بقلم - عبد المنعم سعيد
كان التاريخ المصرى يمشى على قدمين أمام عيون المصريين الذين كانوا يقومون مباشرة بصنع تاريخ جديد يقوم على ثلاثة أعمدة: أنه لا عودة لما كان عليه الحال قبل ٢٥ يناير ٢٠١١ لأن النظام السياسى المصرى وصل إلى طريق مسدود لن يدخلها إلى مرحلة انطلاق كبرى، وأنه لا عودة إلى حالة الفوضى التى جرت بعد ٢٥ يناير حيث لا مشروع ولا نجاة، وأن سيطرة الإخوان تأخذ مصر إلى حيث لا تريد من دولة إيرانية الطابع رجعية الفكر وسلفية العمل، وأن خريطة الطريق التى جرى إقرارها يوم ٣ يوليو لا يمكن تنفيذها ما لم يكن هناك حسم فى حقيقة تأكيد سيادة الدولة بإنهاء «اعتصام رابعة» الذى استمر لمدة ٥٤ يوما منذ بدأ الإخوان احتلالهم للميادين المصرية فى ٢٠ يونيو ٢٠١٣.
باتت هناك ثلاثة أيام فاصلة: ٣٠ يونيو الذى خرج فيه المصريين كما لم يخرجوا فى تاريخهم؛ و٣ يوليو الذى تلاقت فيه القوى الوطنية المصرية على خريطة طريق تعزل الرئيس محمد مرسى ويكون رئيس المرحلة الانتقالية رئيس المحكمة الدستورية العليا المستشار عدلى منصور، وتدخل مصر إلى مرحلة انتقالية تنتهى بعد عام يصدر فيها دستور جديد؛ و٢٦ يوليو الذى تجاوز فيه الخروج المصرى كل ما سبق لتلبية طلب وزير الدفاع بمنحه تفويضا لاستعادة الأمن والاستقرار للبلاد. هذا اليوم الثالث لم يأخذ حقه الذى يستحقه فى الذكريات التاريخية المصرية، وبدأ بالنداء الذى وجهه وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسى إلى الجماهير طالبا التفويض الذى لم يكن فقط لفض الاعتصام المشئوم، وإنما أيضا التصديق الشعبى على خريطة الطريق وليس فقط مجمع القوى السياسية، وفى الوقت نفسه يسجل إشارة قوية نحو المستقبل. كانت اللحظة فاصلة لأنها لم تسمح أولا بحرب أهلية، أو انقسام وطنى حاد، وإنما كان جيش البلاد يعيد الوطن لأهله بلا شعوذة، ولا فوضى وإنما جاهزا لمرحلة من عمل مشروع وطنى كبير وشاق.