بقلم - عبد المنعم سعيد
المؤكد أن تاريخ «القضية الفلسطينية» لم يبدأ فى السابع من أكتوبر ٢٠٢٣، وإنما كان وراءه زمن طويل من المعاناة وعدم الاستقرار الإقليمى التى سبقت ولحقت عام ١٩٤٨ عندما قامت دولة إسرائيل وجرت النكبة الفلسطينية الأولى. ما حدث هو أننا نشاهد حلقة جديدة من العنف يأتى فى وقت ذهبت فيه دول فى الشرق الأوسط تسير فى اتجاه البناء والتنمية والإصلاح والسلام الذى يعالج آلام القضية «الأزلية» و»المركزية». وفى الحقيقة فإن قرار الهجوم على غلاف غزة لم يكن من أجل تحرير فلسطين، وإنما كان من أجل إحباط اتجاه الإصلاح والسلام فى المنطقة الذى بات يهدد إيران وتوابعها بتغيير فى موازين القوى فى غير صالح التطرف والعنف وعدم الاستقرار. ورغم أن الرئيس بايـــدن وهو يقــدم العــون لإســــرائيل نصح بألا تحذو الدولة العبرية حذو ما فعلته الولايات المتحدة بعد هجمات ١١ سبتمبر ٢٠٠١ عندما قامت بغزو أفغانستان والعراق؛ وبعد عشرين عاما من الحرب خرجت كما جاءت متحملة نزيفا من الدماء، وتريليونات من الدولارات نفقات حرب حمقاء. ما حدث أن إسرائيل لم تستمع، وقامت بنفس التجربة الحمقاء القائمة على الغضب والبربرية للقتل الجماعى للشعب الفلسطيني.
الآن تقترب المنطقة من عام جديد لم تعد فيه حرب غزة الخامسة قاصرة على القطاع، أو تسخن فيها مناطق الضفة الغربية والحدود الإسرائيلية مع لبنان وحزب الله، وإنما تمتد إلى البحر الأحمر بهجمات الحوثيين على إسرائيل، والملاحة فى طريقها إلى قناة السويس. هذا التطور ينذر بحرب دولية فهو تهديد لمسار التجارة العالمية، وهو اعتداء مباشر على مصالح مصرية حيوية. حتى الآن فإن القوى العالمية الكبرى اتخذت مسارا دفاعيا بضرب الطائرات المسيرة، ولكن كثافة الاستخدام مع الصواريخ الباليستية لا يترك اختيارا إلا بضربات كثيفة لمصادر كل منهما داخل اليمن. هل ستكون هذه هى اللحظة التى تطلق فيها إيران أسلحتها ويصبح لدينا حرب إقليمية واسعة؟.