توقيت القاهرة المحلي 11:31:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

صدقت زوجة خضر عدنان وأصابت

  مصر اليوم -

صدقت زوجة خضر عدنان وأصابت

بقلم:بكر عويضة

حقاً، صدقت بضع كلمات للسيدة رندة خضر عدنان محمد موسى، والأرجح أن يتفق عقلاء مختلف الأقوام، أياً كان مُعتقدهم، أنَّ كلماتها تُغني عن مجلدات من مقالات الرثاء، وأشعار التغني بصمود زوجها الذي قضى، مضرباً عن الطعام، في سجون إسرائيل، يوم الثاني من مايو (أيار) الحالي، وضمَنَتها التالي: «سنستقبل المهنّئين، لأنّ هذه الشهادة عرس وفخر لنا، وتاج على رؤوسنا»، وفق ما أوردت «الشرق الأوسط» في عددها الصادر الأربعاء الماضي. إضافة لما سبق، أصابت زوجة الراحل تماماً في مخاطبتها المحتل الإسرائيلي بما يلي: «احفظوا وجوه أبنائي جيداً. والله ما ربيناهم إلا على العزة والكرامة»، مثلما أنها أصابت، كذلك، في ندائها الذي وجهته إلى فصيل «الجهاد الإسلامي»، الحركة التي إليها ينتمي الراحل، وإلى فصائل المقاومة عموماً، وتضمن الآتي: «لا نريد مَنْ يضرب الصواريخ وتُضرب غزة بعدها... لا نريد أن تراق قطرة دم».

كم هو رائع، مثير للإعجاب، لافت للنظر، وموضع تقدير، أن تمتلك زوجة الأسير، وأم أبنائه، بعدما بلغها الخبر، أنه قضى نحبه، فاحتسِب شهيداً، القدرة على أن تتمالك أعصابَها في تلك اللحظة، حتى لو أن الوفاة كانت متوقعة بعد تواصل الإضراب عن الطعام أسابيع عدة، ثم تواجه تحديين معاً، لكلٍ منهما قدر من الأهمية كبير، بل والأغلب أن تترتب عليه آثار لعلها لن تخلو من متاعب جمة. التحدي الأول أن تخاطب سجان زوجها، والمتسبب في موته، فلا تتردد في توجيه تحذير مضمونه أن الأبناء يواصلون السير على دروب الآباء، بعدما يقضون في مواجهتهم مع المحتل. أما ثاني التحديين - وهو الأصعب، وفق تقديري - فهو أن تكظم غيظها، وتقدم مصالح شعبها، فتكبح نزعة الانتقام للزوج الراحل، ولا تسمح لها أن تجمح، ثم تطلق صيحة العقل المعطرة بأريج حزن قلب مجروح؛ «لا نريد من يضرب الصواريخ وتُضرب غزة بعدها... لا نريد أن تراق قطرة دم». ذلك نداء عقل سوف يُسجل للسيدة رندة موسى، رفيقة درب خضر عدنان، في وثائق التاريخ، وسوف يكون موضع تقدير كل ذي ضمير.

كم حري بقيادات فصائل المقاومة، بمختلف تياراتها، أن تتأمل نداء رندة خضر عدنان، وأن تتدبر في ندهة أمٍ مكلومة، لم يحل حزنها العميق دون توجيهها كلمة ترتفع بها فوق جرحها الذاتي، فتقدم مسؤولية أمان شعبها وأمنه، سواء في قطاع غزة، أو الأراضي الفلسطينية كافة، على أي شأن آخر. قبل أن يقع سهو، أو نسيان، خلال الاستطراد في المقال، يقتضي الإنصاف الموضوعي القول إن قيادة حركة «الجهاد الإسلامي»، سارعت إلى التجاوب مع مطلب زوجة الراحل، فأوقفت إطلاق صواريخ بدأ فور إعلان الوفاة، وأدى، بالطبع، إلى قصف إسرائيلي على مناطق سكنية في غزة، فأودى بحياة رجل مسن. هذا التجاوب يستحق أن يُسجل لحركة «الجهاد الإسلامي»، عندما تُراجع وثائق التاريخ، وتُدرس مواقف الحركات والفصائل الفلسطينية في التعامل مع مطالب قواعدها الشعبية.

وحري كذلك بالعقلاء، إن كانوا موجودين، بين ساسة إسرائيل الحاليين، أن يكفوا عن وهم أن يقبل عموم الفلسطينيين أي سلام غير شامل لحقهم في دولة تتمتع باستقلال حقيقي كامل، فوق جزء من وطنهم الذي انتُزع منهم قبل 75 عاماً. لن يتحقق العدل، ولن ينهض السلام القابل للاستمرار، إنْ لم يستطع المحتل الإسرائيلي تقبل حقيقة أن بالوسع إخراج الفلسطيني من أرض أجداده بالقوة، ولكن ليس من قوة، أياً كانت، مهما بلغت، ومهما تجبرت، تستطيع أن تضع فلسطين خارج قلوب أهلها الطبيعيين، يتوارثون رباط الانتماء إليها جيلاً بعد جيل.

فقط، حين يتوصل غلاة متطرفي النهج الصهيوني، وليس المعتدلين في أوساط بني إسرائيل، إلى ضرورة التوقف عن إنكار ورفض حقائق ترجع جذورها إلى ما قبل تلقي موسى (عليه السلام) التوراة ومجيء الديانة اليهودية، وتؤكد أن شعب فلسطين وُجد على هذه الأرض، وزرع تربتها، وأقام قرى ومدائنَ على ضفاف وديانها، وشواطئ سواحلها، وتخوم جبالها، حتى يتم ذلك فعلاً، وليس قولاً فحسب، سوف تبقى المواجهات قائمة حيثما أمكن إشعال أوارها، ومن بينها معارك «الأمعاء الخاوية»، التي يلجأ إليها الأسير الفلسطيني اضطراراً، بعدما يتجاوز سجانوه كل مدى في الظلم، فيجيز لنفسه الجوع المفضي للموت. رحم الله خضر عدنان، وشدَّ أزر رندة، وأبنائها، وربط على قلوبهم جميعاً.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صدقت زوجة خضر عدنان وأصابت صدقت زوجة خضر عدنان وأصابت



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:11 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
  مصر اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 11:23 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
  مصر اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 04:54 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

الجيش السوري يعلن وصول تعزيزات كبيرة لمدينة حماة
  مصر اليوم - الجيش السوري يعلن وصول تعزيزات كبيرة لمدينة حماة

GMT 10:32 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

ياسمين رئيس في لفتة إنسانية تجاه طفلة من معجباتها
  مصر اليوم - ياسمين رئيس في لفتة إنسانية تجاه طفلة من معجباتها

GMT 11:08 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
  مصر اليوم - الكشف عن قائمة بي بي سي لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 23:04 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

رونالدو يحرز الهدف الأول لليوفي في الدقيقة 13 ضد برشلونة

GMT 06:59 2020 الأربعاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تونس تتأهل إلى نهائيات "أمم أفريقيا" رغم التعادل مع تنزانيا

GMT 05:53 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

موضة ألوان ديكورات المنازل لخريف وشتاء 2021

GMT 09:41 2020 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

حسام حسن يعلن قائمة الاتحاد السكندري لمواجهة أسوان

GMT 03:51 2020 الأحد ,18 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الدفاع يشهد المرحلة الرئيسية للمناورة ”ردع - 2020”

GMT 04:56 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

فنادق تعكس جمال سيدني الأسترالية اكتشفها بنفسك

GMT 23:44 2020 الأربعاء ,09 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تغلق التعاملات على تباين

GMT 11:46 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

جوارديولا يهنئ ليفربول بـ كأس الدوري الإنجليزي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon