توقيت القاهرة المحلي 02:14:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

معركة إسرائيل الخاسرة

  مصر اليوم -

معركة إسرائيل الخاسرة

بقلم - بكر عويضة

بعد ظهر أول من أمس (الاثنين) أصر بنيامين نتنياهو على ممارسة غطرسته المعهودة، فأعلن أمام جمع من عناصر جيش الحرب العدوانية، التي يشنها في قطاع غزة، أنها مستمرة حتى يتحقق ما يسميه «الانتصار» على حركة «حماس». واضح لكل ذي بصر وبصيرة يتابع مجريات واقع ما يجري على الأرض، أن ذلك الواقع ذاته يثبت بما لا يدع المجال لأي جدل، أن أساس الهدف الحقيقي لحرب إسرائيل الراهنة لا يقتصر على الانتقام من «حماس»، إضافة إلى غيرها من فصائل مقاومة الاحتلال الفلسطينية، وإنما المستهدف هو مجمل الشعب الفلسطيني، داخل غزة، وخارجها في أرض فلسطين كافة. ذلك هو الأساس، أما الفروع فتتشعب بدءاً بمرحلة دفع أهل القطاع إلى مغادرته نحو سيناء أولاً، ثم إلى شتات جديد في دول عدة تُمارس عليها الآن ضغوط كي تقبل لاجئين من غزة، تمهيداً لإعادة رسم خرائط المنطقة وفق شروط إسرائيلية تُفرَض لاحقاً أمراً واقعاً يظن واضعو هذا المخطط أنه سوف يأتي بالحل النهائي لقضية فلسطين.

في اليوم نفسه، فاجأتني السيدة اعتدال، وهي أم فلسطينية شابة تربطني بها صلات عائلية، حين أرتني خلال زيارة أسرتها لي، «فيديو» لابنها إلياس صوره من تلقاء نفسه، مستخدما موبايل والده، ويخاطب عبره الجمهور شارحاً تفاصيل الغارات الإسرائيلية على أنحاء مختلفة في غزة، وما تحدثه من دمار وقتل، حتى إنه يذكر أن عدد القتلى زاد على ستة عشر ألفاً، عند تصويره الفيديو، أما الذي لفت انتباهي أكثر فكان قوله إن «الاحتلال بدأ منذ عام 1948»، وإذ سألته: لماذا؟ أجاب بلا تردد موجهاً السؤال لي: أليست هذه سنة النكبة الأولى؟ فأجبت بلى، بالتأكيد. إلياس طفل لم يصل بعد إلى العاشرة من العمر. شقيقه منيب، ذو السبع سنوات، تدخل في الحديث فأشار إلى حرب عام 1967، قائلاً إن غزة احتلتها إسرائيل في تلك السنة، وإن الاحتلال لم يزل مستمراً منذ ذلك الوقت.

وضعت أم إلياس هاتف زوجها جانباً، ثم أتت بهاتفها لتريني مقاطع من فيديوهات أنجزتها شابة من غزة اسمها بلستيا العقاد تبثها عبر موقع «إنستغرام»، وفي أحدثها تقول إن «السلام مات في أرض السلام»، بعدما تعرض لقطات من الغارات الإسرائيلية، وتعلق عليها مشيرةً إلى استمرار القتل والتدمير في غزة وفي جنين خلال أعياد يوم ميلاد المسيح عيسى عليه السلام، وعلى أمه مريم، العذراء البتول.

شاب آخر من غزة أيضاَ حدثتني عنه زائرتي اسمه معتز عزايزة، وأرتني مقاطع مما يبثه على منصات «السوشيال ميديا»، حيث يفوق عدد متابعيه حول العالم الثمانية عشر مليوناً، وتتضمن متابعات ميدانية لما يحدث في مناطق عدة من القطاع أولاً بأول. ثم أتى الحديث على شاب غزاوي يُدعى صالح الجعفراوي، قيل لي إنه أيضاََ يحظى بعدد كبير يتابعون ما يبث من فيديوهات تشرح تفاصيل مآسي غزة، ويعلق عليها المتابعون، وهم من مختلف الثقافات والعقائد، بإبداء التعاطف والتضامن مع أهل القطاع.

أمام وعي عميق كما الذي لدى الطفلين إلياس ومنيب، والأرجح أن مثلهما كثيرون، وأمام نشاط دؤوب يستند إلى إيمان صلب بعدالة قضية شعب فلسطين، مثل الذي تؤديه الشابة بلستيا العقاد، والشابان معتز عزايزة وصالح الجعفراوي، إضافة إلى مئات، وربما آلاف، غيرهم، يصبح من الجائز ترجيح كفة أن تخسر إسرائيل معركة فرض الشروط التي تريدها سواء على الفلسطينيين تحديداً، أو على الآخرين في المنطقة كلها. الحق أن معركة إسرائيل الخاسرة ليست مع «حماس»، ولا مع غيرها من الفصائل، إنما هي مع أجيال سوف تظل ترفض تطويعها لكي تقبل منطق ظلم الباطل، جيلاً بعد جيل، وعلى مدار كل الأزمان.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

معركة إسرائيل الخاسرة معركة إسرائيل الخاسرة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:36 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 08:09 2024 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

مميزات كثيرة لسيراميك الأرضيات في المنزل المعاصر

GMT 05:00 2024 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

بوجاتي تشيرون الخارقة في مواجهة مع مكوك فضاء

GMT 05:50 2024 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

تسلا تنشر صور للشاحنة سايبرتراك باختبار الشتاء

GMT 13:06 2021 الأحد ,03 تشرين الأول / أكتوبر

منة شلبي عضو لجنة تحكيم الأفلام الطويلة بمهرجان الجونة

GMT 20:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

رسميًا إيهاب جلال مديرًا فنيا لنادي بيراميدز
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon