توقيت القاهرة المحلي 11:13:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أكتوبريات أوكرانيا

  مصر اليوم -

أكتوبريات أوكرانيا

بقلم - عبد المنعم سعيد

قبل عام من الآن، كتبت سلسلة من المقالات تحت عنوان «أكتوبريات»، فى أيام 17 و24 و31 أكتوبر، تناولت ذكرياتى عن حرب أكتوبر ١٩٧٣، وتعليقاتى على أمور ترتبط بها فى الماضى والحاضر. كان ولا يزال جيلنا يرتبط بالمناسبة لأنها ليست فقط جزءًا من التاريخ، وإنما لأنها كانت ولا تزال جزءًا من الحياة. هذا العام اكتفيت بالتعليق عبر منصات إعلامية ربما فى انتظار العام القادم حينما يمر نصف قرن على المناسبة العظيمة. ولكن أحداث الأزمة/ الحرب الأوكرانية شدتنى إلى الكثير من المقارنات التى تنقسم إلى قسم للمشابهات، وآخر للاختلاف.

بالطبع يمكن وضع الحرب الراهنة كلها فى القسم الثانى باعتبارها تجرى فى زمن غير الزمن وعصر غير العصر؛ ولكن المتابعة ربما تقود إلى إلقاء أضواء على ما جرى، وما يجرى. حرب أكتوبر ١٩٧٣ كانت مفاجأة وفق كل المقاييس وقتها، ليس فقط لأنها فاجأت إسرائيل وإنما فاجأت الولايات المتحدة ودول العالم والدول العربية، بل الشعب المصرى. فى مصر لم تكن المفاجأة لشك فى أن مصر سوف تسترد أراضيها يومًا، وبقدرات قواتها المسلحة بالتأكيد، وإنما لأن مؤشرات الحرب كانت مختلفة تمامًا عما كان عليه الحال فى عام ١٩٦٧. الحالة الأوكرانية كانت ملتبسة، فرغم الحشود الروسية على الحدود الأوكرانية قبل الحرب، فإن الولايات المتحدة أعلنت بشكل فيه الكثير من اليقين أن الحرب قادمة، بل طرحت على العالم الخطة الروسية للغزو. ولكن العالم لم يصدق، فكانت المفاجأة أن المفاجأة حدثت رغم عشرات الدفوع التى أكدت أن الاعتماد المتبادل بين المعسكرين الغربى والشرقى فى العالم يجعل هذه الحرب نوعًا من الجنون لأن جميع أطرافها خاسرون. ومع ذلك حدثت الحرب.

وسواء فى الحرب المصرية أو الحرب الأوكرانية، فإن كلتيهما عكست حالة من الصمود والاستعداد للمواجهة العسكرية لاسترداد أرض محتلة. كانت الحرب المصرية والعربية فى عمومها بكامل قناة السويس فى مصر والجولان فى سوريا قد فجرت المعارك ضارية على كافة الجبهة الجغرافية. فى الحالة الأوكرانية كان لابد من مواجهة ثلاثة اتجاهات للهجوم الروسى، فكانت البداية فى معركة «كييف»، وتلتها معركتا الشرق والجنوب حيث إقليم «الدونباس» ومقاطعة «خيرسون». فى مصر جرَت المعركة عبر حلقات زمنية، فقد بدأت فور انتهاء عمليات يونيو ١٩٦٧ عندما جرَت معركة «رأس العش»، قبل نهاية شهر يونيو، لكى لا يكتمل الاحتلال الإسرائيلى لسيناء. وفى سبتمبر ١٩٦٧، ولأول مرة فى التاريخ العسكرى البحرى، تم إغراق المدمرة «إيلات» عن طريق صاروخ بحر- بحر انطلق من قارب مصرى للصواريخ. فى أوكرانيا جرى الأمر بشكل مختلف عندما جرى تدمير الطراد الروسى «موسكوفا» فى البحر الأسود معلنة إياه ساحة للقتال.

فى العموم كان القتال فى الحربين مفاجأة، وكان أهم مظاهرها هو استخدام أسلحة دفاعية فى أصولها بطريقة هجومية. وفى الواقع فإن ما جرى التدريب عليه واستخدامه فى حرب أكتوبر ١٩٧٣ من أسلحة مضادة للدبابات وصواريخ أرض جو أصبح عبر ما يقرب من نصف القرن أسلحة هجومية فعالة شكلت الفارق الزمنى بين الحربين، وأعطت لأوكرانيا قدرات فائقة لتدمير المدرعات من خلال صواريخ «جافلين»، ومواقع القيادة والذخائر والمدفعية من خلال المدفعية الصاروخية «هيمارس»، وكلها كانت حاسمة مع الهجوم المضاد الأوكرانى. الحربان كانت فيهما «لحظة نووية»، وجرَت هذه فى الأولى عندما طلب الرئيس السادات تدخل الاتحاد السوفيتى والولايات المتحدة لتثبيت وقف إطلاق النار، واستجابت موسكو للطلب، ورفضت واشنطن، ولكن الأولى وضعت قوات لها فى وضع الاستعداد، وأرسلت سفنًا فى اتجاه بورسعيد تحمل أسلحة إما كانت نووية أو فيها مواد مشعة تكفى لكى تقرأها أدوات التجسس عند المرور من مضيقى البوسفور والدردنيل فى تركيا. ساعتها، قررت الولايات المتحدة رفع درجة استعدادها النووى إلى أعلى درجة لها منذ أزمة الصواريخ الكوبى DEFCON 3. فى الحرب الحالية فإن التهديدات النووية الروسية جاءت فى البداية غامضة، مشيرة إلى أن روسيا مستعدة للسير إلى نهاية المدى لكى تحقق النصر، ولكن سرعان- خاصة بعد أن بدأت القوات الروسية فى التراجع شمالًا وجنوبًا، وبعد التفجير فى جسر «كيرتش»- ما أصبحت التهديدات الروسية أكثر صراحة، حيث طالب «قديروف» القائد العسكرى الشيشانى القيادة الروسية باستخدام الأسلحة النووية التكتيكية. من بعدها توالت التصريحات المشيرة إلى ذلك والرد الأمريكى عليها بأنها نقلت إلى الجانب الروسى ما سوف يحدث عندما تستخدم هذه الصواريخ. فى القصة الأولى انتهى الأمر إلى المفاوضات؛ وفى الثانية لا يزال الجمع منتظرًا إما التفاوض أو الحرب العالمية الثالثة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أكتوبريات أوكرانيا أكتوبريات أوكرانيا



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله
  مصر اليوم - إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:32 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

بسمة بوسيل تشوّق جمهورها لأغنيتها الجديدة "لأ ثواني"
  مصر اليوم - بسمة بوسيل تشوّق جمهورها لأغنيتها الجديدة لأ ثواني

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 01:15 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل ألعاب يمكن تحميلها الآن على هاتف الآيفون مجانا

GMT 06:21 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

نوبة قلبية تقتل "الحصان وصاحبته" في آن واحد

GMT 22:33 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد ممدوح يوجه الشكر للجامعة الألمانية عبر "انستغرام"

GMT 16:44 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمن المركزي يحبط هجومًا انتحاريًا على كمين في "العريش"

GMT 03:36 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"طرق التجارة في الجزيرة العربية" يضيف 16 قطعة من الإمارات

GMT 01:03 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل العيش السوري او فاهيتاس بسهولة فى البيت

GMT 08:12 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

ليدي غاغا تُظهر أناقتها خلال العرض الأول لفيلمها

GMT 16:10 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

جماهير روما تهاجم إدارة النادي بعد ضربة ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon