بقلم - عبد المنعم سعيد
دلفت إلى معرض الكتاب هذه المرة من بوابة ملاصقة لمسجد المشير حسين طنطاوى رحمه الله ـ فى المجمع الثقافى فى شرق القاهرة على إطلالة مع طرق جديدة والمونوريل. كان نصيبى من المعرض هو المشاركة فى ندوة المركز المصرى للفكر والدراسات الإستراتيجية «توقعات ٢٠٢٤» الذى بات من تقاليد المركز منذ صدرت أول توقعاته فى عام ٢٠١٩. خمس سنوات من التوقعات المستقرة تشهد على درجة كبيرة من الرصانة العلمية التى جعلت «التوقعات» مرجعا علميا لاستشراف ما هو مقدر لعام قادم. فى مثل هذه المحاولة فإنه لا يوجد ادعاء بالتنبؤ أو النبوءة بما ليس هو متوقعا، أى ذلك الذى ليس له بدايات وجذور فى الواقع يمكن دراستها والاستدلال منها على ما هو قادم. «التوقع» هو عملية علمية تقوم على تحديد حركة الأحداث التى نمت خلال الأعوام السابقة، ثم بعد ذلك مدها على استقامتها Projection لكى تتصاعد أو تتراجع وفق حسابات تعتمد على مدى سرعة التغيير وعمقه.
مثل هذا يعطينا توجها، ولكنه لا يأمن من المفاجأة التى تأتي؛ فقد كان معلوما أن حدوث أربع حروب فى غزة تكفى وقد استمر الاحتلال والحصار أن تحدث حرب خامسة، ولكن أن تكون بدايتها فى ٧ أكتوبر الماضى والتعقيد الذى أتى بالعلاقات الإيرانية الأمريكية فقد كان ذلك قصة أخرى. القضية تسير هكذا فيما يتعلق بالعالم والإقليم ومصر. الندوة على أى حال مسجلة وسوف تظهر على موقع المركز، ولكن قراءة الكتاب والكتب السابقة عليه ربما تفيد فى استقراء الأحداث المعقدة لكثير من أمور حياتنا التى تقطع بالتشابك بين مستويات التحليل المختلفة. وجود الجمهور فى عموم المعرض كان مفاجأة، ومن حضروا إلى الندوة كان لديهم الشغف حول عما إذا كانت «تكساس» سوف تنفصل عن الولايات المتحدة، وعن الدور الذى سوف يلعبه «الهيدروجين» الأخضر فى حزمة الطاقة المصرية؛ ولكن حديث الأزمة الاقتصادية يظل ذلك «الفيل» الذى يوجد فى مثل هذه الندوات!