توقيت القاهرة المحلي 20:45:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -

انتخابات... انتخابات... فكيف ننحاز؟

  مصر اليوم -

انتخابات انتخابات فكيف ننحاز

بقلم:حازم صاغية

بدأت البرازيل استعداداتها للانتخابات التي سوف تُجرى أواخر العام الجديد. انتخابات البرازيل ليست كأيّ انتخابات لأنّ تأثير ذاك البلد في محيطه ليس كتأثير أيّ بلد آخر. فهي بملايينها الـ 213 (سادس بلد سكّاناً في العالم) وبمساحتها الـ 8.5 مليون كلم2 (الخامس مساحةً) تتشارك في الحدود مع كلّ بلدان أميركا الجنوبيّة ما عدا إكوادور وتشيلي.
فوق هذا تملك الانتخابات البرازيليّة المقبلة بعض الخصوصيّة:
حكومة الرئيس الحاليّ، والمرشّح في الانتخابات الرئاسيّة المقبلة، جائير بولسونارو، نشّطت برامج إنفاقها الاجتماعيّ فجأة محاوَلةً منها لكسب مزيد من الأصوات، لا سيّما في البيئات الشعبيّة الأفقر حالاً. ذاك أنّ تدهور الأوضاع الاقتصاديّة خفّضَ نسبة التأييد لبولسونارو وسياساته إلى ما دون الـ 30 في المائة. ووفقاً لـ «الإيكونوميست» البريطانيّة، انكمش إجماليّ الناتج المحلّيّ البرازيليّ في الفصلين الأخيرين. كذلك وبفعل سوء التعاطي مع جائحة «كورونا»، مرّت أيّام على البلاد كان يُتوفّى فيها 3000 مُصاب يوميّاً. اللوم وُجّه إلى بولسونارو شخصيّاً: العرائض التي طالبت بعزله بلغت الـ 143 عريضة حتّى الآن.
لكنّ منافس بولسونارو، الرئيس السابق لويز إيناسيو لولا دا سيلفا، أو لولا فحسب، يعاني أيضاً ضعف الشعبيّة. حزبه يحمل في رصيده فضيحة فساد كبرى وأزمة ركود ضخم.
ما من شكّ في أنّ إبعاد بولسونارو عن السلطة شرط لكلّ أمل وكلّ إصلاح، لكنّ وصول لولا إليها قد لا يكون سبباً للأمل والإصلاح.
في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي جرت انتخابات في تشيلي، أقصى جنوب أميركا الجنوبيّة. اليساريّ الشابّ غابرييل بوريك هزم مرشّح اليمين المسيحيّ المتطرّف جوزيه أنتونيو كاست بفارق كبير: 55 في المائة مقابل 44 في المائة. كاست كان ينبغي أن يُهزم: ابن ضابط نازيّ فرّ إلى تشيلي، وهو يشبه بولسونارو في شعبويّته وعنصريّته ونيوليبراليّته وإنكاره وجود مشكلة بيئيّة وتزمّته في المسائل الاجتماعيّة والجنسيّة والثقافيّة. فوق هذا، إنّه نصير متحمّس لأوغستو بينوشيه وديكتاتوريّته العسكريّة، ورافعٌ، على طريقة دونالد ترمب، لشعار «جعل تشيلي عظيمة من جديد».
إذا كان «اليمينيّ» هو الـ Bad guy في تشيلي، فإنّ «اليساريّ» دانيال أورتيغا هو الـBad guy في نيكاراغوا، أكبر دول أميركا الوسطى. في الانتخابات التي شهدتها الأخيرة، في 7 نوفمبر الماضي، حصلت العجائب: تمهيداً لإجرائها بشروطه، أقدم أورتيغا، الرئيس – المرشّح، على اعتقال معظم منافسيه المحتملين، فيما هرب بعضهم إلى الخارج خوفاً من الاعتقال. المرشّحة لنيابة الرئيس على اللائحة المعارضة وُضعت في الإقامة الجبريّة ومُنعت من الترشّح. المرشّح الرئاسيّ عن حزب «مواطنون من أجل الحرّيّة» عُلّقت حقوقه المدنيّة. عدد من الصحافيّين اعتُقلوا.
هكذا حين أجريت الانتخابات كان من «الطبيعيّ» أن ينال أورتيغا 76 في المائة من الأصوات، في مواجهة ولتر باسينوزا الذي سُمح له بالترشّح وتُركت له حصّة 14 في المائة.
للتذكير: أورتيغا هو رئيس نيكاراغوا منذ 2007، وسبق أن حكمها رئيساً وزعيماً بين 1979 و1990. نائبته في الرئاسة هي زوجته روزاريو ماريّا موريّو زامبرانا.
من تحصيل الحاصل أن ينحاز المقترع، أيّ مقترع في أيّ بلد، لهذا أو ذاك من المرشّحين، ولهذا أو ذاك من البرامج. هكذا تكون الانتخابات. لكنْ في البلدان الحديثة في ديمقراطيّتها، أو التي تأخّر أخذها بالديمقراطيّة، أو التي تعرّضت ديمقراطيّتها، وقد تتعرّض، للإعاقة والتعطيل، هناك اعتبار آخر لا بدّ من أخذه في الحسبان إلى جانب الانحياز: مَن الذي يوطّد الاستقرار الديمقراطيّ ويؤمن فعلاً بتحكيم السياسة في المنازعات؟ من الذي يكون أكثر إذعاناً للدستور، وتقبّلاً لحدود التفويض الانتخابيّ، واحتراماً لمبدأ التداول على السلطة، وائتماناً على ماليّة الدولة إلخ...؟
من يلتزم بهذه المعايير قد يكون «يمينيّاً» وقد يكون «يساريّاً»، لكنّ التزامه ذاك مهمٌّ بما لا يقلّ عن أهميّة لونه الآيديولوجيّ. إلى هذا، فإنّ المرشّح الذي يغدو رئيساً لا بدّ أن يعتدل ويطرّي نبيذه الآيديولوجيّ ببعض الماء، هذا إذا كان فعلاً ممّن تصحّ فيه تلك المواصفات. هكذا يصير رئيساً للشعب والأمّة بدل أن يبقى رئيساً للجماعة التي صدر عنها وشاركته معتقداته.
يقال هذا الكلام وفي البال الطريقةُ التي يحتفل الممانعون العرب بموجبها بما يفترضونه انتصاراً لمرشّحهم. ذاك أنّ بوريك وأورتيغا، وفق روايتهم، «سحقا» خصميهما، كما أنّ لولا سوف «يسحق» خصمه، والويل ثمّ الويل لرأسماليّة هنا ولإمبرياليّة هناك. والحال أنّ الانتخابات موجودة لكي تمنع السحق، سحقَ أيٍّ كان لأيّ كان. وبدل أن تكون الانتخابات الحرب السياسيّة التي يراد منها تفادي الحرب العسكريّة، فإنّها تغدو مجرّد حرب وثأر يمهّدان لحرب وثأر آخرين، وهكذا دواليك في نزاع مفتوح ودائم. أي أنّ السياسة، والحال هذه، لا تُحاكَم إلاّ بقياس الحروب لأنّ الذين يحاكمون يكرهون السياسة ولا يشتهون إلاّ الحرب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

انتخابات انتخابات فكيف ننحاز انتخابات انتخابات فكيف ننحاز



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين مصر وموانئ دبي العالمية لتطوير منطقة حرة عامة

GMT 19:17 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

التشكيل الرسمي لمباراة إنبي والبنك الأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon