توقيت القاهرة المحلي 17:49:06 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الأيام الصعبة

  مصر اليوم -

الأيام الصعبة

بقلم - عبد المنعم سعيد

لا يمر حديث عام فى مصر الآن، سواء كان يجرى داخل المؤسسات الرسمية المصرية أو خارجها، دون ذكر الظروف الصعبة التى رتبتها أزمة الحرب الروسية الأوكرانية على العالم وعلى مصر.

والحقيقة أنه لن يختلف أحد على أن الأزمة تشكل علامة فارقة فيما سببته من أيام صعبة، ولعل ما يجعل الأيام فيها أكثر صعوبة أن لا أحد يعلم متى سوف تنتهى الحرب الملعونة، ولكن الحقيقة الأخرى هى أن الزمان لا يتوقف، والمشروع الوطنى المصرى لا ينبغى له أن يتراجع أو يصل إلى خيبة الأمل.

بل إن على القائمين عليه أن يتسلحوا بالعزيمة الكافية لكى يتجاوزوا هذه الأحوال الثقيلة؛ فرغم ما نشاهده الآن من بدايات الهجوم الأوكرانى المضاد الذى يبدأ موجة أخرى من التصعيد، ومعها سوف تتزايد تعبيرات الشك وعدم اليقين فى الذيوع العام؛ فإن ما هو معلوم أن الأزمة الراهنة ليست استثنائية فى التاريخ البشرى.

وأن التأثيرات الاستراتيجية تعيد إلى الذاكرة العالمية ليس فقط فترة «القطبية الثنائية» التى عاشها العالم فى زمن الحرب الباردة، وإنما تستدعى أيضا فى نفس الوقت ذكريات الحربين العالميتين الأولى والثانية، وفترات الحروب الكورية والفيتنامية والأفغانية والعراقية الإيرانية، إلى غيرها من الأزمات الطاحنة. العالم لم يسلم أبدًا من أزمات اقتصادية واستراتيجية طاحنة، وفيها كلها لم تسلم مصر من لفحات حرارتها.

التأثيرات على مصر لا شك عميقة، وربما لا تحتاج مصر لأن تكون رؤوسها باردة وأنفاسها عميقة وقدرتها على الحساب والتدبير بأحكم ما تستطيع كما هى الآن وهى تواجه حزمة مركبة من التحديات الحرجة.

وليس معنى ذلك أن حالة بمثل هذا الحرج لم تواجهها مصر من قبل، وهناك بين المصريين من ينتمون إلى جيل مرت عليه أزمات وكوارث بدت الدنيا وقتها حالكة الظلام.

وعاش جيل فى أزمات الصراع العربى الإسرائيلى، وحتى فى الجيل الحالى، فقد شاهد اللحظات الكارثية التى هلت على مصر فى مطلع العقد الماضى عندما حكم الإخوان المسلمون، وبعد أن مضى حالهم تركوا الدولة خاوية على عروشها.

وخلال عقد واحد، واجهت مصر أزمات الإرهاب وكورونا وعامًا كاملًا وأكثر من أزمة لا ناقة لنا فيها ولا جمل، أثرت على الغذاء والطاقة وضاعفت من كوارث سلاسل التوريد.

الخلاصة هى أن مصر خاضت امتحانات من قبل فى صلابتها، واختبرت فى اختياراتها؛ وهذه المرة فإن مصر وهى تواجه امتحانًا آخر فإنها أكثر استعدادًا من أى وقت مضى.

ورغم نوبة التضخم وارتفاع الأسعار العاتية، فإنها لا تواجه أزمة لا فى الغذاء ولا فى الطاقة ولا فى الدواء ولا فى الإسكان ولا فى الاتصالات ولا فى العمل. وهى تصل إلى هذه الأزمة وناسها أكثر انتشارا فى جغرافيتها من أى وقت مضى، وأكثر غنى بالأصول الحقيقية أكثر من أى وقت فى التاريخ المعاصر.

ما نحتاجه ربما نظرة أكثر عمقًا إلى بلدنا ونظرة أكثر عمقًا إلى بلاد أخرى مثلنا عاشت الأزمات الأخرى والآن هى تواجه الأزمة الراهنة أكثر استعدادًا بأسلحة اقتصاد السوق، والقدرة على تعبئة الموارد المادية والبشرية.

ولعل ذكريات حفر قناة السويس الجديدة خلال فترة قياسية تشهد على أن مصر لم تكن وقتها فى أسعد حالاتها بعد أن خرجت من أتون «الربيع العربى» المزعوم، وواقعة تحت ضغط الإرهاب والبنية الأساسية الضعيفة.

ومع ذلك فقد بحثت فى جيوبها عن المال، وشمّرت عن سواعدها للعمل، ووقتها جاء المدد التكنولوجى لكى يعمق القناة ويقيم أخرى، وتفوز قناة السويس فى منافسة مشروعات عدة لنقل التجارة الدولية بين الشرق والغرب تقيمها إسرائيل أو روسيا.

ولمن لا يعلم فإن هناك مشروعات جديدة للمنافسة تقيمها العراق وتركيا، وإيران وروسيا، توازى قناة السويس من خلال خطوط سكك حديدية تنقل من المحيط الهندى وبحر العرب إلى الحدود الأوروبية فى روسيا وتركيا.

مشروع القطار السريع بين السويس وبورسعيد، مضافًا إلى القناة البحرية، وخط أنابيب السوميد البرى بين ميناء العين السخنة على البحر الأحمر وميناء الدخيلة على البحر المتوسط، يجعل مصر فى مقدمة السباق.

لم تكن مصر أكثر احتياجًا للسرعة فى العمل والإنجاز والدفع نحو تحرير السوق المصرية وتشغيل ما تغير فى مصر قدر ما تحتاجه الآن، لأن لحظة الخروج من الأزمة الكبرى لن تكون أقل مفاجأة من لحظة الدخول فيها.

فى كل الأزمات العالمية والإقليمية السابقة خرجت دول العالم على لحظة جديدة، فاز فيها من هو أكثر استعدادًا وتفاؤلًا أنه استمر فى البناء والتجهيز للمنافسة القادمة خلال أيام صعبة ولحظات عصيبة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأيام الصعبة الأيام الصعبة



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

هيفاء وهبي بإطلالات متنوعة ومبدعة تخطف الأنظار

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:01 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

ختام فعاليات أسبوع الموضة في الرياض 2024
  مصر اليوم - ختام فعاليات أسبوع الموضة في الرياض 2024

GMT 09:36 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

البرتغال وجهة سياحية جاذبة لعشاق الطبيعة على مدار العام
  مصر اليوم - البرتغال وجهة سياحية جاذبة لعشاق الطبيعة على مدار العام

GMT 09:49 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

طرق العناية بالأجهزة الإلكترونية في المنزل
  مصر اليوم - طرق العناية بالأجهزة الإلكترونية في المنزل

GMT 09:41 2024 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

رسالة أصالة لجمهورها قبل حفلها في سلطنة عُمان
  مصر اليوم - رسالة أصالة لجمهورها قبل حفلها في سلطنة عُمان

GMT 07:26 2024 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

بوريل يدعو لإجراء تحقيق شامل حول انتهاكات إنسانية في غزة
  مصر اليوم - بوريل يدعو لإجراء تحقيق شامل حول انتهاكات إنسانية في غزة

GMT 20:41 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الفيشاوي ينفي تغيير كلمات أغنية "نمبر 2"

GMT 18:59 2020 الأربعاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة جونيور أجاي فى نهاية تمرين الأهلي وفحص طبي غدًا

GMT 06:30 2020 الإثنين ,26 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الدواجن في مصر اليوم الإثنين 26تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 06:09 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

محمد هنيدي يكشف حقيقة سخريته من الراقصة البرازيلية لورديانا

GMT 17:50 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

أهم وأبرز إهتمامات الصحف الليبية الصادرة الثلاثاء

GMT 05:52 2020 الثلاثاء ,19 أيار / مايو

محمد حماقي ينعى الشيخ صالح كامل

GMT 23:14 2020 السبت ,07 آذار/ مارس

أسعار الحديد في مصر اليوم السبت
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon