بقلم - عبد المنعم سعيد
رحلتى تجددت للتدريس فى الولايات المتحدة خلال الخريف بعد خمس سنوات من الانقطاع بسبب الكورونا وقبلها الانتهاء من طبعة جديدة للكتاب الذى يجرى تدريسه. هذه الفترة الزمنية البسيطة شهدت تحول العالم تماما إلى أن يكون أون لاين ومعناه عمليا انقطاع العلاقة ما بين المنتج والمستهلك. وبدأ الانقطاع عندما بدأت إجراءات الفيزا فانقطعت العلاقة بين المسافر والسفارة، كما انقطعت ما بين الذى يؤجر سيارة لكى يستخدمها بعد الوصول إلى العالم البعيد وشركات السيارات. تأجير منزل للإقامة فيه مشاكل متعددة. أون لاين تعنى محاولة من بشر لاستيعاب البنود اللازمة للاتفاق، ولكن الواقع لا يزال أمرا آخر، ففى النهاية سوف تجد أمورا ناقصة ولا تعرف كيف تستعوضها لأنك سوف تكون خارج "اللاين" وسوف تكتشف أن المسئول فى الجامعة عن الأمر عليه أن يتعامل مع شركة أون لاين وهى التى تستحوذ على عدد من الشقق أون لاين؛ وهذه بدورها تتعامل أون لاين مع الشركة المالكة لعمارات وبيوت منفردة وجماعية. النتيجة هى أنك سوف تفهم الحياة اون لاين القائمة على تعدد الوسطاء سوف ينتهون إلى أن شقة مكونة من حجرتين فى مكان متواضع داخل مدينة تابعة لمدينة بوسطن سوف يزيد إيجارها على أكثر من خمسة آلاف دولار.
الترجمة الحرفية للتعبير أون لاين هى أن الإنسان يكون على الخط (خط التليفون أو الكمبيوتر فى أشكاله المختلفة) يملأ المعلومات على أمل أن كل الأمور سوف تكون على ما يرام، ولا يحتاج الأمر رحلات مكلفة بالبنزين، ولا التفاوض والمساومة مع من لا تعرفهم. لكن القضية ليست مع السلعة، شقة كانت أو سيارة أو حتى زوجا من الأحذية، وإنما ماذا سوف تفعل بها بعد تسلمها، لاستكمال المهمة التى جاءت من أجلها. عشت حياتى كلها أعشق الحديث والحداثة؛ ولكن غير المدرب عليها بحكم السن والذهاب المتأخر بعد فراق، يشقى كثيرا حينما يكتشف أن العالم تغير بلا عودة.