توقيت القاهرة المحلي 02:21:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عن بلال الحسن ومعاناة المُستقل

  مصر اليوم -

عن بلال الحسن ومعاناة المُستقل

بقلم:بكر عويضة

شهد السبت الماضي احتضان التراب جثمان بلال الحسن، الصحافي والكاتب والسياسي المعروف. جرى التشييع والدفن، في الرباط، عاصمة المملكة المغربية التي ارتبط بها آل الحسن، بدءاً بعميدهم خالد (أبو السعيد) شقيق بلال الأكبر، ارتباط امتنان، إذ إن العاهل المغربي الراحل، الملك الحسن الثاني، خص الأسرة برعايته بعد مغادرتها الكويت، إثر إقدام رئيس العراق، يومذاك، صدام حسين، على كارثة الغزو، في مثل هذه الأيام قبل أربع وثلاثين سنة. بيد أن ما بين كبار رموز العمل السياسي في بيت الحسن، وهم أبو السعيد، وأبو طارق (هاني)، ثم أبو فراس (بلال)، وبين المغرب، يتجاوز عاطفة العلاقات بين الأشخاص والبلدان والناس، ليشمل لقاء عقول تجمعها نقاط ارتكاز مشتركة، في مقدمها الاعتدال، ونبذ أشكال التطرف بكل تياراتها، وفي مختلف الساحات، ومنها ساحة فلسطين، خصوصاً أن المغرب يتولى رئاسة لجنة القدس منذ انبثاقها عن منظمة المؤتمر الإسلامي بجدة عام 1975، ولذا بدا طبيعياً أن يتواصل دفء علاقة بيت الحسن الفلسطيني بالمغرب، بلداً وشعباً، في عهد الملك محمد السادس، المُحْتفَل هذه الأيام باليوبيل الفضي لتسلمه الحكم.

في الجانب الشخصي، عرفتُ الأستاذ بلال الحسن، الراحل الكبير، قدراً وفكراً، من قبل أن تجمعني وإياه محطة حلوله بين كوكبة كبار كُتّاب جريدة «الشرق الأوسط» أثناء تولي الأستاذ عثمان العمير رئاسة تحريرها. ساد العلاقة بيننا طابع الالتقاء على مفاهيم مشتركة منذ اكتشفنا معاً أن بدايات نشأة العقل السياسي لكلينا كانت عبر الانتماء إلى تيارات الفكر القومي، والانخراط في صفوف النشاط المنتمي لها خلال منتصف ستينات القرن الماضي. لكن زمالتنا في «الشرق الأوسط»، عمّقت الصداقة بيننا رغم أن خبرة كل منا الصحافية كانت تستند إلى تجربتي عمل مختلفتي المنابع صحافياً. الركن الأهم الذي وضع أساس تعميق الصداقة هو احترام مبدأ الحق في الاختلاف، ليس فقط بين كاتب ومحرر يشرف على صفحات الرأي، وإنما ضمن النطاق الأوسع الشامل لمختلف مجالات الاهتمام المشتركة.

ضمن ذلك السياق، يمكنني القول إن تجربة بلال الحسن تشكل أحد أهم الأمثلة على معاناة كل صحافي، أو كاتب، أو سياسي، يعتمد مبدأ استقلال الموقف، خصوصاً بعدما يقرر الانسحاب الطوعي من العمل الحركي، أو الحزبي، أو الجبهوي، كما حصل مع بلال الحسن بعد استقالته من «الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين». استخلاص كهذا يتجاوز عنصر الشخص، إلى الظاهرة عموماً. ولعل من أشد جوانب معاناة كل ذي موقف مستقل، سواء في فلسطين، أو غيرها، حين يحصل تقارب، أو تلاقٍ، وأحياناً نوع من التطابق، بين موقف الصحافي، أو الكاتب، أو السياسي المستقل، وبين مواقف دول أو أحزاب. حينئذ يجد المستقل نفسه مضطراً لتأكيد استقلالية موقفه، وعدم التبعية لأي توجه رسمي، أو حزبي، محدد. من جهتي، واجهت أكثر من موقف ذاتي ضمن سوء فهم كهذا. يبقى القول إن ما تقدم ليس كافياً في وداع بلال الحسن، إنما أختم بأن أبا فراس رحل كما يرحل البشر أجمعين، أما الأثر فسوف يبقى متوهجاً، وهو الأهم من كل رثاء.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن بلال الحسن ومعاناة المُستقل عن بلال الحسن ومعاناة المُستقل



GMT 08:19 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

إيران بدأت تشعر لاول مرة بأن ورقة لبنان بدأت تفلت من يدها

GMT 07:29 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

الكتابة في كابوس

GMT 07:28 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان ليس «حزب الله»... وفلسطين ليست «حماس»!

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

جرائم حوادث السير في شوارعنا

GMT 07:26 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

نعم... وقت القرارات المؤلمة

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

حماية لبنان ليست في «القوّة»... أيّة «قوّة»

GMT 07:24 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

مرّة أخرى... الحنين للملكية في ليبيا وغيرها

GMT 07:23 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

مقتل السنوار... هل يوقف الدمار؟

هيفاء وهبي بإطلالات متنوعة ومبدعة تخطف الأنظار

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:40 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

روبي و نيللي كريم معًا في رمضان 2025 بـ«ناقص ضلع»
  مصر اليوم - روبي و نيللي كريم معًا في رمضان 2025 بـ«ناقص ضلع»

GMT 20:41 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الفيشاوي ينفي تغيير كلمات أغنية "نمبر 2"

GMT 18:59 2020 الأربعاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة جونيور أجاي فى نهاية تمرين الأهلي وفحص طبي غدًا

GMT 06:30 2020 الإثنين ,26 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الدواجن في مصر اليوم الإثنين 26تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 06:09 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

محمد هنيدي يكشف حقيقة سخريته من الراقصة البرازيلية لورديانا

GMT 17:50 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

أهم وأبرز إهتمامات الصحف الليبية الصادرة الثلاثاء

GMT 05:52 2020 الثلاثاء ,19 أيار / مايو

محمد حماقي ينعى الشيخ صالح كامل

GMT 23:14 2020 السبت ,07 آذار/ مارس

أسعار الحديد في مصر اليوم السبت
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon