بقلم - عبد المنعم سعيد
بين نهر الأردن والبحر المتوسط يعيش ١٥ مليونا نصفهم من الفلسطينيين ونصفهم الآخر من اليهود. التاريخ قام على تقسيم الأرض بين النهر والبحر وتبعا لوثائق أهمها قرار التقسيم الصادر عن الأمم المتحدة عام ١٩٤٧. جرت مياه ودماء كثيرة تحت الجسور وفوقها، داخل فلسطين وخارجها. وبعد ٧٦ عاما من قرار التقسيم، و٥٥ عاما من احتلال إسرائيل كامل التراب الفلسطيني، تشكلت وحدة سياسية واقتصادية وأمنية واحدة. ولكن هذه الوحدة تقوم سياديا على أساس السيطرة الإسرائيلية التى يوجد فيها ثلاثة أنواع من الفلسطينيين: أولهم سلالة الفلسطينيين الباقية فى إسرائيل وهم أكثر من مليونين، ورغم أن لديهم جواز سفر إسرائيليا ولديهم حقوق سياسية فى التصويت والترشيح فى البرلمان فإن هناك تمييزا عنصريا ضدهم فى كل أمر آخر. هم حوالى ٢١٪ من سكان إسرائيل البالغ عددهم قرابة ١٠ ملايين نسمة، ٧٣٪ من اليهود والمتبقى من أقليات أخرى (دروز ومسيحيون). وثانيهم الفلسطينيون البالغ عددهم ٤.٥ مليون نسمة يتركزون فى الضفة الغربية وقطاع غزة وهؤلاء توصيفهم القانونى هو أنهم شعب تحت الاحتلال الإسرائيلي؛ ورغم حصولهم على نوع من الحكم الذاتى فإنهم باتوا منقسمين بين وحدتين سياسيتين: الضفة الغربية وتحكمها السلطة الوطنية الفلسطينية، وغزة ويحكمها تنظيم حماس الذى هو فرع تنظيم الإخوان المسلمين فى فلسطين. وثالثهم الفلسطينيون الذين أجبروا على اللجوء إلى دول أخرى.
الديمغرافيا دائما ظاهرة ديناميكية قوامها الأساسى هو التوالد والزيادة السكانية وكان ذلك حال الفلسطينيين، ولكنها فى الحالة الإسرائيلية قامت على الهجرة التى قسمت الإسرائيليين إلى الأشكناز (الغربيين) والسفارديم (الشرقيين) ولكن فئة من هؤلاء الأخيرين (الحريديم) الذين يؤمنون بالتطبيق الحرفى للتوراة توالدوا بكثرة حتى باتوا قادرين على دخول الحكومة الإسرائيلية ودفعها إلى المزيد من الاستيطان فى الضفة الغربية، وإلى تغيير التوازن السكانى المتعادل تقريبا لمصلحة إسرائيل بدفع الفلسطينيين فى الضفة إلى الأردن وفى غزة إلى مصر. ذلك هو البعد الديمغرافى لحرب غزة.