توقيت القاهرة المحلي 17:00:34 آخر تحديث
  مصر اليوم -

خطر نتنياهو يهدّد إسرائيل

  مصر اليوم -

خطر نتنياهو يهدّد إسرائيل

بقلم - بكر عويضة

التحذير أن مواقف نتنياهو، وحكومته بالطبع، إزاء القضاء الإسرائيلي تشكل خطراً يهدد إسرائيل ككيان، ليس من عندي، بل هو صادر عن ذوي عقول بين قوم بنيامين نتنياهو نفسه، ثم إنه لاقى تأييد أطراف غير إسرائيلية ليس ثمة جدال في حرصها على استمرار وجود دولة إسرائيل، منذ قيامها على أرض الفلسطينيين، مع الأخذ في الاعتبار أن بعض كبار رموز تلك الأطراف يعارض، إما جهراً عبر مختلف المنابر الدولية، أو سراً خلف أستار الكواليس، حروب توسع إسرائيل وراء حدودها، وإصرار حكوماتها على سياسات بناء مستوطنات تؤوي مستوطنين فوق أنقاض منازل توثق مستندات ملكية العقار، وسجلات «الطابو» منذ الزمن العثماني، أنها مملوكة لفلسطينيين، بل وأسوأ من ذلك أن الزحف الاستيطاني أزال قرى فلسطينية بأكملها من الوجود الملموس، ولو فشل، وسوف يفشل دائماً، في إزالتها من ذاكرة صامدة تسكن قلوب سكانها الأصليين، جيلاً بعد جيل. أتراها محض مصادفة أن ينهض جمع يضم مائة مؤرخ إسرائيلي يحذر من خطر نتنياهو الذي يهدد وجود إسرائيل، ثم يتردد صدى التحذير فتصدع به صحيفة بأهمية «الغارديان»، وجريدة بتأثير «فايننشال تايمز»، اللندنيتين؟ كلا؛ بكل تأكيد، ليست هذه مجرد مصادفة، بل الأرجح أن التاريخ سوف يثبت، لاحقاً، أن صيحة ذلك الجمع المتميز كانت جرس إنذار يُدَق قبل فوات الأوان.

ورد في صيحة الإنذار تلك قول المائة مؤرخ ما يلي: «نحن كمؤرخين يبحثون في تاريخ الشعب اليهودي، نتابع تواصل وجوده، ومميزات الدولة، وصورة المجتمع في إسرائيل في السياقات الواسعة: صورة الوضع مثيرة جداً للقلق. ومنذ بداية وجودها لم تحدث في دولة إسرائيل أزمة عميقة بهذا الشكل، ينطوي بداخلها خطر داهم على وجود الدولة». لو أن توصيفاً كهذا لِما يواجه إسرائيل من المخاطر بسبب سياسات نتنياهو، نطق به طرف معادٍ أساساً لقيام الدولة الإسرائيلية، لكان صاحبه رُجم بحجر الحمق، وربما اتُّهم بالجاهز من تهم نمطية مثل «معاداة السامية». صحيح أن موقف المؤرخين الوارد أعلاه يتصدى تحديداً لما يزعم نتنياهو أنه «خطة إصلاح قضائي» تتحدى بشكل خاص صلاحيات المحكمة العليا في إسرائيل، وأن لهذا التحدي علاقة مباشرة بملفات قضائية تواجه شخص نتنياهو، إنما من الصحيح أيضاً التذكير بحقيقة أن خطر تطرف رئيس الوزراء الإسرائيلي، وتيار اليمين المتشدد الذي ينتمي إليه، إضافةً إلى التيار الأكثر تشدداً الذي تحالف معه في تأليف حكومته الحالية، هو أساس المنهج القائم عليه هكذا خطر أصلاً، وهو منهج يصرح عدد من رموزه المعروفين، خصوصاً منهم المنتمين لحركة «الصهيونية الدينية»، بأن هدفهم النهائي هو طرد مَن بقي من العرب على أرض فلسطين إلى خارج إسرائيل، من منطلق تأكيد ما يسمونه «نقاء وطن اليهود القومي»، وفرض «يهودية الدولة العبرية» فرضاً.
إزاء هكذا واقع يبدو واضحاً لكل ذي عقل أنه بعيد كل البعد عن منطق المعقول، من الطبيعي أن تصدع أصوات ذوي ألباب فتحذر من مغبة الانسياق وراء تطرف التشدد اليميني، بينها ما تضمنه مقال كتبه جوناثان فريدمان، ونشرته صحيفة «الغارديان» في عددها الصادر السبت الماضي تحت عنوان: «نتنياهو تهديد وجودي لإسرائيل، يمكن مقاومته لكن فقط بدعم فلسطيني». في مقاله هذا، نسب فريدمان إلى دانيال كانيمان، المفكر الإسرائيلي، وعالم الاقتصاد الحائز على جائزة «نوبل» في الاقتصاد، رأياً بشأن خطة نتنياهو تلك تضمن القول: «إنه محض رعب، وهذا أسوأ تهديد لإسرائيل منذ عام 1948».
واضح تماماً، إذنْ، كم يشكل النهج المتطرف الذي يقوده بنيامين نتنياهو في التعامل مع الشأن الإسرائيلي ذاته، من خطر على مستقبل إسرائيل كدولة. عبرت عن ذلك بوضوح المدعية العامة الإسرائيلية، غالي باهراف ميارا، في رسالة منها إلى نتنياهو، نشرت ملخصاً لها جريدة «فايننشال تايمز» السبت الماضي، وتضمنت تحذيرها التالي: «السلطة الحكومية غير المنضبطة وصفة مضمونة لانتهاك حقوق الإنسان والحكم الرشيد».
يبقى القول إن كل ما تقدم من تحذيرات إسرائيلية مهم جداً، لكنه لن يلغي حقيقة أن الخطر الحقيقي على مستقبل «حلم إسرائيل» بدولة مؤسسات آمنة، سوف يظل قائماً ما دام أن الظلم الواقع على الشعب الفلسطيني قائم. أمَا حان الوقت للكف عن خداع الذات الإسرائيلية قبل غيرها؟ بلى، لقد آن منذ زمن بعيد، ولكن عناد التجاهل مستمر أيضاً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خطر نتنياهو يهدّد إسرائيل خطر نتنياهو يهدّد إسرائيل



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:36 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 08:09 2024 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

مميزات كثيرة لسيراميك الأرضيات في المنزل المعاصر

GMT 05:00 2024 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

بوجاتي تشيرون الخارقة في مواجهة مع مكوك فضاء

GMT 05:50 2024 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

تسلا تنشر صور للشاحنة سايبرتراك باختبار الشتاء

GMT 13:06 2021 الأحد ,03 تشرين الأول / أكتوبر

منة شلبي عضو لجنة تحكيم الأفلام الطويلة بمهرجان الجونة

GMT 20:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

رسميًا إيهاب جلال مديرًا فنيا لنادي بيراميدز
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon