بقلم - عبد المنعم سعيد
كانت القمة العربية التى شدت انتباهى التى انعقدت فى القاهرة فى عام ١٩٦٤. كانت هناك قمم من قبلها بدأت مع إنشاء الجامعة العربية عام ١٩٤٥، ولكن هذه كان لها وضع خاص. من ناحية كانت علامة على رأب الصدع بين الدول العربية بعد سنوات متوترة جاءت مع ثورات وانقلابات وحرب أهلية فى لبنان وحرب فى اليمن ووحدة بين مصر وسوريا ثم انفصالها. ومن ناحية أخرى، فإن الجمع العربى كان جاهزا للقاء، لأن إسرائيل كانت تزمع تحويل نهر الأردن فى اتجاهها. ومن يومها باتت القمم العربية تنعقد بانتظام تقريبا مع استثناءات فى المكان والزمان خاصة بعد أن غادرت الجامعة القاهرة ثم عادت إليها. كانت هناك قمم متميزة وأخرى صاخبة، وكلاهما ارتبط على الأغلب بالصراع العربى ــ الإسرائيلى كما حدث فى قمة الخرطوم ١٩٦٧، والأخرى فى قمة الجزائر 1973 التى جرى فيها الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني. لم يكن معروفا أن الممثلين سوف يكثرون بعد ذلك، وأن الجهاد الإسلامى سوف يقود يوما قمة القاهرة عام ١٩٩٠ كانت فاصلة عندما غزت العراق الكويت، كانت علامة فارقة فلم يكن متصورا أن تغزو دولة عربية دولة عربية أخري.
قمة جدة فى المملكة العربية السعودية جاءت بعد خمس سنوات من قمة سابقة فى الدمام، لكن هذه المرة تأتى بعد أن تغير المناخ العربى كثيرا عما كان عليه طوال عقد سابق سيطرت عليه أجواء ما سمى «الربيع العربى» الذى بات عاصفا وممتلئا برمال ساخنة. أتى الاجتماع بينما هناك نوع من الإقليمية الجديدة يدور حول تجمع من دول الإصلاح التى على استعداد للتدخل من أجل حل نزاعات عربية معقدة، وهذه المرة كان آخرها فى السودان من خلال لجنة رباعية، ولكن عودة سوريا كانت حدث المؤتمر، لأن لجنة رباعية أخرى شرعت فى فك حزمة كبيرة من الألغاز السورية، فهل تمتد البداية إلى ألغاز أخري؟