توقيت القاهرة المحلي 10:17:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تفكير مواطن فى الأزمة الاقتصادية

  مصر اليوم -

تفكير مواطن فى الأزمة الاقتصادية

بقلم - عبد المنعم سعيد

تحدث الأزمة الاقتصادية عندما يكون هناك خلل فى الموازين الأساسية للدولة من أول موازنتها العامة بين الإيرادات والإنفاق، والميزان التجارى بين الصادرات والواردات، وميزان المدفوعات بين ما هو وارد من أموال وما هو خارج منها، وحتى نصل إلى الخلل ما بين الزيادة السكانية والقدرة على إعاشتها. باختصار الأزمة هى حالة من الاستحكام لكل ما سبق إلى الدرجة التى تظهر فيه أعراض موجعة مثل التضخم والبطالة وحتى التعرض لضغوط خارجية شتى. التفكير مع هذا الوضع الآن يدعو أحيانا إلى «الحوار» حول الأزمة بين مختصين أو سياسيين أو الجمهور العام من خلال أجهزة الإعلام لعل الطاقة المجتمعية من الأفكار تقود إلى حل.

لدى الرأى العام فى العادة الرغبة فى حلول سحرية كثير منها متطرف وساذج وفى الأغلب يؤدى إلى تفاقم الأزمة وليس حلها حينما يزيد فيها الإنفاق العام أو يدعو إلى درجات متطرفة من التقشف فيكون مدعاة لضعف الطلب العام والانكماش الاقتصادى فى أعقابه. ما نحتاجه هو نوعية من التفكير التى تسير أولا فى اتجاهات نعرفها جيدا، وأجدنا فيها أيضا بالطاقات الحالية فى المجتمع؛ وثانيا أنها تكون مقبولة داخل الإطار السياسى العام فى البلاد، أى عملية وقابلة للتنفيذ وفيها بعض من الخيال ولكنها لا ترتقى إلى أحلام نستيقظ منها على كوابيس مخيفة.

نقطة الانطلاق الرئيسية هى ما تحقق خلال السنوات التسع الماضية على أرض مصر والتى حتى عام واحد مضى، ورغم وجود جائحة كورونا، حققت فيها معدلات نمو إيجابية، وظهر معها انخفاضات طفيفة فى النمو السكانى تحمل فى طياتها فرصا للتسارع كلما ظلت معدلات التنمية فى النمو. ما تحقق كان زيادة العمران المصرى التى كانت قبل نصف قرن نحو ٣٪ من مساحة مصر، ووصلت قبل ثلاثة عقود إلى ٧٪ من المساحة الكلية للدولة، والآن وبعد أقل من عقد فإن العمران يصل إلى ما يقرب من ١٥٪. النتيجة إيجابية ولا شك، ولكن عدد السكان ارتفع من نحو ٤٠ مليونا فى عام ١٩٨٠ إلى ما يقرب من ١١٥ مليونا من المواطنين والضيوف، وأصبح الامتحان الآن كيف يمكن وضعهم فى مسار للعمل وإضافة القيمة. فالعمران لا يعنى فقط العيش أو الوجود السكانى، وإنما القدرة على توليد الثروة أينما كانت على أرض مصر.

ولحسن الحظ أنه خلال نفس الفترة بدأت حركة واسعة للانطلاق من «النهر إلى البحر» حيث بدأت الحركة السكانية تتلامس مع البحرين الأبيض والأحمر، وخليجى السويس والعقبة، وجوار قناة السويس الكثيف؛ وبشكل ما فإن الصحراء المصرية لم تعد على وحشتها لدى أجيال سابقة، فلا عادت واحة سيوة بعيدة، ولا مزارع العوينات قصية، ولا واحات الوادى الجديد وتوشكى ظلت بعيدة عن خيال المصريين، ولا البحيرات المصرية دامت على حالتها العشوائية وإنما باتت جاهزة لاستثمارات كبرى. المؤكد أن نمو البنية الأساسية المصرية منذ مطلع القرن الحالى، خاصة خلال السنوات الست الماضية، من طرق وأنفاق ومطارات وموان ومحطات للطاقة قد خلقت مجالات واسعة للتعمير، واستخلاص الثروات، من المرجح أنها قد وصلت إلى مساحات جديدة، ولكنها ليست بعد واصلة إلى حالة المستوطنات السكانية من مدن وقرى حضرية وريفية.

وفى وقت من الأوقات كان التساؤل حاضرا وبإلحاح على مصادر تمويل بناء العاصمة الإدارية الجديدة، وجاءت الإجابة أن تحويل الأرض الجدباء التى لا تخضر ولا تثمر إلى عمران يولد قدرات مالية كانت كافية لبناء حاضرة مصر الجديدة. ذات النظرية لا تزال ممكنة فيما يخص المرحلة المقبلة فهناك لا يزال ٨٥٪ من أرض مصر قاحلة وجدباء ولم تصلها بعد لا يد التنمية ولا قدمها، وتزيد من حيث المساحة على ثلاثة أمثال بريطانيا أو اليابان. ولمن لا يعلم فإنه يوجد فى نيل القاهرة وحدها ١٥ جزيرة، أما فى النيل المصرى كله فيوجد ١٤٤ جزيرة منتشرة أمام ٨١٨ قرية ونجعا ومركزا فى ١٦ محافظة (أسوان- قنا- سوهاج - أسيوط- المنيا- بنى سويف- الجيزة- القاهرة- القليوبية- المنوفية- الغربية- كفر الشيخ - البحيرة- الدقهلية- دمياط- الأقصر). وهذه الجزر موزعة من أسوان حتى قناطر الدلتا (٥٥ جزيرة)، وفرع رشيد (٣٠ جزيرة)، وفرع دمياط (١٩ جزيرة)، وتبلغ مساحة الجزر ١٥٥٠ كم مربع أى مثلين ونصف دولة سنغافورة، وأكثر من ثلاثة امثال دولة البحرين، وأكثر من مثل ونصف مساحة مدينة هونج كونج الشهيرة، وأكثر من ٢٥ مثلا قدر جزيرة مانهاتن الشهيرة أيضا فى نيويورك، ومن المؤكد أن كلا منها يصلح لأن يكون مكانا للسكن والحضارة لا تختلف كثيرا عن حى جزيرة الزمالك، أو حى جزيرة المنيل. وكل ذلك بخلاف ٨١ جزيرة فى البحر الأحمر، كلها لا تقل روعة عن جزر بحر الكاريبى، ولكنها لأسباب لا داعى لمناقشتها الآن غير مأهولة، أو أنها تستخدم كممر لأغراض غير مشروعة.

المؤكد أن المتخصصين فى علم الاقتصاد قد يكون لديهم أفكار بديلة أخرى أكثر نجاعة فى التعامل مع الأزمة الاقتصادية والتخفيف من آثارها على الشعب المصرى. ولكن ما نطرحه هنا أن استغلال الجزر والأراضى المصرية من خلال الاستغلال الرأسمالى المباشر يتيح لنا فرصة كبيرة لاختبار ما نجحت فيه دول أخرى فى عالمنا للحصول على موارد عالمية بدلا من مواردنا الشحيحة. إنه نوع من الفرز الجغرافى الذى يعطى فرصا جديدة متاحة للدولة المصرية كلها. ولعل النظرة للجانب الآخر من البحر الأحمر حيث التنمية تجرى على قدم وساق بموارد محلية وداخلية تعطينا درسا إضافيا فى تخليق الثروة، وربما أيضا إتاحة فرصة واعدة للتنمية والرخاء المشترك.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تفكير مواطن فى الأزمة الاقتصادية تفكير مواطن فى الأزمة الاقتصادية



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 09:29 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان
  مصر اليوم - طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان

GMT 13:02 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

علماء يكشفون «حقائق مذهلة» عن السلاحف البحرية

GMT 20:26 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

إيران توقف “تليجرام” لدواع أمنية

GMT 22:47 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

مبابي يغيب عن نادي سان جيرمان حتى الكلاسيكو

GMT 21:12 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

الزمالك يحصل على توقيع لاعب دجلة محمد شريف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon