توقيت القاهرة المحلي 03:55:34 آخر تحديث
  مصر اليوم -

توقعات عالية... صدمات مؤلمة

  مصر اليوم -

توقعات عالية صدمات مؤلمة

بقلم:بكر عويضة

ليس الأمر حكراً على قوم، ولا ينحصر في مجتمع معيّن، أو ثقافة بعينها، بل هو إحدى سمات الطبع الإنساني، فهو موجود لدى البشر أجمعين، لا فرق بين عِرق وآخر، تجده حاضراً في المجتمعات كلها، وأيضاً فيما يمس حياة الناس بصفتهم أفراداً، فتلحظه في تقلّبات أمزجتهم، وفي تغيّرات مواقفهم، وقرارات يتخذونها في ضوء أمانيهم، وسرعان ما يعضون أصابع الندم، بعد اكتشافهم الوقوع في شِراك التسرّع، بالانسياق وراء توقعات بالغوا في تقدير حجمها. نعم، يحصل أمرٌ مثل هذا فور إطفاء أنوار احتفالات توديع عام انقضى، وبدء التعامل مع عام جديد حلّ خلفاً للراحل، فترى البعض، في مختلف أنحاء الأرض، يسارع إلى رفع سقف توقعات المُنتَظر من حلو الأماني، فإذا تمخض الحلم، بعد انقضاء بضعة أسابيع، أو أشهر، عن نقيض ما تمنّت الأنفس، تراهم مذهولين لشدة آلام صدمات خيبة الأمل التي يواجهونها.

وصلاً لما تقدّم، ربما يمكن القول إن الشعب الفلسطيني يتقدّم شعوب العالم المُعرَّضة لاحتمال المبالغة في توقع الآتي مع عام 2025، وأعني بشكل محدد منكوبي قطاع غزة. سبب ذلك أن هول الثمن الفادح الذي تحمّل الغزاويون، ودفعوه بدمائهم، ودمار عمرانهم، جرّاء هجوم «طوفان الأقصى»، فاق كل تصوّر. ولأن عام 2024 مضى ولم يتحقق أدنى تقدم بشأن التوصل إلى وقف إطلاق نار يدوم بضعة أشهر، ويتيح للمهجّرين العودة إلى بيوتهم، أو ما تبقى منها، فمن الجائز الافتراض أن أهل غزة تحديداً يحق لهم رفع سقف التوقعات على نحو يخفّف، ولو نفسانياً، من قسوة معاناتهم التي تجاوز سقفُها كل حد ممكن الاحتمال، وفق تقارير ممثلي المنظمات الدولية كافّة. لكن الذهاب بعيداً في التوقع، خصوصاً إنْ لم يستند إلى حقائق قائمة على أرض الواقع، فلن يفيد على الإطلاق. يصح هذا في الشأن الفلسطيني كما في غيره، كما الشأن السوري، مثلاً.

ضمن سياق ما تقدّم، ربّ قائل إن التَوَقُّع المتفائل بإمكانية تغيير الواقع السوري خلال عام 2025 تغييراً جذرياً إلى الأفضل مبرّر ومطلوب. أما أنه مطلوب فذلك صحيح تماماً. وأما كونه مبرراً فهو التبرير المتماهي عادة مع المنطق العاطفي للثورات، وليس القائم على أساس واقعي. ألم يقع شيء من هذا القبيل عند انطلاق انتفاضات ما سُمي «الربيع العربي» مطلع عام 2011؟ بلى. وماذا كان الحصاد؟ باستثناء مصر وتونس، كاد الخراب ينعق في كل أركان المجتمعات التي شهدت تلك الانتفاضات. لقد تحقّق الاستقرار في البلدين نتيجة سرعة تطويق محاولات تغيير هوية المجتمع المدني، ثم إفشال مخططات تفكيك بنية الدولة العميقة. بالطبع، العرب ليسوا وحدهم المعرّضين للمبالغة في رفع سقف التوقعات، ثم مواجهة الصدمات المؤلمة بعدما يفشل ساسة راهن عليهم عامة الناس في تحقيق توقعاتهم. في هذا الصدد، يمكن ضرب مثال بسياسيين كثر حول العالم يستعدون لتسلّم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مفاتيح البيت الأبيض، منتظرين قرارات يتخذها تتفق مع مصالح تخصهم، فهل يقع البعض منهم في خطأ المبالغة في التوقع ثم يحصد خيبة الأمل؟ مُقبل الأيام كفيل بإعطاء الجواب.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

توقعات عالية صدمات مؤلمة توقعات عالية صدمات مؤلمة



GMT 19:51 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

الموازنة والـمئة دولار !

GMT 09:00 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

هل مع الفيروس الجديد سيعود الإغلاق؟

GMT 08:25 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

التغيير في سورية... تغيير التوازن الإقليمي

GMT 08:24 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

هذه الأقدام تقول الكثير من الأشياء

GMT 08:23 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أحاديث الأكلات والذكريات

GMT 08:23 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

كبير الجلادين

GMT 08:21 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

سوريا... والهستيريا

GMT 08:20 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

جرعة تفاؤل!

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله
  مصر اليوم - إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 19:55 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أحمد مكي يخلع عباءة الكوميديا في رمضان 2025
  مصر اليوم - أحمد مكي يخلع عباءة الكوميديا في رمضان 2025

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

GMT 00:03 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

بايدن يُكرم ميسي بأعلى وسام في أمريكا

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 13:37 2020 الأحد ,24 أيار / مايو

الفيفا يهدد الرجاء المغربي بعقوبة قاسية

GMT 12:48 2020 الثلاثاء ,19 أيار / مايو

أسعار الذهب في مصر اليوم الثلاثاء 19 مايو

GMT 16:51 2020 الثلاثاء ,31 آذار/ مارس

إصابة طبيب رافق بوتين في جولة "فيروس كورونا"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon