بقلم : عبد المنعم سعيد
ما إن دخلت قوات هيئة تحرير الشام إلى دمشق، وتأكد الجميع من مغادرة بشار الأسد، حتى بدأت إسرائيل عمليات الاحتلال للمنطقة العازلة بينها وبين سوريا طبقا لاتفاقية فصل القوات فى مايو 1974، وبعدها التوسع التدريجى فى المرتفعات السورية؛ ثم مواكبة لكل ذلك عمليات القصف الشامل لكل مواقع الجيش العربى السورى وتدمير جميع أسلحته. اللغز الأول كان أن قوات الفتح القادمة من إدلب لم تسع إطلاقا للاستيلاء على مواقع الجيش السورى لا داخل دمشق ولا خارجها. اللغز الثانى أن القصف الإسرائيلى لم يفض إلى قتلى أو جرحى فى المواقع البرية أو البحرية؛ لم يكن هناك أحد لا من الجيش ولا من السلطة القديمة أو الجديدة. أطفأ الجميع، القادة والضباط والجنود، الأنوار وذهبوا وتركوا القدرة العسكرية السورية عرضة للتدمير الشامل، لا تغطت دبابة، ولا دخلت الطائرات الهناجر، ولا اختفى مدفع، ولا غطست الغواصة ولا هربت سفينة. اللغز الثالث أن السلطة الجديدة التى نظرت إلى الناحية الأخرى قررت أنها لن تلجأ إلى «التجنيد» لتشكيل جيش جديد؛ وأنها فى الحقيقة ليست فى حرب مع أحد. لم يكن هناك أحد سوى إسرائيل يضرب فى تلك اللحظة دون أن يتصدى لها طلقة ولا صاروخ.
كانت إسرائيل صريحة فى أغراضها من احتلال أراض ليست من حقها، وتدمير القواعد العسكرية السورية؛ بأنها ترغب فى خلق منطقة عازلة كبيرة، ولا تريد تركها لتنظيمات تعلن صراحة عداءها لإسرائيل ورغبتها فى تدميرها. القائد أبو محمد الجولانى، أحمد الشرع لاحقا ـ وسلطة هيئة تحرير الشام، ووزارة تصريف الأعمال التى نتجت عنها، أى منهم لم يسبب الأسباب، ولكنه ليس من الصعب استدلالها: السلطة الجديدة تريد جيشها هى وليس جيش بشار ولا أباه ولا البعث ولا سوريا. المطلوب جيش عقائدى جديد تتم تغذيته على الموائد الإخوانية والطلبانية.