توقيت القاهرة المحلي 20:08:02 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الرصاصة الأولى

  مصر اليوم -

الرصاصة الأولى

بقلم - عبد المنعم سعيد

عنوان هذا المقال مستعار من مقال الأستاذ غسان شربل «الرصاصة الأخيرة»، فى صحيفة «الشرق الأوسط» الغراء، والذى سجل فيه مشاعره مع نهاية عام وبداية آخر بكثير من الحساسية والمشاعر المرهفة، التى تأخذه إلى «المكتبة» الواقعة فى عصر آخر جاء ما بعد عصور «القرطاس والقلم». الكلام يبدو فلسفيًّا، ولكنه ينزل بسرعة، ولو بضغط عدد الكلمات المرصودة، ليكون حسرة عندما يصل إلى لبنان وحالها الصعب بلا رئيس ولا وزارة، وبقدر هائل من حيرة مَن لا يعلم أين يذهب؛ ولكنه ينتفض بالأمل حين يصل إلى الهند عندما يرصد فيها قفزة ونهضة اللحاق بالمتقدمين فى العالم المعاصر.

المعادلة تبدو فى طريقها إلى الاختيار، الذى يُفضى إلى «النكبة» أو إلى الدخول إلى سباق عالمى قوامه أنه مفتوح دائمًا لإضافات جديدة فى العدْو أو بالأحرى الإنتاج والإضافة بما تيسر وزاد. الهند مضت عليها ثلاثة عقود تقريبًا، وهى بالفعل تناضل من أجل دخول السباق العالمى عندما بدأت تدرك فى عام ١٩٩٢ أن السبيل الذى أخذها إليه جواهر لال نهرو وعائلة غاندى كلها لم يكن هو الطريق الذى يأخذها إلى منافسة جادة مع الصين القريبة، وحزمة نمور جنوب شرق آسيا، فضلًا عن العالم الواسع. هو زمن ربما كان ضروريًّا فى فترة التخلص من الاستعمار فى العالم، وأن تظل تمسك بتلابيبه، وتتخيل أن النضال ممتد والكفاح دوار؛ ولكن لذلك مدى لا ينبغى أن يطول لأن القضية لم تعد كيف تحصل على الاستقلال، وإنما ما الذى سوف تفعله مستقلًّا.

هنا، فإن حديث «الرصاصة الأولى» يصبح مقدمًا على «الرصاصة الأخيرة» عندما يسود إدراك أن القضية ليست واقعة فى عالم لا يروق لنا، وإنما ما الذى نفعله داخلنا لكى يعترف بنا الكون. عندما كتبت مقالًا الأسبوع الماضى داعيًا إلى أن تكون «الجمهورية الجديدة» فى مصر هى أن تكون مصر بلدًا عاديًّا يعيش وفق القواعد التى يسير عليها العالم المتقدم، الذى يتقدم حين تدرك الدولة أن مصادر الثروة توجد فى داخلها، وأن التقدم يأتى بسواعد أهلها. ولعلنا فى ذلك محظوظون، حيث إنه من المعلوم أن بريطانيا العظمى ضاعفت ناتجها القومى الإجمالى خلال قرن تقريبًا، أما أمريكا فقد كان نصف قرن، وفيتنام فعلت ذلك فى أقل من خمس سنوات. التكنولوجيا فى ذلك تقوم بدور كبير، وتراكمها بدأ فى أوروبا مع ثورة العقل، وبعدها ثورات الصناعة، التى بدأت بالأولى ولن تنتهى بالرابعة. ولكن هذا وذاك ليس كل المسألة إذا لم يكن هناك إدراك للتغيير وحسن استخدامه وتشغيله لصالح النهوض.

الأزمات واجهتها مصر بنجاح بطولى منذ انتهاء عهد الثورات حتى الآن من الإرهاب إلى الكورونا إلى الحرب الروسية الأوكرانية، والآن مع حرب غزة الخامسة؛ وذلك لم يكن إلا نتيجة عمل ستة ملايين شاب قادوا مسيرة التعمير والبنية الأساسية ومضاعفة المعمور المصرى. استكمال ذلك لن يقل بطولة، فهناك مَن يريد الراحة، ونحن فى أول الطريق، ومَن يريد تغيير الأولويات، دون معرفة الأولويات الجديدة، ومَن يظن أن التقدم لا فائدة فيه لأن هناك قوى فى الغيب لن تجعلنا نصل إلى نهاية السباق. والحقيقة هى أنه لا توجد للسباق نهاية، وكان ذلك ما أدركه «مودى» فى الهند عندما عرف أن الصين استمرت فى العمل وإتاحة السوق حتى جاءتها كبرى الشركات العالمية تطلب الاستثمار والإنتاج؛ فكان لابد من أن يستخدم قلة التكلفة الهندية لكى يدخل السباق، وخلال عقد تقريبًا بات السؤال فى العالم: متى تلحق الهند بأمريكا؟، بعد أن كان التساؤل: متى تفعل ذلك الصين؟. فك عقدة الهند من الغرب والاستعمار كان بمثابة الانتقال إلى عصر جديد، وكذلك الحال مع فك عقدة الصين، وبات السؤال: ماذا سوف تفعل الهند سوى مضاعفة إنتاجيتها وسرعتها؟، وربما تكون الهند بلدًا قاريًّا، والآن بات لديه من السكان ما يفوق الصين، ولكن هذه الأخيرة عرفت كيف تستفيد من ديموغرافيتها وجغرافيتها. أصبح ذلك من المعتاد الحميد، وسوف نجده فى تجارب أخرى من كوريا الجنوبية إلى فيتنام؛ وفى جوارنا توجد تجارب دول سادتها المحافظة والتعصب، ولم يكن أحد يعتقد أن التغيير ممكن، فإذا بها تناطح قوى فى السباق الإقليمى وتنحو إلى مكانة أكبر فى العالم. مصر ليست بعيدة عن ذلك، ولديها ما تضيفه إلى بناء سابق بتشغيل أكثر كثافة، ولديها ما تتوسع فيه إلى مستويات أعلى وأرقى، وفى إمكانها أن تعبئ عقولًا وقلوبًا وسواعد فى مجالات جديدة لا يوجد أحد آخر لديه مثيل لها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرصاصة الأولى الرصاصة الأولى



GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

GMT 22:47 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حرب القرن

هيفاء وهبي بإطلالات متنوعة ومبدعة تخطف الأنظار

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:01 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

ختام فعاليات أسبوع الموضة في الرياض 2024
  مصر اليوم - ختام فعاليات أسبوع الموضة في الرياض 2024

GMT 09:36 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

البرتغال وجهة سياحية جاذبة لعشاق الطبيعة على مدار العام
  مصر اليوم - البرتغال وجهة سياحية جاذبة لعشاق الطبيعة على مدار العام

GMT 09:49 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

طرق العناية بالأجهزة الإلكترونية في المنزل
  مصر اليوم - طرق العناية بالأجهزة الإلكترونية في المنزل

GMT 19:11 2024 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

أحمد السقا يكشف عن مواهب أولاده
  مصر اليوم - أحمد السقا يكشف عن مواهب أولاده

GMT 07:26 2024 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

بوريل يدعو لإجراء تحقيق شامل حول انتهاكات إنسانية في غزة
  مصر اليوم - بوريل يدعو لإجراء تحقيق شامل حول انتهاكات إنسانية في غزة

GMT 01:41 2024 السبت ,19 تشرين الأول / أكتوبر

دار الأوبرا في سيدني تتألق ترحيبا بالملك تشارلز

GMT 13:10 2024 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

نقوش تكشف أسرارا جديدة عن المصريين القدماء في معبد إسنا

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 02:25 2018 الأربعاء ,04 إبريل / نيسان

اتحاد كتاب مصر ينعي الروائي أحمد خالد توفيق

GMT 07:04 2018 الثلاثاء ,27 شباط / فبراير

أشرف عبد الباقي يستعد لافتتاح "مسرح مصر للأطفال"

GMT 03:24 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

ريتا حرب تتألّق في جلسة تصوير حديثة

GMT 12:17 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

الزمالك يطالب الجبلاية بنقل مباراة المصري لملعب القاهرة

GMT 05:02 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

طفل ثالث لكيم كارداشيان من أم بديلة

GMT 03:44 2017 الإثنين ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف على أسعار الذهب في الأسواق المصرية الإثنين

GMT 18:47 2013 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

كولينز أنيقة ومثيرة في بلوزة شفافة وملابس جلدية

GMT 21:06 2015 الأربعاء ,16 أيلول / سبتمبر

النجم المصري محمد صلاح يقود هجوم روما أمام برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon