توقيت القاهرة المحلي 21:24:47 آخر تحديث
  مصر اليوم -

قمم الرياض... ونهوض الأمم

  مصر اليوم -

قمم الرياض ونهوض الأمم

بقلم:بكر عويضة

يدرك كل دارس متابع لمسار العلاقات بين المملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية، أنها تتَّسم بتميز خاص نهض دائماً على أساس الاحترام المتبادل، والحرص الدائم على تنميتها بما ينفع الناس في البلدين. ترسخ هذا الفهم للعلاقة طوال تاريخ يتجاوز الثمانين عاماً. ورغم أنَّ علاقات البلدين اتخذت شكلَها الدبلوماسي الكاملَ سنة 1990، فإنها مذ ذاك العام طفقت تتطوَّر على أكثر من مستوى؛ خصوصاً في الجانب الاقتصادي، إذ مع نهاية عام 2021 وصلت قيمة الاستثمارات الصينية في السعودية إلى تسعة وعشرين مليار ريال سعودي، وجرى خلال القمة السعودية – الصينية، قبل أيام، توقيع «وثيقة شراكة استراتيجية» من شأنها تعزيز التعاون في الميادين كافة، وبما يتناسب مع «رؤية 2030» السعودية.
ضمن السياق أعلاه، يجوز القول إنَّ انعقاد القمم الثلاث في العاصمة السعودية، ختام الأسبوع الماضي، سوف يوثق في سجلات التاريخ من منطلق أنَّه حدثٌ غير عادي لأكثر من سبب موضوعي. فهو، أولاً، غير مسبوق من حيث إنَّ السعودية هي الدولة التي اتخذت زمام المبادرة في الدعوة إلى القمتين؛ الخليجية - الصينية، والعربية - الصينية، المنعقدتين بالتوازي مع السعودية - الصينية. وهو، ثانياً، حدث تاريخي متميز عالمياً فيما يخص توقيته. ثم إنَّه، ثالثاً، يندرج ضمن أحداث يُرجح لها أن تصبح موضع بحث، مستقبلاً، عند دراسة مناهج المبادرات السياسية ذات التأثير المهم في العلاقات بين الدول، وكذلك حين التأمل في مردود آفاق العمل السياسي الفعال حاضراً، ثم لاحقاً.
ومع ملاحظة أنَّ ريادية الدور السعودي على الصعيد الإقليمي ليست تحتاج إلى تأكيد، يبقى أنَّ المبادرة إلى دعوة دول الخليج للقاء الرئيس شي جينبينغ، الزعيم الصيني، على أرض السعودية، تعبّر بشكل واضح عن ذكاء حسّ سياسي لمّاح لدى صانع القرار السعودي، خلاصته أن تعميق الشراكة بين السعودية والصين يتطلب توظيف عمق مكانة الرياض خليجياً بين عواصم دول مجلس التعاون الخليجي. ثم، من منطلق إحساس أخوي إزاء جيرانها، سوف يُفرح العاصمة السعودية، ويفيدها كذلك، أن يحصل تعميم للمكاسب التجارية، والمنافع الاقتصادية، المتوقع الحصول عليها نتيجة الاتفاقات التي يتم التوقيع عليها من قبل الجانبين. الشيء ذاته يصح أن يُقال في شأن مبادرة الرياض الداعية إلى القمة العربية - الصينية. بيد أن توسيع دائرة التفاهم مع الصين على نطاق عربي، كما جرى عبر قمة الخميس الماضي، سوف يحتل مكانته الخاصة من حيث تأكيد ريادة دور السعودية القيادي عربياً. يحصل هذا ليثبت، مجدداً، كم أن الفرق شاسع جداً بين دور الرياض وزعيق الآخرين؛ خصوصاً منهم الدائرين في الفَلك الإيراني، والمُبحرين دائماً وفق شراع فُلك طهران.
الدور السعودي فعال واقعياً، ومؤثر مستقبلاً. المحور الإيراني يولول، ولا يهمه سوى توسيع دوائر التخريب في المنطقة.
توقيت القمم الثلاث مهم أيضاً. فمن جبهات حرب روسيا - أوكرانيا، إلى توترات إقليم الشرق الأوسط، مروراً باحتمالات أكثر من مواجهة في أفريقيا، وصولاً إلى اضطرابات الأسواق العالمية، واضح كم هي جسام الأحداث التي يمر بها العالم. في أجواء كهذه من الضروري أن يعرف زعماء العرب موطئ القدم الصحيح في وعورة طرق العلاقات الدولية، وضمن أي شروط يمكن لهم ضمان مصالح شعوبهم. ذلك إطار مهم وفره انعقاد القمم الثلاث، وسوف يُعد إحدى إضاءات النجاح السعودي على صعيدين إقليمي، من جهة، ودولي من جهة أعم وأشمل.
إلى ذلك، يعرف كل ذي خبرة في تتبع نهوض حضارات الأمم، وفي المقابل إخفاقات الدول تدريجياً حتى وصول بعضها إلى فشل تام، أن أهم عوامل النجاح يتمثل في العمل الدؤوب، القائم على تصورات عملية تعززها إجراءات عملية على أرض الواقع. قمم الرياض الثلاث مؤشر مهم على أن نهوض الأمم ممكن ما دام أن لواء قيادة المجتمع منعقدٌ لمن هم أهل لمهمات الزعامة ومسؤولياتها الصعبة. واضح أن استقرار المملكة العربية السعودية، وتنامي دورها القيادي الناجح، خليجياً وعربياً وعالمياً، من أهم نتائج وجود منهج نهضوي ثابت، ومتجدد، منذ زمن الملك المؤسس، عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، وصولاً إلى عهد خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان. هل ثمة ما يفاجئ، إذنْ، إذا واصلت السعودية الانطلاق، واستمر خصومها في الولولة والزعيق؟ كلا، إطلاقاً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قمم الرياض ونهوض الأمم قمم الرياض ونهوض الأمم



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon