توقيت القاهرة المحلي 05:05:54 آخر تحديث
  مصر اليوم -

انتخابات... انتخابات... فكيف ننحاز؟

  مصر اليوم -

انتخابات انتخابات فكيف ننحاز

بقلم:حازم صاغية

بدأت البرازيل استعداداتها للانتخابات التي سوف تُجرى أواخر العام الجديد. انتخابات البرازيل ليست كأيّ انتخابات لأنّ تأثير ذاك البلد في محيطه ليس كتأثير أيّ بلد آخر. فهي بملايينها الـ 213 (سادس بلد سكّاناً في العالم) وبمساحتها الـ 8.5 مليون كلم2 (الخامس مساحةً) تتشارك في الحدود مع كلّ بلدان أميركا الجنوبيّة ما عدا إكوادور وتشيلي.
فوق هذا تملك الانتخابات البرازيليّة المقبلة بعض الخصوصيّة:
حكومة الرئيس الحاليّ، والمرشّح في الانتخابات الرئاسيّة المقبلة، جائير بولسونارو، نشّطت برامج إنفاقها الاجتماعيّ فجأة محاوَلةً منها لكسب مزيد من الأصوات، لا سيّما في البيئات الشعبيّة الأفقر حالاً. ذاك أنّ تدهور الأوضاع الاقتصاديّة خفّضَ نسبة التأييد لبولسونارو وسياساته إلى ما دون الـ 30 في المائة. ووفقاً لـ «الإيكونوميست» البريطانيّة، انكمش إجماليّ الناتج المحلّيّ البرازيليّ في الفصلين الأخيرين. كذلك وبفعل سوء التعاطي مع جائحة «كورونا»، مرّت أيّام على البلاد كان يُتوفّى فيها 3000 مُصاب يوميّاً. اللوم وُجّه إلى بولسونارو شخصيّاً: العرائض التي طالبت بعزله بلغت الـ 143 عريضة حتّى الآن.
لكنّ منافس بولسونارو، الرئيس السابق لويز إيناسيو لولا دا سيلفا، أو لولا فحسب، يعاني أيضاً ضعف الشعبيّة. حزبه يحمل في رصيده فضيحة فساد كبرى وأزمة ركود ضخم.
ما من شكّ في أنّ إبعاد بولسونارو عن السلطة شرط لكلّ أمل وكلّ إصلاح، لكنّ وصول لولا إليها قد لا يكون سبباً للأمل والإصلاح.
في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي جرت انتخابات في تشيلي، أقصى جنوب أميركا الجنوبيّة. اليساريّ الشابّ غابرييل بوريك هزم مرشّح اليمين المسيحيّ المتطرّف جوزيه أنتونيو كاست بفارق كبير: 55 في المائة مقابل 44 في المائة. كاست كان ينبغي أن يُهزم: ابن ضابط نازيّ فرّ إلى تشيلي، وهو يشبه بولسونارو في شعبويّته وعنصريّته ونيوليبراليّته وإنكاره وجود مشكلة بيئيّة وتزمّته في المسائل الاجتماعيّة والجنسيّة والثقافيّة. فوق هذا، إنّه نصير متحمّس لأوغستو بينوشيه وديكتاتوريّته العسكريّة، ورافعٌ، على طريقة دونالد ترمب، لشعار «جعل تشيلي عظيمة من جديد».
إذا كان «اليمينيّ» هو الـ Bad guy في تشيلي، فإنّ «اليساريّ» دانيال أورتيغا هو الـBad guy في نيكاراغوا، أكبر دول أميركا الوسطى. في الانتخابات التي شهدتها الأخيرة، في 7 نوفمبر الماضي، حصلت العجائب: تمهيداً لإجرائها بشروطه، أقدم أورتيغا، الرئيس – المرشّح، على اعتقال معظم منافسيه المحتملين، فيما هرب بعضهم إلى الخارج خوفاً من الاعتقال. المرشّحة لنيابة الرئيس على اللائحة المعارضة وُضعت في الإقامة الجبريّة ومُنعت من الترشّح. المرشّح الرئاسيّ عن حزب «مواطنون من أجل الحرّيّة» عُلّقت حقوقه المدنيّة. عدد من الصحافيّين اعتُقلوا.
هكذا حين أجريت الانتخابات كان من «الطبيعيّ» أن ينال أورتيغا 76 في المائة من الأصوات، في مواجهة ولتر باسينوزا الذي سُمح له بالترشّح وتُركت له حصّة 14 في المائة.
للتذكير: أورتيغا هو رئيس نيكاراغوا منذ 2007، وسبق أن حكمها رئيساً وزعيماً بين 1979 و1990. نائبته في الرئاسة هي زوجته روزاريو ماريّا موريّو زامبرانا.
من تحصيل الحاصل أن ينحاز المقترع، أيّ مقترع في أيّ بلد، لهذا أو ذاك من المرشّحين، ولهذا أو ذاك من البرامج. هكذا تكون الانتخابات. لكنْ في البلدان الحديثة في ديمقراطيّتها، أو التي تأخّر أخذها بالديمقراطيّة، أو التي تعرّضت ديمقراطيّتها، وقد تتعرّض، للإعاقة والتعطيل، هناك اعتبار آخر لا بدّ من أخذه في الحسبان إلى جانب الانحياز: مَن الذي يوطّد الاستقرار الديمقراطيّ ويؤمن فعلاً بتحكيم السياسة في المنازعات؟ من الذي يكون أكثر إذعاناً للدستور، وتقبّلاً لحدود التفويض الانتخابيّ، واحتراماً لمبدأ التداول على السلطة، وائتماناً على ماليّة الدولة إلخ...؟
من يلتزم بهذه المعايير قد يكون «يمينيّاً» وقد يكون «يساريّاً»، لكنّ التزامه ذاك مهمٌّ بما لا يقلّ عن أهميّة لونه الآيديولوجيّ. إلى هذا، فإنّ المرشّح الذي يغدو رئيساً لا بدّ أن يعتدل ويطرّي نبيذه الآيديولوجيّ ببعض الماء، هذا إذا كان فعلاً ممّن تصحّ فيه تلك المواصفات. هكذا يصير رئيساً للشعب والأمّة بدل أن يبقى رئيساً للجماعة التي صدر عنها وشاركته معتقداته.
يقال هذا الكلام وفي البال الطريقةُ التي يحتفل الممانعون العرب بموجبها بما يفترضونه انتصاراً لمرشّحهم. ذاك أنّ بوريك وأورتيغا، وفق روايتهم، «سحقا» خصميهما، كما أنّ لولا سوف «يسحق» خصمه، والويل ثمّ الويل لرأسماليّة هنا ولإمبرياليّة هناك. والحال أنّ الانتخابات موجودة لكي تمنع السحق، سحقَ أيٍّ كان لأيّ كان. وبدل أن تكون الانتخابات الحرب السياسيّة التي يراد منها تفادي الحرب العسكريّة، فإنّها تغدو مجرّد حرب وثأر يمهّدان لحرب وثأر آخرين، وهكذا دواليك في نزاع مفتوح ودائم. أي أنّ السياسة، والحال هذه، لا تُحاكَم إلاّ بقياس الحروب لأنّ الذين يحاكمون يكرهون السياسة ولا يشتهون إلاّ الحرب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

انتخابات انتخابات فكيف ننحاز انتخابات انتخابات فكيف ننحاز



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات

GMT 20:08 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة تصدر 9 قرارات تهم المصريين "إجازات وتعويضات"

GMT 08:01 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

عرض فيلم "الفلوس" لتامر حسني أول تشرين الثاني

GMT 08:44 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

إنجي علي تفاجئ فنانا شهيرا بـ قُبلة أمام زوجته
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon