توقيت القاهرة المحلي 00:11:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المنظمة والشعب والقضية!

  مصر اليوم -

المنظمة والشعب والقضية

بقلم - عبد المنعم سعيد

التواجد خارج مصر، خاصة أثناء أزمة خطيرة مثل تلك التى نعايشها الآن فى غزة والمنطقة بأسرها، يمثل نقمة الغياب عن المكان والغربة عنه وما يجرى فيه من تفاعلات حماسية وعقلانية؛ أما النعمة فإنها تأتى من التأمل والنظر فيما يحدث ويُقال بنوع من الموضوعية والقدرة على التمييز ما بين الذائع والمسكوت عنه.

لا توجد مفاجأة فى رد الفعل الشعبى والرسمى لما حدث وما فيه من تأييد للشعب الفلسطينى، والتحية لقضيته العادلة؛ وبعض النشوة لأن المياه الراكدة حول «القضية» قد تحركت. توقيت الكتابة يأتى، بينما إسرائيل على وشك الهجوم البرى على غزة، وإعلانها عن رغبتها فى إخلاء شمال غزة، ومغادرة الفلسطينيين إلى الجنوب وسط دعوات غربية لا تخلو من وعيد فى الإعلام الأمريكى والأوروبى بأن تقوم مصر باستيعابهم.

ووسط خطاب ما جرى ويجرى على منصات مختلفة، وجدت خلطًا كبيرًا بين ثلاثة أمور لا ينبغى الخلط بينها فى لحظات قرارات خطيرة لا ينبغى فيها أن تزيغ المعانى أو تخلو من الدقة، فمَن بدأ الجولة الحالية من الصراع الفلسطينى الإسرائيلى عمليًّا هو تنظيم حماس، فلا السلطة الوطنية الفلسطينية، الممثل الشرعى والوحيد للشعب الفلسطينى، كان لها يد فى القرار ولا تطبيقه، ولم يكن فى يدها إلا الإقرار بحق الشعب الفلسطينى فى المقاومة.

ولا كان هناك تمثيل مؤثر من فصائل المقاومة فى الضفة الغربية فى العملية العسكرية؛ ورغم الآمال التى عرضها القائد العسكرى محمد ضيف (أبوخالد) فى فتح جبهة شرقية من الضفة، وأخرى من الشمال تشمل سوريا المجروحة بضربات إسرائيلية عنيفة، وحزب الله الذى أكد أنه سوف يظل داخل المعركة وليس خارجها، فأى من هذا لم يتيسر بعد أسبوع من المواجهة والحاجة إلى اتخاذ قرارات مصيرية منها فى لحظة «نكبة» ثانية يُفرض فيها على الشعب الفلسطينى أن يترك أراضيه التاريخية.

«الشعب الفلسطينى» جزء مهم من المعادلة الاستراتيجية الحالية؛ وهو حاليًا المُعبر عن التجمعات الفلسطينية التى تعيش فى الضفة الغربية وقطاع غزة وداخل إسرائيل، ثم «الدياسبورا» الفلسطينية فى العالم أجمع. والقضية التى يعيشها الآن ممثلة فى الاحتلال الإسرائيلى لأراضيه الواقعة فى أرض فلسطين التاريخية؛ وما جرى الاتفاق عليه فى اتفاق أوسلو بحل الدولتين، الذى لم توافق عليه «حماس» ولا طبقته إسرائيل.

أكثر من ذلك أن إسرائيل وُلدت فى داخلها وفى مجلس وزرائها «حماس» الإسرائيلية، التى تتقاسم مع حماس الفلسطينية رؤية دينية للصراع تبدأ من نصوص «توراتية» ولا تنتهى مع «المحرقة»، التى عاشها الإسرائيليون فى فترات تاريخية مختلفة؛ بينما هذه الأخيرة تعيش فى «صحوة» تسهم فى عودة «الخلافة» الإسلامية. القسمة على هذا الشكل خلقت لدى الشعب الفلسطينى بُعدًا كبيرًا عن رغباته الأولى فى قيام دولة وطنية فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وهى التى على أساسها أصبحت منظمة التحرير الفلسطينية عضوًا مراقبًا فى الأمم المتحدة.

مصر وسط هذه الساحة المعقدة لا يمكنها إلا أن تنظر فى تاريخها الخاص وعلاقتها مع الشعب الفلسطينى الذى امتزجت دماؤه مع الدماء المصرية؛ ولكنها فى نفس الوقت لا يمكنها أن تخلط ما بين الشعب وتنظيم حماس، الذى اتخذ قرار حرب يكون يومها الأول مثيرًا، ولكن ما بعد ذلك يبدو غامضًا، وما فيه من وضوح هو تكرار النكبة مرة أخرى التى صرح بها أعضاء فى الحكومة الإسرائيلية.

قبل عامين، كان الموقف مشابهًا، بدأت الحرب بصواريخ فلسطينية، ومرت بلعنة «المجتمع الدولى والمعايير المزدوجة»، ووصلت إلى تدمير غزة، وانتهت إلى أن مصر عرضت إعادة إعمار غزة، وحشدت لذلك كل ما يمكنها من موارد. الذى حدث فى هذه التجربة، وما سبقها من تجارب صعبة فى العلاقات مع حماس، يستلزم حشدًا عربيًّا لبعث الحياة فى منظمة التحرير الفلسطينية، والسلطة الوطنية الفلسطينية المعبرة عنها.

القضية الفلسطينية هى قضية عادلة لشعب عربى شقيق تحت الاحتلال، وبين الشعبين المصرى والفلسطينى جوار وتاريخ ونسب لا ينقطع، ولكن معذرة بعد ذلك، فإنه لا يمكن استمرار حالة الانقسام الفلسطينى، الذى هو عمليًّا ينتج منظمة كانت راعيتها فى مصر تريد أن تأخذ المحروسة إلى القرون الوسطى. ما يحتاجه الفلسطينيون دولة وطنية موحدة، السلطة السياسية فيها تحتكر وحدها حق الاستخدام الشرعى للسلاح؛ ويكون ولاؤها للشعب الفلسطينى وحده وليس لشبكات من المنظمات والدول، التى تريد تغيير المنطقة لكى تكون تحت هيمنة أحزاب وتنظيمات تأخذ أسماء الحشد الشعبى، والله جل جلاله، وقوى أخرى متفرقة تقسم وتفرق فى الأرض والسياسة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المنظمة والشعب والقضية المنظمة والشعب والقضية



GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

GMT 22:47 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حرب القرن

هيفاء وهبي بإطلالات متنوعة ومبدعة تخطف الأنظار

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 23:33 2024 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

نتنياهو ينتقد ماكرون لدعوته حظر توريد الأسلحة لإسرائيل
  مصر اليوم - نتنياهو ينتقد ماكرون لدعوته حظر توريد الأسلحة لإسرائيل
  مصر اليوم - محمود حميدة يتسلم جائزة الإنجاز الإبداعي في مهرجان الجونة

GMT 07:26 2024 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

بوريل يدعو لإجراء تحقيق شامل حول انتهاكات إنسانية في غزة
  مصر اليوم - بوريل يدعو لإجراء تحقيق شامل حول انتهاكات إنسانية في غزة

GMT 03:26 2024 الأحد ,20 تشرين الأول / أكتوبر

عقار من سم العنكبوت لعلاج تلف النوبة القلبية

GMT 12:51 2021 الجمعة ,12 آذار/ مارس

كيكة الشوكولاتة

GMT 21:39 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على الفرق الـ "الأربعة" المتأهلة إلى كأس العالم للأندية

GMT 11:36 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

شوبير يكشف الاستاد الأقرب لاستضافة نهائي كأس مصر

GMT 10:23 2020 الأربعاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

أسوان يسافر إلى الإسماعيلية استعدادًا لمواجهة الدراويش

GMT 13:14 2020 الأحد ,04 تشرين الأول / أكتوبر

بورصة دبي تتراجع بنسبة 0.93% بجلسة الأحد

GMT 17:39 2020 السبت ,03 تشرين الأول / أكتوبر

بلجيكا تسجل 14 وفاة و 3157 إصابة جديدة بفيروس كورونا

GMT 19:04 2020 السبت ,03 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسمنت في مصر اليوم السبت ٣ تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 01:04 2020 الثلاثاء ,29 أيلول / سبتمبر

170 جنيها ثمن لقاح تطعيم الإنفلونزا الموسمية

GMT 10:45 2020 السبت ,08 آب / أغسطس

تعرف على العمر الحقيقي ليسرا اللوزي

GMT 06:06 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

اكتشاف سلالة جديدة من إنفلونزا الخنازيرفي الصين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon