توقيت القاهرة المحلي 22:01:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المناظرة الأممية في الرياض

  مصر اليوم -

المناظرة الأممية في الرياض

بقلم: عبد المنعم سعيد

باتت العاصمة السعودية الرياض مكاناً للبحث عن حكمة الزمان الذي نعيش فيه. وبعد الدهشة الأولية التي تنتاب المرء ساعة مغادرة مطار المدينة والمضي في شوارعها بعد المقارنة بآخر المشاهدات قبل أقل من عام، ظهر التحول منيراً وهائلاً خلال فترة قصيرة من مدينة تسعى إلى التغيير، إلى المدينة وقد تغيرت لابسة رداء المدن الجديدة في العالم وفي المنطقة. وسط هذا التحول الذي يجعل التغيير ممكناً نحو عالم جديد في دولة كان ذلك فيها مستحيلاً قبل عقد من الزمان، فإن مثل ذلك يبدو عصياً عندما يدور الكلام حول تغيير أفكار العالم. لم يكن ممكناً للمجتمعين في فندق «الفيصلية» أن يتصورا عالماً غير ذلك الذي جاءوا منه مثالياً يحترم الإنسانية وقواعد القانون الدولي والحكم الرشيد. الحدث جرى بدعوة كريمة من مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية وتحت الرعاية الأمينة للأمير تركي الفيصل، وبالمشاركة مع مؤسستين دوليتين مرموقتين للبحث فيما يجري في العالم والشرق الأوسط والاقتصاد الدولي والتكنولوجيا العالمية. والحضور في أغلبهم كانوا أبناءً مخلصين لذلك العالم الذي وُلد بعد نهاية الحرب الباردة، وولّد خيالاً ديمقراطياً وليبرالياً تكون فيه سيادة القانون والأعراف المتفائلة التي قال عنها فرنسيس فوكوياما سوف تكون نهاية التاريخ. جاء كثيرون منهم من الدول التي نتجت عن انهيار الاتحاد السوفياتي ويوغوسلافيا في أوروبا الشرقية ووسط آسيا. هي دول خرجت من تحت اليد الغليظة للدب الروسي، وورثت عنه ميراثاً يكفي لانقسام تشيكوسلوفاكيا إلى دولتين - التشيك والسلوفاك - وينتج عنه مآسي الأقليات العابرة للقوميات، وتخطيط الحدود ما بين دول جديدة.

من هذه البيئة الحاضرة جاء رؤساء جمهوريات ووزارات ووزراء خارجية سابقون ولاحقون عاشوا لحظات الميلاد الأولى في العقدين الأخير من القرن العشرين والأول من القرن الحادي والعشرين أحلامها وأمانيها. مع العقد الثالث في القرن الأخير تغير العالم بما لم يكن متخيلاً ليس فقط مع انتخاب أمثال ترمب في واشنطن وأوروبا، أو الخروج الأميركي من أفغانستان والشرق الأوسط ثم العودة الثقيلة للأخيرة، أو حتى الغزو الروسي لأوكرانيا بعد ضم أجزاء منها سابقاً، وهو ما حدث بنفس الصيغة في جورجيا؛ وإنما أكثر من ذلك أن أفكار الميلاد تبخرت وحتى فوكوياما نفسه اعتذر عن طروحته في إطار أن صمويل هنتنغتون كان الأكثر حكمة عندما كتب عن صراع الحضارات. هذا الأخير وضع الإطار الفكري للصراع الدولي بين الحضارة الغربية الأوروبية التي جرى التأسيس لها بعد الحرب العالمية الثانية، والحضارات الأخرى في العالم التي راحت تتشبث بهويات قومية ودينية قديمة فكانت الحرب ضد الإرهاب حرباً عالمية. ولكن الواقع الجديد في العالم بات مفارقاً لكل ما سبق، وجرى مؤتمر الرياض تحت اليد الثقيلة للحرب الروسية - الأوكرانية حتى لو كانت غائمة انتظاراً لجولة جديدة من الحرب؛ واليد التي لا تقل ثقلاً لما بات معروفاً باسم حرب غزة الخامسة. لم يكن للقادمين من منطقة البلطيق والبلقان وآسيا الوسطى والشرق الأوسط أن يتخلصوا من وعثاء اللحظة إلا باستعادة اللحظات الأولى لعهد ما بعد انتهاء الحرب الباردة، والتمسك بمثاليات لحظة غابرة.

كان هناك ما يشجع على استعادة اللحظة عندما بات مطروحاً دور لمحكمة العدل الدولية، والمحكمة الجنائية الدولية في صراع الشرق الأوسط، وربما لم تتكرر عبارة «المعايير المزدوجة»، كما تكررت في العالم مثلما جرت خلال الشهور الأخيرة. أحياناً بدا الأمر كما لو كان وضعاً لصياغة أخلاقية لسلوكيات الدول، كما لو أن الدولة ما هي إلا طبعة أخرى للإنسان يمكن ضبطها بقوانين وأحكام جاءت من «الوصايا العشر» التي أنزلت على النبي موسى (عليه السلام) واضعاً قواعد لسلوك البشر تستوجب المكافأة والعقاب من الله عز وجل. الواقع الدولي مختلف، واستعادة أحكام معاهدة جنيف لمنع الإبادة الجماعية والتهجير القسري للفلسطينيين ومن قبلهم الأوكرانيين وأمثالهم في دول أخرى لا تبدو مجدية على الأقل للذين فاتهم قطار الحياة موتاً أو لجوءاً إلى دول أخرى. كان واضحاً تشبث الحضور بالقوانين، وثبات معايير السلوك والمطالبة بمنظمات دولية ذات فاعلية أكبر. الخطير في الأمر أن وجهة النظر الذائعة كانت أن ذلك في متناول اليد لإقامة عالم عادل لا توجد فيه القوة وأطماع الهيمنة والسيطرة، وتاريخ هائل من الأحقاد والكراهية المتراكمة والثارات التي لا تنتهي. ولكن كانت هناك في الظلمة شموع منها أن النساء المشاركات من المملكة عبّرن عن تغيير كبير في الحصافة والقدرة والذكاء جعل نصف المجتمع السعودي مشاركاً في نهضة حقيقية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المناظرة الأممية في الرياض المناظرة الأممية في الرياض



GMT 09:03 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 09:02 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مسرح القيامة

GMT 09:01 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان... و«اليوم التالي»

GMT 09:00 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لماذا توثيق «الصحوة» ضرورة وليس ترَفاً!؟

GMT 08:59 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 08:57 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 08:55 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

«فيروز».. عيونُنا إليكِ ترحلُ كلَّ يوم

GMT 08:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى شهداء الروضة!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:01 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
  مصر اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 18:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا
  مصر اليوم - روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 17:00 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الإجازات الرسمية في مصر لعام 2025 جدول شامل للطلاب والموظفين
  مصر اليوم - الإجازات الرسمية في مصر لعام 2025 جدول شامل للطلاب والموظفين

GMT 09:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 10:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

رأس شيطان ضمن أفضل 10 مناطق للغطس في العالم

GMT 21:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا تشارك في حفل توقيع كتاب «فن الخيال» لميرفت أبو عوف

GMT 15:36 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : ناجي العلي

GMT 09:48 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

منى عبد الغني توجّه رسالة إلى محمد صلاح

GMT 17:26 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 20 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 11:09 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة رانيا ترد على رسالة طالب جامعي بطريقة طريفة

GMT 11:06 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

وكالة فيتش ترفع التصنيف الائتماني للبنوك المصرية

GMT 19:10 2020 الجمعة ,25 أيلول / سبتمبر

أسعار الكتاكيت في مصر اليوم الجمعة 25 سبتمبر 2020

GMT 15:28 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

تعيين تركي آل الشيخ رئيسًا للاتحاد العربي لكرة القدم

GMT 16:33 2016 الخميس ,14 إبريل / نيسان

جلوس صيف 2016 تتألق باللون الرمادي

GMT 17:06 2021 الثلاثاء ,07 أيلول / سبتمبر

لطيفة تطرح كليبها "الأستاذ" برفقة شقيق أمير كرارة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon