عن طريق أجهزة مسؤولة محليًّا أو عالميًّا، وهكذا أمور. ولما كان البحث عن هوية للسيد «بعض» هذا بات أمرًا يبعث على اليأس لأنه ليس شخصية أو مصدرًا يمكن تحديد أوله وآخره والرجوع إلى أصله وفصله والظروف التى قال فيها ما قال، أو حدث فيها ما حدث، فهو مثل «السديم» الذى جاءت به كتب الطبيعة، والذى هو فى الأصل حالة غازية يمكنها عبر أزمان أن تتحول إلى أوضاع صلبة، أو أن تتفتت إلى «سديمات» أصغر، على الأرجح أنها تضيع فى الذاكرة وتذهب إلى فناء الزمن.

حتى وقت ليس ببعيد كان السيد «بعض» يعنى جزءًا من أمر أكبر، أو جناحًا فى جماعة أو حزب، أو مجموعة من البشر؛ هو أداة من أدوات تقسيم تركيبة من الآراء أو المواقف أو أمور معدودة فى الزمن، فيُقال بعضها هكذا، وبعضها الآخر كذلك، وهلم جرا.

ولكن ما يحدث الآن هو أن «البعض» هذا قد بات اتجاهًا أو «ترند Trend» له مقياس من الأهمية تعزى إلى عدد المشاهدات أو المستخدمين له فى المشاركة مع آخرين اجتمعوا على الاهتمام بأمر ما أو لم يكن لديهم عمل يقومون به فجذبتهم غرابة الموقف أو غموضه أو ما يقدمه من حالة فاقعة، أو ظهرت فيه فرصة لمعارضة جمع من البشر أو الذوبان فيما يسيرون فيه. هى أدوات التواصل الاجتماعى إذن التى دخلت إلى حياتنا خلال السنوات العشر الأخيرة، وربما قبل ذلك، لأنها فى البداية تسللت إلى حياتنا كوسيلة للتعارف والارتباط، وإبداء الآراء، ولكنها اقتحمت حياتنا بثورات قلبت نظمًا وحكامًا، والآن فإنها تشن حربًا من حروب الجيل الرابع على حد توصيف الصديق الطبيب والمفكر والسياسى د. حسام بدراوى فى حديث له مع الأستاذ نشأت الديهى. وبغض النظر عما إذا كان ظهور السيد «بعض» على هذه الطريقة هو الجانب الآخر السلبى من تطور تكنولوجى بعينه كما حدث منذ اختراع النار؛ أو أنه وسيلة عمدية لتفتيت الأمم، فإن العقل يستدعى بعض الحكمة والحرص فى التعامل معه.

علينا أن نسجل فى البداية أن وسائل التواصل الاجتماعى يمكنها أن تكون سببًا فى المعرفة وانتشارها بقدر ما تكون سببًا فى خلق روابط حميدة بين الناس. ولكن على الجانب الآخر فإن أمراضها مفزعة، فالسيد «بعض» مدمن للتبسيط والسخف، ويزعجه كثيرًا، أو هكذا يأتى عند طرح أسئلة مشتقة منه، أى من مستويات التركيب والتعقيد فى الظواهر؛ هو لديه موقف بالغ السلبية من المرأة فى عمومها، ولا يراها إلا مركبًا للفتنة والغواية والغدر فى النهاية؛ ومن الآخر خاصة فى بلادنا مع المختلف دينيًّا أو مذهبيًّا، ومن الغرباء. هو مستودع لنظريات المؤامرة وما تحتويه من ذيوع للخوف وفقدان الثقة بالنفس؛ وتقديره الدائم هو أننا يجرى التلاعب بنا فى كل الأوقات التى تقودنا شئنا أم أبينا إلى هوة سحيقة. ما يأتى معه على الأغلب يميل إلى الماضى، وبقدر ما كان الحاضر تعيسًا فإن المستقبل ظلام بلا بصيص ضوء. الخريطة الذهنية للسيد «بعض» تكاد تتطابق مع الكثير مما تدلى به تيارات الإخوان والقاعدة وداعش وتابعوهم الذين ينتشرون فى دوائر إعلامية قريبة. الإجابة عما يأتى على لسان السيد «بعض» هى كثير من العلم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محاكمة السيد «بعض» محاكمة السيد «بعض»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله
  مصر اليوم - إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:32 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

بسمة بوسيل تشوّق جمهورها لأغنيتها الجديدة "لأ ثواني"
  مصر اليوم - بسمة بوسيل تشوّق جمهورها لأغنيتها الجديدة لأ ثواني

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 01:15 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل ألعاب يمكن تحميلها الآن على هاتف الآيفون مجانا

GMT 06:21 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

نوبة قلبية تقتل "الحصان وصاحبته" في آن واحد

GMT 22:33 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد ممدوح يوجه الشكر للجامعة الألمانية عبر "انستغرام"

GMT 16:44 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمن المركزي يحبط هجومًا انتحاريًا على كمين في "العريش"

GMT 03:36 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"طرق التجارة في الجزيرة العربية" يضيف 16 قطعة من الإمارات

GMT 01:03 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل العيش السوري او فاهيتاس بسهولة فى البيت

GMT 08:12 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

ليدي غاغا تُظهر أناقتها خلال العرض الأول لفيلمها

GMT 16:10 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

جماهير روما تهاجم إدارة النادي بعد ضربة ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon