توقيت القاهرة المحلي 21:14:34 آخر تحديث
  مصر اليوم -

قمة جدة انطلاقة جديدة

  مصر اليوم -

قمة جدة انطلاقة جديدة

بقلم:بكر عويضة

بين القمة العربية، التي تلتئم على ضفاف جدة، بالمملكة العربية السعودية، يوم الجمعة المقبل، وبين قمة الخرطوم، المنعقدة في عاصمة السودان، قبل أكثر من خمسة عقود، أوجه شبه عدة، ونقاط اختلاف جوهرية. تشابه ظروف التئام القمتين يربط ماضياً يرجع بالزمن ستة وخمسين عاماً، مع حاضر واقع عربي يؤلم العرب أجمعين، على امتداد بلدانهم، من ضفاف المحيط الأطلسي، إلى شواطئ الخليج العربي. جوهر النقاط التي تجعل القمة الثانية والثلاثين تختلف كثيراً عن رابع القمم العربية، يتركز أساساً، وفق تقديري، على وجود نهج جديد في تعامل العرب مع قضاياهم الذاتية، أي تلك التي تخصهم تحديداً، دون غيرهم، ومع قضايا دولية ذات أبعاد متعددة، وهي بالضرورة تعنيهم مثلما تعني البشر جميعاً. هكذا تقدير ربما يتفق معه بعض المهتمين بتحليل وفهم تقلبات أحوال الأمم، ومن الجائز أن يعترض عليه كثيرون، لذا من المهم أن يُنظر إليه ضمن إطار اجتهاد ذاتي، غير مفروض على أحد.

تشابه قمة جدة مع قمة الخرطوم، المنعقدة نهار التاسع والعشرين من ثامن شهور عام 1967، يتجلى في أن تلك القمة التأمت في ظل وضع انكسار عربي أعقب هزيمة العرب في حرب 5 يونيو (حزيران) من العام ذاته. إذا كانت أحزان تلك الكارثة لم تزل تنزف ألماً في ذاكرة جيل معاصريها، فإن شظاياها أصابت، في الصميم، الأجيال العربية التي وُلدت، ثم نشأت، ولعلها شابت، طوال أعوام تلتها. تلك الإصابة لا تزال مستمرة يعانيها الجيل المعاصر في جوانب شتى من مجالات الحياة، بمعنى أن استحضار تأثيرها المدمر، ليس مجرد رغبة في الحنين إلى أوجاع ماضٍ تولى، قدر ما هو حقيقة قائمة على أرض الواقع. أين، إذاً، وجه التشابه بين انكسار ذلك الزمن، والوضع الذي تنعقد في أجوائه قمة جدة؟ إنه، باختصار، واضح على نحو ليست تخطئه عين تبصر، ولا يستعصي فهمه على عقل يدرك، في كل ما آلت إليه أوضاع أكثر من مجتمع عربي، منذ انفجار موجات ما سُمي «الربيع العربي»، وما جلبت معها من تمزق ودمار فاق تأثيرهما كل تصور، وتدفع شعوب عربية عدة الثمن الفادح لما ترتب عليهما.

يبرز أيضاً بين أوجه تشابه ظروف القمتين، كيف أن الدور السعودي حاسم في لم الشمل العربي. اتضح هذا الأمر جلياً آنذاك، وهو واضح جداً الآن. فلولا أن المملكة العربية السعودية، بزعامة الملك فيصل بن عبد العزيز، اتخذت الموقف الشجاع والحكيم، بوضع الخلاف مع الزعيم المصري جمال عبد الناصر، جانباً، والإقدام، مِن ثم، على قيادة قاطرة العالم العربي، خلال ذلك الظرف الصعب، لما قيض، على الأرجح، لقمة الخرطوم النجاح في بدء مشوار إزالة آثار ما حصل على الأرض العربية جراء كارثة الهزيمة. الشيء ذاته، قياساً، جرى بوضوح خلال الأسابيع القليلة التي مضت. فالمواقف العقلانية، التي اتخذتها الرياض، بتوجيه خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز، وما بُني عليها من قرارات عملية، باشر تنفيذها مجلس الوزراء بقيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، كل ذلك جهد متميز هيأ ما لزم من أجواء التئام قمة جدة، وتمهيد سبل النجاح أمامها بأمل أن تشكل انطلاقة جديدة، تحول دون تدهور الوضع العربي إلى الأسوأ.

الحق أن العالم العربي بأمسِّ الاحتياج لانطلاق جديد يقوم على أسس تختلف تماماً عما قام عليه عالم العرب قبل ستة وخمسين عاماً، وأوصل إلى كارثة 1967. الاختلاف المأمول يجب أن يشمل مناهج التفكير في دوائر صنع القرار، بشكل أساس، وأطُر نُخَب المفكرين التي تعين المسؤول، من خلال طرح رؤى تستبعد الهوى الذاتي، وتقدم النُصح القائم على صفاء نيّات، والذي يتوخى الصالح العام، وليس الاكتفاء بمجرد دغدغة أحاسيس، أو إرضاء «أنا» الذات، سواء لدى المتلقي، أو الناصح ذاته. ضمن هذا السياق، يمكن ضرب مثال من مرور سبعة وخمسين عاماً يوم أول من أمس (الاثنين) على نكبة فلسطين. لو أن معظم القيادات، وأغلب الزعامات، على المستويين الفلسطيني أولاً، والعربي ثانياً، اعتمدت نهج استبعاد غرور «الأنا»، وقدمت مصالح الناس على برامج وطموحات أحزاب وتنظيمات، لما كان حال قضية فلسطين انتهى، على الأرجح، إلى ما هو عليه. حسناً، لعل قمة جدة تشكل انطلاقة جديدة على هذا الصعيد المصيري أيضاً، بل إن ذلك مأمول ومطلوب.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قمة جدة انطلاقة جديدة قمة جدة انطلاقة جديدة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:11 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
  مصر اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 11:23 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
  مصر اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 20:23 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

مصر تؤكد على دعم سوريا وأهمية حماية المدنيين
  مصر اليوم - مصر تؤكد على دعم سوريا وأهمية حماية المدنيين

GMT 16:48 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إياد نصار يُشوق متابعيه لفيلمه الجديد ويُعلِّق
  مصر اليوم - إياد نصار يُشوق متابعيه لفيلمه الجديد ويُعلِّق

GMT 11:08 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
  مصر اليوم - الكشف عن قائمة بي بي سي لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 18:47 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيفا" يكشف أسباب ترشيح ميسي لجائزة "الأفضل"

GMT 11:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تتفاوض مع شركات أجنبية بشأن صفقة غاز مسال طويلة الأجل

GMT 13:21 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

الأهلي يتعاقد مع "فلافيو" كوم حمادة 5 سنوات

GMT 15:07 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 07:34 2018 الأربعاء ,18 تموز / يوليو

شيخ الأزهر يستقبل توني بلير ويعرب عن دعمه لمصر

GMT 06:35 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

خروج فتحي وسامي عن قائمة بيراميدز أمام سموحة

GMT 00:26 2021 الأحد ,23 أيار / مايو

عمرو جمال يقترب من الانضمام لـ«بيراميدز»

GMT 11:47 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

شوبير يهاجم الكاف بسبب ملعب مباراة الأهلي وسونيديب

GMT 10:53 2020 الأحد ,13 كانون الأول / ديسمبر

الكاف يبحث مقترحا جديدا بشأن مباراتي الزمالك وبطل تشاد

GMT 04:30 2020 الإثنين ,02 آذار/ مارس

الزمالك يدرس بيع فرجاني ساسي ومحمود علاء

GMT 18:16 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

رينيه فايلر يرفض إراحة لاعبي الأهلي عقب لقاء المقاصة

GMT 04:01 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

Brabus تستعرض أسرع سيارات مرسيدس من الفئة "G"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon