توقيت القاهرة المحلي 11:31:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

زلزال 5 يونيو... هناك كثير يُقال

  مصر اليوم -

زلزال 5 يونيو هناك كثير يُقال

بقلم - بكر عويضة

بدءاً، الأمانة توجب القول إن صيغة عنوان المقال ليست من عندي كُلياً، بل هي مستوحاة من كاتب صحافي كبير وضع عنواناً هو التالي: «يا يوم الخامس من يونيو... ليس هناك ما يُقال»، وجعله على رأس عامود في الصفحة الأولى من جريدته، التي كان مدير تحريرها، فيما ترك المساحة تحت العنوان بيضاء تماماً. حصل ذلك نهار الأربعاء الموافق للخامس من يونيو (حزيران) 1968، يوم مرور أول سنة على الكارثة. أما الجريدة فتحمل اسم «الحقيقة»، وهي آنذاك إحدى أهم الصحف اليومية في ليبيا الملك محمد إدريس السنوسي، والأوسع انتشاراً بينها، وأما واضع عنوان المساحة البيضاء، فهو رشاد بشير الهوني، الكاتب الليبي، والصحافي صاحب الرؤى التي كانت تستشرف المستقبل، وتتطلع إلى الغد الأفضل، ليس صحافياً فحسب، وإنما في الحقول كلها، الذي غادرنا فجأة قبل ثلاثين عاماً (2/10/1993) بينما هو شاب لم يشِب الرأس منه كثيراً، بعد، ولم يتجاوز السادسة والخمسين، وكان في عز الحماسة لأكثر من مشروع إبداعي جديد.

يا للمفارقة؛ أكتب مساء أول من أمس (الاثنين) في الذكرى السادسة والخمسين لاندلاع حرب انفجر بركانها فجر يوم اثنين أيضاً من عام 1967، فأستحضر الراحل عن 56 عاماً، ليس بقصد الحديث عن الرجل ذاته، وإنما الغرض تأثير حدث خطير، على جيله، وبالطبع جيلي، بشكل عام. بَيد أن الأصح هو القول إنه كان الحدث الأخطر عند تناول أهم أحداث قرن مضى شهدتها الأرض العربية، بدءاً بما يُسمى «الثورة العربية الكبرى»، كما توثق سجلات تاريخ المنطقة، مروراً بضياع ثلثي أرض فلسطين، وقيام إسرائيل فوقها، وصولاً إلى احتلال ما بقي منها تحت حكم عربي، حتى وقوع حرب الستة أيام، إضافة لاحتلال مرتفعات الجولان السورية. مع عرض هذا التسلسل الموجز، الموصل إلى الكارثة، سوف يتجلى أول قفز عن الحقائق بشأن ما تضمن ذلك العنوان الصارخ بغضب: «يا يوم الخامس من يونيو... ليس هناك ما يُقال». الحق أن الذي حصل ذلك اليوم، كان يوجب أن يُقال الكثير مما لم يُقل من قبل، وأدى، بالتالي، إلى وقوع كارثة بدأت بفضيحة انقضاض طائرات إسرائيل على مطارات مصر العسكرية، التي يُفترض أنها سرية، حيث كانت تربض طائرات سلاح الطيران، فتدمرها جاثمة على أرضها. واضح، أن ضربة إسرائيل القاضية تلك لم تكن مجرد صدفة. فكيف، إذن، ليس هناك ما يُقال.

مع ذلك، من المهم تذكر أن صيحة ذلك العنوان كانت تعبّر عن مرارة وألم اختلطا معاً، فوُلِد من رحمهما إحساسُ غضب اعترى المواطن العربي كإنسان يرى بالعينين هول الكارثة، ويسمع حد الصمم، صدى ارتداداتها، فأصيب بما يجوز القول إنه القرف من كل شيء أوصل إليها، وأجاز للنفس الاكتفاء بصمت أطبق على الحواس كلها. عشية الذكرى، مساء الأحد الماضي، جمع عشاء في بيت صديق مضياف، أتجنبُ ذكر اسمه لأنني لم أستأذنه، يجتمع عنده بين وقت وآخر، عدد من الأصدقاء من شرائح أعمار تختلف أجيالها، وديار من مشارق الأرض ومغاربها، وتوجهات أفكار تتباين آفاقها، فأتى النقاش على جوانب عدة مما نعيش في زمن تطور تقني متلاحق يركض بسرعة يصعب على مختلف الناس أن تواكبها، ثم على نحو غير مفاجئ إطلاقاً، بل بدا طبيعياً، جرى ذكر كُتّاب ومفكرين وشعراء عرب رحلوا قبل بضع سنين، بعدما تركوا وراءهم إسهامات جداً مهمة، وفي الآن نفسه مثيرة لكثير جدل، خصوصاً ما يتعلق منها بقضايا الهوية والانتماء والعلاقة مع الآخر.

خلال تبادل وجهات النظر حول مائدة ذلك العشاء، اختلفت الآراء بشأن تقييم مواقف وإسهامات وآراء تلك القامات العربية، تحديداً فيما يتعلق بالموقف من هزيمة 1967. في مداخلة لي، قلت ما خلاصته إن وقع الكارثة كان شديداً، سواء بين النُخب، أو عموم الناس. البعض لم يستطع تقبّل الذي حصل من منطلق أنه مرحلة، وأن ما احتُل من أرض سوف يُسترجع ذات يوم، ومن ثم مضى بعضهم أبعد في رفض الهزيمة إلى حد الغضب على الذات العربية، وفي حالات محددة إلى درجة احتقارها، بل وكرهها. تلك حالة ليست صحية، بأي حال، وهي لم تزل قائمة، بل لعل استمرارها يؤكد أن في تركة خامسَ حزيران 1967 هناك كثير يجب أن يُقال.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

زلزال 5 يونيو هناك كثير يُقال زلزال 5 يونيو هناك كثير يُقال



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:11 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
  مصر اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 11:23 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
  مصر اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 04:54 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

الجيش السوري يعلن وصول تعزيزات كبيرة لمدينة حماة
  مصر اليوم - الجيش السوري يعلن وصول تعزيزات كبيرة لمدينة حماة

GMT 10:32 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

ياسمين رئيس في لفتة إنسانية تجاه طفلة من معجباتها
  مصر اليوم - ياسمين رئيس في لفتة إنسانية تجاه طفلة من معجباتها

GMT 11:08 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
  مصر اليوم - الكشف عن قائمة بي بي سي لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 23:04 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

رونالدو يحرز الهدف الأول لليوفي في الدقيقة 13 ضد برشلونة

GMT 06:59 2020 الأربعاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تونس تتأهل إلى نهائيات "أمم أفريقيا" رغم التعادل مع تنزانيا

GMT 05:53 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

موضة ألوان ديكورات المنازل لخريف وشتاء 2021

GMT 09:41 2020 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

حسام حسن يعلن قائمة الاتحاد السكندري لمواجهة أسوان

GMT 03:51 2020 الأحد ,18 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الدفاع يشهد المرحلة الرئيسية للمناورة ”ردع - 2020”

GMT 04:56 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

فنادق تعكس جمال سيدني الأسترالية اكتشفها بنفسك

GMT 23:44 2020 الأربعاء ,09 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تغلق التعاملات على تباين

GMT 11:46 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

جوارديولا يهنئ ليفربول بـ كأس الدوري الإنجليزي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon