توقيت القاهرة المحلي 16:08:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الجالية الليبية في بنغازي

  مصر اليوم -

الجالية الليبية في بنغازي

بقلم:بكر عويضة

أَوَيُعقل أن يصبح، أو يمسي، مواطنو أي مدينة مجرد جالية في مدينتهم، وربما في وطنهم؟ الإجابة، منطقياً، هي: كلا بالطبع. إنما أرجع لاحقاً إلى شرح عنوان المقالة أعلاها. حقاً، منذ بعيد الأزمان، تنبّه أناس ذوو حكمة إلى أن إحدى حقائق الكون تتجلى في مرور الزمن بأسرع من المتوقَّع. ضمن السياق ذاته، ثمة مَن رأى أن طيّ القرون الأشهُرَ وعقودَ السنين يحدث كي يجري تداول الأيام بين الناس، وبالتالي مواقع النفوذ بين الدول، وفق تدبير هو فوق قدرات البشر. أحياناً يوصل فهمٌ كهذا إلى اقتناعٍ بأن الأحداث؛ سواء الكبرى منها، بمعنى المستمرة ذات التأثير ردحاً من الزمن طويلاً، وحتى الخفيف بينها، أي العابر كما سحب الصيف، ليست مجرد صُدف عابرة، قَدْرَ ما أنها قَدَرٌ سوف يتعين على الشعوب المعنية بها التعامل معه، وقد تتمتع بمذاقِ حلوِها بعضاً من وقت، ثم تذوق مُرَّها لاحقاً، فتدفع أثمانها الباهظة سنين من حاضر ومستقبل أجيالها. الحدث الذي أطاح حكم الملك محمد إدريس السنوسي، وأسقط المملكة الليبية المتحدة، على يد ضابط برتبة ملازم أول يُدعى معمر القذافي، قبل خمسة عقود وخمس سنوات من نهار الأحد المقبل، واحدٌ من تلك الأحداث فعلاً.

كانت ليبيا الملكية تعطي فلسطين، ومجمل القضايا العربية، قدر استطاعتها قبل اكتشاف ثروتها النفطية. وكانت علاقات الليبيين بمواطني دول الجوار العربي؛ مصر شرقاً، وتونس والجزائر غرباً، والسودان جنوباً، على قدر عالٍ وطبيعي من العفوية. يمكنني القول إنني عشت تلك الأجواء النقية قبل «فاتح» معمر القذافي بأكثر من عام ونصف العام. إنما؛ قد يُثار هنا سؤال خلاصته: لماذا لقي انقلاب 1969 ترحيب أغلب الليبيين، وكذلك ترحيب العرب المجاورين، بل والبعيدين؛ بدءاً بالعراق، مروراً بسوريا، ووصولاً إلى لبنان؟ ضيق المساحة لن يفسح المجال للتوسع في إجابة تشرح كيف حصل التلاقي بين مصالح الغرب النفطية تحديداً، وبين طموح ثوري يسعى لإطلاق سراح العربي القابع في قمقم الهزيمة. بدا طبيعياً، يومذاك، أن يصفق عرب كثيرون، كنتُ أحدهم، للشاب معمر القذافي؛ الثائر على هزيمة 1967، تماماً كما صفق كثيرون استبشاراً بجمال عبد الناصر؛ الثائر على نكبة 1948.

الأرجح أن باقي القصة معروف. باختصار؛ طفق العقيد القذافي يكرر خطاب الدعوة إلى الوحدة العربية، وأخذ يلح على العرب في المجيء إلى ليبيا؛ إذ بدا أنه يعرف مسبقاً مدى تأثير هذا الأمر في مجتمعات عربية تعاني سوء أوضاع اقتصادية، وكانت النتيجة أن بلداتِ ومدنَ ليبيا بدأت تزدحم بالوافدين العرب بشكل فوضوي، الأمر الذي زاد على الحد المقبول، فانقلب إلى الضد المنفّر، وبدأ ينشأ نوع من التوتر، ولو غير المقصود، بين العرب الوافدين ومضيفيهم الليبيين، وإذ تلك هي الحال، تفتّق ظُرف بعضهم ذات عيد من أعياد انقلاب معمر القذافي، فأطلق دعابة بأن أهل بنغازي أبرقوا للعقيد ساخرين: «الجالية الليبية في بنغازي تهنئكم بعيد الثورة». طبعاً، حتى القذافي ذاته لو سمع بهذه الطرفة آنذاك، فلربما حاول الضحك، لكنه؛ لو أفلح، لكان حَقَّ فيه القول: إنه ضحك كالبكاء.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجالية الليبية في بنغازي الجالية الليبية في بنغازي



GMT 09:09 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 09:05 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 09:04 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 09:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 09:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 09:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 08:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 08:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon