بقلم - عبد المنعم سعيد
أكثر المشاهد استحواذا على اهتمام الجماهير والنظارة هو السباق فى الشرق الأوسط بين التصعيد للعمليات العسكرية فى المنطقة، ومحاولات التبريد بدءا من حرب غزة الخامسة وليس انتهاء بتأكيد أنه لا توجد نية للحرب بين الولايات المتحدة وإيران. السباق على هذا النحو كلاسيكى، ويكاد يكون موجودا فى كل الحروب، ولكن الثابت هو وجود وقود فى كلا الاتجاهين يغذى الصراع به بحيث ينتقل التصعيد من خطوة إلى أخرى أعلى منها. وفى العادة يوجد وقود محلى كما هو الحال فى الولايات المتحدة من الذين يرفضون الضغط على إسرائيل لقبول وقف إطلاق النار الفورى، والمطالبين أكثر من ذلك بالقفز فورا لضرب المصالح الحيوية لإيران داخلها وليس خارجها. هذه الجهود كانت كافية للتصعيد إزاء القوى المتحالفة مع طهران فى معسكر «الممانعة والمقاومة» من ضرب مواقع الصواريخ قبل إطلاقها فى اتجاه سفن البحر الأحمر أو قواعد الولايات المتحدة، إلى قواعد الإطلاق وقيادات السيطرة والتحكم و المخزون من السلاح والذخيرة. فى الداخل الإسرائيلى يوجد اتجاه مماثل لحشد القدرات لدفع حزب الله إلى ما وراء نهر الليطانى ونقل القوة الرئيسية لغزو غزة إلى رفح.
«التبريد» يجرى فى اتجاه وقف الحرب والذى بدأ مبكرا نسبيا بالهدنة الأولى التى جرى فيها وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى والرهائن، ولكن التصعيد كان بمنع تكرار «الهدن». ولكن ذلك لم يبعث اليأس لدى مصر وقطر والولايات المتحدة فاستمروا فى السعى من أجل هدنة جديدة تطول هذه المرة إلى أسابيع، ومعها إطلاق أعداد أكبر من المحتجزين كرهينة بين إسرائيل و حماس. وربما وقت نشر هذا العمود سوف يكون ممكنا معرفة المدى الذى وصلت إليه محاولات التبريد خاصة أن لديها طموح كسب الجميع للمشاركة فى عملية سلمية تصل إلى حل الدولتين الذى تعود جذوره إلى قرار التقسيم عام 1947 الصادر عن الأمم المتحدة. مهما تكن نتيجة السباق فإن التاريخ سوف يسجل أن التكلفة كانت مفزعة.